قضاء دين رمضان، وحكم من مات وعليه دين صوم
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com
الســــــــــــؤال
قال السائل: أصيب أبي بمرض في رمضان فأفطر ولم يشف إلا في النصف الأخير من شوال، فصام ستة أيام سنة شوال، ثم أجَّل القضاء، فأدركه الأجل فمات، وسؤالي: هل هو آثم لما أجل الصوم؟ وهل يجوز لي أن أصوم عنه؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: فالواجب على المسلم أن يبادر بالعمل الواجب إذا حان وقته، فالعبد لا يعلم متى أجله، بل ولا يعلم متى قيام الساعة. فكيف يكون على العبد دين من حقوق الله تعالى، أو من حقوق الناس، وهو قادر على قضائه، ولا يفعل؟
ففي الحديث، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: [بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ (مسلم:2947)
ثانيا: من عليه دين يبدأ بقضاء الدين قبل التطوع. من عليه صلوات يبدأ بقضاء ما عليه من الدين قبل النافلة، ومن عليه زكاة، أو ديون الناس، يقضي ما عليه قبل الصدقات التطوعية، ومن عليه قضاء دين رمضان، يبدأ بقضاء الدين قبل النوافل، ودون تأجيل.
وفي صحيح البخاري. باب: متى يقضى قضاء رمضان. قال سعيد بن المسيب في صوم العشر: (لا يصلح حتى يبدأ برمضان) أي سئل عن صيام العشر من ذي الحجة لمن عليه قضاء رمضان، فكان جوابه: (لا يصلح حتى يبدأ برمضان) والمراد بقوله (لا يصلح) أي: أن الأولى له أن يبدأ بالقضاء، لأن العبد يحاسب على الفرائض لا على النوافل. لو مات ولم يصم العشر، فلاشيء عليه، ولكن لو مات وعليه قضاء الدين يحاسب عليه.
ثالثا: قال السائل: (وهل يجوز لي أن أصوم عنه؟ أي عن أبيه) والجواب نعم، من مات وعليه صوم، صام عنه وليه. ففي الحديث. عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:[مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ] (البخاري:1952.مسلم: 1147) عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال:[نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى] (البخاري:1953)
قال ابن رشد، في بداية المجتهد:{وأما إذا مات وعليه صوم فإن قوما قالوا: لا يصوم أحد عن أحد. وقوم قالوا: يصوم عنه وليه. والذين لم يوجبوا الصوم قالوا: يطعم عنه وليه، وبه قال الشافعي. وقال بعضهم: لا صيام ولا إطعام إلا أن يوصي به، وهو قول مالك. وقال أبو حنيفة: يصوم، فإن لم يستطع أطعم، وفرق قوم بين النذر والصيام المفروض، فقالوا: يصوم عنه وليه في النذر، ولا يصوم عنه في الصيام المفروض.} (بداية المجتهد:2/62) ونرجح قول أبي حنيفة:{يصوم، فإن لم يستطع أطعم} والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: قال السائل: (هل هو آثم لما أجل الصوم؟) نرجو أن لايكون آثما، ولكنه لم يعمل بالأولى. قال الإمام وهبة الزحيلي:{وقت قضاء رمضان: ما بعد انتهائه إلى مجيء رمضان المقبل، ويندب تعجيل القضاء إبراء للذمة ومسارعة إلى إسقاط الواجب، ويجب العزم على قضاء كل عبادة إذا لم يفعلها فوراً} (الفقه الإسلامي:3/1735) وإذا قلنا: نرجو أن لايكون آثما، ولكنه لم يعمل بالأول أي:لم يعمل بالمستحب، فيكون القول إنه يكره لمن يتطوع بصوم، وهو عليه قضاء رمضان، عملا بالحديث: [بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ] والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.