مصارف التمويل، والتأمين التعاوني، والتوفير للاستثمار
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/
الســــــــــــؤال
قال السائل: لي مشروع تربية البقر الحلوب، وأحتاج إلى مبلغ للتمويل، من أجل أجهزة ضرورية لوسائل الحلب، وحفظ ونقل الحليب، والعلف. قال: وسألت عن مصادر التمويل، فأرشدوني إل مصرف التمويل، وللتعامل معي اشترط المصرف أن يكون المشروع مؤمنا، وأن يشاركني في نسبة من الأرباح نتفق عليها بيننا. فهل يجوز التأمين على المزرعة؟ وهل تجوز فائدة الممول بالنسبة الثابتة كعشرة بالمائة؟ ويوجد فرع في مصارف التمويل، وبعض البنوك صندوق التوفير، وما يرصد فيه يستثمر، وتقسم الأرباح على المدخرين، فهل تجوز المشاركة فيه؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: التأمين التعاوني لتلافي الأضرار المتوقعة: قال السائل: (فهل يجوز التأمين على المزرعة؟) التأمينات أنواع وطرائق، والتأمين الذي يصح والله تعالى أعلم، هو التأمين التعاوني بالمشاركة التطوعية بين الْمُؤَمَّنِينَ على أموالهم. وهو اتفاق أشخاص على تلافي الأضرار المتوقعة، يدفع كل واحد منهم اشتراكا متفقا عليه، وتجمع الاشتراكات في صندوق تعاوني تأميني، يأخذ حكم الشخصية الاعتبارية ويصبح مصدر تعويض عن الأضرار التي تلحق أحد الشركاء. ويتولى الإشراف على إدارة الصندوق هيئة تنتخب من بين المشتركين، أو يوكل الأمر إلى مؤسسة، تسير الصندوق مقابل نسبة من الأرباح، وتظل أموال الصندوق ملكا للمشتركين، وبناء على القاعدة: [المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ] فالمشتركون المتعاونون يدونون وثيقة بينهم عند الموثق، يبينون فيها نظام تسيير الصندوق، طريقة التمويل، والتعويض، والشركاء الجدد، وعند حل الهيئة التعاونية، وغير ذلك. والله تبارك وتعالى أعلم، وهو العليم الحكيم. قال الله سبحانه تعالى:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ وقال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (سورة النساء:29)
ثانيا: حكم أخذ المُمَوِّل نسبة من الأرباح: ومعنى التمويل: موَّل المشروعَ: أمدّه بمال، قدّم له ما يحتاج إليه من مالٍ. أي أن صاحب المال يعطي لصاحب الأعمال نصيبا من المال للتجهيز والعمال وما يحتاجه المشروع، ثم يأخذ الْمُمَوِّل من صاحب المشروع نسبة من الأرباح بالاتفاق. وهذا هو الذي يسأل عنه السائل. يجوز التراضي بين الممول والمستثمر على نسبة من الأرباح، كحكم المضاربة، أو يدخل الممول شريكا بالمال. {وصورة شركة المضاربة أن يدفع رجل إلى رجل مالا يتجر به ويكون الربح منهما على ما يتفقان عليه وتكون الوضيعة على رأس المال.} (غريب الحديث لابن قتيبة: 1/199) ومنه: المقارضة. وفي كتاب {الموسوعة الفقهية}إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف. {شركة المضاربة: وهي أن يدفع أحد الشريكين إلى الآخر مالاً فيَتَّجر به، بجزء معلوم مشاع من ربحه كالنصف أو الثلث ونحوهما، وعلى أي ذلك حصل التراضي صح، والباقي للآخر، وإن خسر المال بعد التصرف جُبر من الربح وليس على العامل شيء، وإن تلف المال بغير تعد ولا تفريط لم يضمنه العامل المضارب، والمضارب أمين في قبض المال، ووكيل في التصرف، وأجير في العمل، وشريك في الربح} (2/454). والله تعالى أعلم وهو العليم الحكيم.
ثالثا: التوفير المشروع ماكان من مال حلال في مشاريع الحلال: قال السائل: ويوجد فرع في مصارف التمويل، وبعض البنوك، صندوق التوفير، وما يُرْصَدُ فيه يستثمر في مشاريع، وتقسم الأرباح على المدخرين، فهل تجوز المشاركة فيه؟ نعم يجوز الادخار بالضوابط المشروعة، وهي: أن يكون المال المدخر حلال. وأن يوظف المال المدخر في مشاريع حلالا. وأن تكون الفوائد التي تعطى للمدخرين بنسبة متفق عليها من الأرباح التي تحققها مدخراتهم. وصناديق الادخار المشروع مستحبة، لأنه ليس كل الناس لهم قدرة على توظيف أموالهم في مشاريع استثمارية. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.