علاقة العلمانيين بالقرآن الكريم
أ. عبد القادر قلاتي/
كنت دائماً أتساءل عندما أسمع بعض المثقفين العرب، في محاضراتهم؛ وهم يقرؤون نصوصاً من القرآن الكريم، كيف تجد أحدهم يتكلم عربية سليمة صحيحة وهو يحاضر في شتى المجالات والأفكار، فإذا اقتضى الأمر الاستشهاد بآية قرآنية، تلعثم وتحولت كلمات الآيات المقروءة بلسانه إلى غير منطوقها السليم، وأصبح هذا الأستاذ الأكاديمي الباحث؛ يتأتئ الكلمات وكأن به تشوها خلقيا في نطقه، ويلاحظ كلّ من يسمعه في الحالتين؛ -تكلمه السليم في حالة نطقه اللغة العربية، وتلعثمه عند تلاوته للآيات القرآنية – بونا شاسعا من حيث نطق المفردات اللغوية، مع أنّها -أي هذه المفرادات – تنتمي إلى لغة واحدة، فما الذي يحدث له -أي هذا الباحث أو المثقف – من تغير يلاحظه كلّ من يسمع نطقه أو قراءته في الحالتين القريبتين زمانا والمنتميتين إلى مجال لغوي واحد؟، وهي حالة تكاد تنطبق على الكثير منهم، إلاّ حالات نادرة، يكون هذا الباحث أو ذاك قد تدرّب على حسن قراءة النّص القرآني (مثل المرحوم نصر حامد أبو زيد الذي كان يقرأ قراءة سليمة ويحفظ الكثير من نصوص القرآن)، وتمكن من قراءته قراءة سليمة من الأخطاء الجلية، لكن أبدا لا يسلم من الخفية منها، والجواب عن هذا يتمثل في حقيقتين أولاهما: حقيقة معرفية تتصل بالنّص القرآني ونظمه المختلف عن نظم أي نص لغوي آخر، وثانيهما: حقيقة نفسية تتصل بعين القارئ الذي لم يتمرس على قراءة نص يحتوي على نظم خاص، مختلف عن نظم النّصوص اللغوية العادية، والذي من خصائصه؛ الاعجاز والتحدي البلاغي، باعتباره نصاً فوق/تاريخي، لا تعبر عن مفاهيمه ومقاصده الدلالة اللغوية متمثلة في المفردة المفصولة عن السياق العام للنّص، إنمّا تعبر عن ذلك لفظة مخصوصة بخاصية الاعجاز والتفرد، تستقيم دلالتها في النظم المعبر حقيقة عن فحوى الآية القرآنية التي تساق تلاوة ترتيلاً وتجويداً، تجعله -أي النّص القرآني – صعب القراءة السليمة لمن لم يتمرس على هذا الفعل تعبداً واعتقاداً، وهو بعيد عن سلوك المثقف العلماني الذي تعوّد النّظر إلى التراث الديني نظرة دونية، ومع هذا يصرّ هذا المثقف (المتعلمن) على تفسير النّص الديني الذي لم يحسن قراءته. والله المستعان.