حكم من بلغ سن البلوغ ولم يعلم وجوب الصوم
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/
الفتوى رقم :623
الســــــــــــؤال
قالت السائلة: ابنتي بلغت سن التكليف، السنة الماضية، ولم تخبرني، ولم تكن هي تعلم أحكام التكاليف ومنها: وجوب الصوم على البالغ. وهذه السنة علمتُ أنها بلغت. فما هو الواجب عليها؟ فهل تقضي رمضان السنة الماضية؟ وهل عليها كفارة؟ وماهي شروط وجوب الصوم؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: أقول للسائلة: كان الواجب عليك أن تُعلميها من قبل، من باب تحصين المتلقي، فالواجب على الأمهات أن يقمن بتوجيه بناتهن، عندما يقاربن سن البلوغ، كيف يتصرفن، استعدادا لواجب المرأة في الإسلام، فتجلس الأم مع ابنتها أو بناتها، وتقدم لهن دروسا توجيهية، عن واجب البنت إذا بلغت، وماهي علامات البلوغ، وكيف تغتسل وتتوضأ، وكيف تصلي؟ بأسلوب تربوي حكيم، وإذا كانت الأم لاتفقه ذلك، تأخذ بنتها إلى مرشدة في حلقات خاصة ويتفقهن في مسائل العبادات والاجتماعيات. فمن واجب الأب أن يُفقه الأبناء، ومن واجب الأم أن تفقه البنات. وإن كان هذا واجب المدرسة والمتوسطة، ولكن الملاحظ أن مؤسسات التعليم لا تستطيع القيام بالواجب كاملا، أي: في مناهجها، وطرائقها شيء من التقصير، من حيث الفقه، والتعليم المعرفي، ومن حيث الأخلاق أكثر، وعلى هذا فإن الوالدين يتحملان المسؤولية كاملة في التربية والتفقيه والتعليم والأخلاق.. فما هو الذي يحب أن يتعلمه الابن والبنت قبيل سن البلوغ؟ 1 ـ اللباس، 2 ـ والنوم، ففي الحديث.[مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ]، 3 ـ الاستئذان، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (سورة النور:59) 4 ـ الطهارة كالغسل والوضوء والتيمم،5 ـ فقه الصلاة، 6 ـ أحكام الصوم، 7 ـ آداب الكلام، 8 ـ حفظ شيء من القرآن،.. 9 ـ الأدعية. 10 ـ آداب الأكل. ورد في الأثر من أقوال الحكماء:{عليك بابنك لاعبه سبعا وأدبه سبعا وصاحبه سبعا ثم اترك حبله على غاربه}فمما يجب على الوالدين والمعلمين، تحصين الأطفال، وإعدادهم للرجولة، بما شرع الله تعالى، وتفقيههم الأحكام التكليفية والأخلاق الحسنة. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قالت السائلة: (فما هو الواجب على ابنتها؟ فهل تقضي رمضان الذي أفطرته السنة الماضية ولم تكن تعلم؟ وهل عليها كفارة؟) والجواب: أنها تقضي عدد الأيام التي أفطرتها، وليس عليها كفارة، لأنها لم تكن تعلم أحكام التكاليف الشرعية. فالبنت التي بلغت ولم تصم أخطأت لجهلها، وكذلك أمها التي لم تعلمها ولم تحصنها بالتربية والتعليم أخطأت. قال الله تعالى:﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (سورة الأحزاب:5) والآية نزلت في النهي عن التبني، ولكن فيها عموم العفو عن الخطأ والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائلة وما شروط وجوب الصوم؟ شروط وجوب الصوم: البلوغ، والعقل، ودخول رمضان، والاستطاعة، والحضور فإن كان المسلم مسافرا لايحب عليه الصوم، وأن تكون المرأة غير حائض ولا نفساء، لأن الحائض والنفساء لا يصومان ولا يصليان ويقضيان الصوم ولا يقضيان الصلاة. قال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة:{ولا صيام على الصبيان حتى يحتلم الغلام، وتحيض الجارية، وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان فريضة. قال الله سبحانه {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا}. وفي القوانين الفقهية لابن جزي، قال:{الْبَاب الأول. فِي شُرُوط الصّيام وَهِي سِتَّة الْإِسْلَام، وَالْبُلُوغ، وَالْعقل، وَالطَّهَارَة من دم النّفاس وَالْحيض، وَالصِّحَّة، وَالْإِقَامَة، فَأَما الْإِسْلَام فَهُوَ شَرط فِي وُجُوبه على الْخلاف فِي مُخَاطبَة الْكفَّار بالفروع وَهُوَ شَرط فِي صِحَة فعله بِإِجْمَاع وَفِي وجوب قَضَائِهِ أَيْضا}(أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن أَحْمد بن جزي الْكَلْبِيّ الغرناطي. توفّي شَهِيدا فِي وَاقعَة طريف سنة 741ه وَكَانَ مولده سنة 693ه) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.