فتاوى

حكم مخالفة قانون المرور، كإشارة (قف) أو المضاعفة في الممنوع

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/

الفتوى رقم :618

الســــــــــــؤال
قال السائل: كان الوقت ليلا، وظن أن الطريق خال، وإشارة (قف) حمراء، وهي تعني ممنوع المرور، ولكنه خالف القانون، ولم يتوقف، فجاءت سيارة من جهة الإشارة الخضراء وحدث الاصطدام، وقتل أحد الراكبين معه (مع المخالف). يقول: ماحكم هذا الخطأ؟ وما هو الواجب عليه؟

الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: اجتهاد الحاكم في تنظيم المجتمع: القوانين الوضعية تدخل في باب الاجتهاد، والعادات، والأعراف، ومنها قانون المرور، في كل مالا يخالف نصا شرعيا فهو من اجتهاد الحاكم، وما يتفق عليه القوم، ولا يجوز مخالفة الشريعة، في تنظيم المجتمع، في كل مالا يخالف الشرع، فالقانون الوضعي بمثابة ميثاق بين أفراد المجتمع، اتفقا مثلا على أن هذه اللافتة أي اللوحة الحاملة للقرار، قف، أو ممنوع الركن، أو ممنوع المرور، أو ممنوع المضاعفة، أو ممنوع التوقف، وهكذا كلها مسائل اتفق عليه أفراد المجتمع، وصارت بينهم ميثاقا، أو كعقد بينهم، والعقد شريعة المتعاقدين. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قانون المرور كالعقد الاجتماعي المفروض على كل أفراد المجتمع: يقول السائل: إنه خالف القانون، كانت إشارة (قف) حمراء ولم يتوقف، فجاءت سيارة من جهة الإشارة الخضراء وحدث الاصطدام، وقتل أحد الراكبين معه. قال: ما حكم هذا الخطأ؟ وما هو الواجب عليه؟
1 ـ هذا لايسمى خطأ وإنما هو خطيئة، لأنه عصيان متعمد، وهذا من باب القتل شبه العمد، ومسؤولية القتيل على هذا الذي تعمد مخالفة إشارة (قف) سواء كان الراكب معه، أو في السيارة الأخرى، التي كان من حق صاحبها المرور في أمن. وهذا القتل يسمى:{قتل شبه العمد} والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
2 ـ والواجب على المتسبب في حادث القتل، بمخالفة قانون المرور عن عمد: الصوم، صوم شهرين متتابعين، والدية ألف دينار ذهبي، والإثم على أن الفاعل تعمد الفعل. قال الله تعالى عن قتل الخطأ: ﴿وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ (سورة النساء:92) والدية في قتل الخطأ تشترك فيها العاقلة، عصبة المخطئ.فعن مالكٍ، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: [لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَقْلٌ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ، إِنَّمَا عَلَيْهِمْ عَقْلُ قَتْلِ الْخَطَإِ] (الموطأ:ت. عبد الباقيى) والدية يحددها القاضي وهو الذي يحكم في قدرها لأنه تبعض بقدر نسبة الخطأ، وفي قتل شبه العمد قد يحكم بالدية على الفاعل وحده وليس على العاقلة، عقابا على تعمده، والدية تغلظ في القتل شبه العمد. عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ، مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ، وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ] (أبو داود:4565) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم..
ثالثا: تذكير إخواني السائقين بخطورة مخالفة قانون المرور: قال الله تعالى: ﴿وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ (سورة لقمان: 19،18) ومن القصد في المشي بالسيارة احترام قانون المرور. ويقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم:[لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ – أَوْ قَالَ: لِجَارِهِ – مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ] (مسلم: 71/45) ووجه الاستدلال أنه مثلما تحب أن يحترمك الناس، فاحترمهم، إن القتل بسبب مخالفة قانون المرور عن عمد، أو مخالفة قانون الحماية في مشاريع الأشغال عن عمد، كل ذلك من باب القتل شبه العمد. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com