المرأة و الأسرة

أين مطالب التلميذ من مطالب النقابات؟!/ أمال السائحي

تلميذ اليوم هو مستقبلنا كأمة، طبيبا، مهندسا، حرفيا كان أو عالما؛ فهذه الشريحة التي نرعاها اليوم هي التي تشيد الوطن وترفع شأنه غدا، فإذا كان الاعتناء بهذا المتمدرس من الناحية التربوية والبيداغوجية سليما، فإن أقل ما يمكن قوله، أننا سنرى غدا هذه البصمات الطيبة على هذا النشأ، أما إذا كانت غير ذلك فمن الطبيعي أن تكون هناك انتكاسات في التحصيل الدراسي من الطور الابتدائي إلى الثانوي إلى الجامعة.

ومما لمسناه في الإضرابات التي قام بها المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي (ابتدائي، متوسط، ثانوي) المسمى “بالكنابسات”، فإن الخسارة التي تكبدها التلاميذ وأولياءهم، وخاصة الذين هم في طور اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط، أو امتحان شهادة التعليم الثانوي لا توصف، وحتى الأقسام الأخرى، فإنها معرضة لتردي المردودية التربوية، وتفاقم التسرب المدرسي، والكثير من المشاكل التي لا تحصى ولا تعد، والتي يبقى أثرها ضاربا جذوره لأعوام مقبلة.

من المطالب التي تتبناها “الكنابسات” في إضرابها لا تمت بصلة إلى ما يتطلع إليه هذا التلميذ أو أولياءه، من منهجية تربوية سليمة أو مما يعاني منه المتمدرس اليوم من اكتظاظ الأقسام وكثافة الدروس، مما يضطر التلميذ إلى اللجوء إلى المدرسة الموازية التي ترهقه وتكبد جيب المواطن، هذا المواطن الذي  يتمنى أن يصل ابنه أو ابنته إلى بر الأمان.

وهذا تقرير في جريدة (الصوت الآخر) حول إضراب هذه الأخيرة: “تتعلق مطالب “كنابست” التي تمسكت بها فضلا عن ملف الترقيات بالتكفل ببعض الحالات “الخاصة” بالمناصب الآيلة للزوال (معلمو المدارس الابتدائية والأساتذة التقنيون في التعليم الثانوي والمخبريون) مع “ضمان تكوين لهم إلى غاية التكفل بجميع هذه الحالات، وطالبت “كنابست” أيضا بالتشكيل الرسمي لهياكل طب العمل على أن تكون هذه الهياكل عملية في الميدان وإيجاد صيغة تسمح للأستاذ بالحصول على سكن، إلى جانب المطالبة باحتساب سنوات الدراسة بالمدارس العليا للأساتذة ضمن المسار المهني للأستاذ وخلال تقاعده، فضلا عن مطالبة الوزارة بجرد أموال الخدمات الاجتماعية والحق في منحة الامتياز، ومنحة الجنوب واحتسابها على أساس شبكة الأجور الجديدة.

والسؤال المطروح: أين صوت جمعية أولياء التلاميذ في كل إضراب يقام؟ وفي كل رزنامة وتكدس الأخطاء الفادحة في الكتب المدرسية؟ وما يتلقاه التلميذ من معاملة كلها عجرفة وتنكر من طرف الأستاذ؟ وتلك الدروس الخصوصية التي ذكرناها آنفا التي ما زادته إلا تعبا وإرهاقا، إذن، فإن  الخاسر هنا هو المتمدرس الذي تعول عليه البلاد والعباد.

إن ما يحز في النفس أننا عندما نقارن تعليمنا بأسلوب التعليم المحفز الإيجابي عند سوانا من خلق الله، وما يقدمه المعلم من قيمة مضافة، يرى أثرها الباهر على تلاميذه، وعن تلك المنظومة التربوية التي تقدم منهجيتها بصيغة تعليمية متطورة سلسلة، غير محشوة ولا راكدة، لا يحس فيها التلميذ بالملل ولا الكلل، فإننا لا نملك إلا أن نقول إلى أين نحن ذاهبون؟

ومن ثم فإن أستاذ اليوم، كأنّه يرى مهنة التعليم كأي مهنة أخرى يزاولها حتى يستطيع كسب قوت يومه وكفى، فهي بالنسبة له لا تختلف عن مهنة الإداري، أو المحامي، أو صانع الفخار، ولكن هؤلاء إن أخفقوا فإن كلا منهم يخفق لنفسه، أما الأستاذ إن أخفق فإن إخفاقه يمتد أثره إلى الأمة بأكملها، لأنه صانع الأجيال. قال الشاعر:

وإذا أخطأ المعلم لحظ بصيرة            جاءت على يديه البصائر حولا

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com