السعادة الزوجية/ محمد الصالح الصديق
سألني أستاذ خفيف الظل حلو الحديث، لطيف المعاشرة: هل يمكن أن أكون سعيدا ولو كنت متزوجا؟ فقلت: يمكن أن تسعد بلا زواج، أما إذا تزوجت فالواجب أن تسعد..فقال السائل الكريم: ولكن كيف السبيل إلى هذه السعادة التي أتصورها مع العزب، ولا أتصورها مع المتزوج؟ فقلت له: إن الركن الأساسي لهذه السعادة بل أرضيتها الصلبة التي لا تبنى السعادة إلا عليها، هي أن تضع في حسابك عند إقدامك على الزواج، أنك ستسعد بزوجتك وتسعدها، كما يجب أن تضع هي في حسابها أيضا أن السعادة ستكون قدرا مشتركا بينكما، تسعد وتسعدك، هذا هو الطريق القويم، والنهج الواضح إلى السعادة، أما إذا وضع كل واحد منكما في حسابه أنه سيسعد على حساب الآخر، دون أن يفكر في إسعاده، فإنكما لن تذوقا السعادة أبدا، ولو عشتما في ظلال النعيم، وجرت الحياة وفق مشيئتكما في كل منحى واتجاه.
ومن هنا وجب التفكير الطويل الجدي في الزواج قبل إمضائه وإنجازه، فواجب الرجل أن يختار المرأة الأصيلة المتدينة القويمة الخلق، لأنها التي ستراعي سعادتها وسعادة زوجها معا، إذ أن أصالتها ودينها وخلقها، كل ذلك يمنعها من الأنانية والفردية، ومحاولة الاستئثار بالسعادة على حساب زوجها، وكذلك على المرأة أن تختار رجل الدين والخلق والسلوك القويم حتى يحاول إسعادها.
ويجري في هذا النسق في تحقيق السعادة أن يدرك الزوج حدود قيادته وتدرك الزوجة حدود وظيفتها، والتكامل بين المرأة والرجل، هو الذي يحقق السعادة ويبلغ مداه عندما تتمتع المرأة بأنوثة المرأة الكاملة، ويتمتع الرجل برجولة الرجل الكاملة، وتتجلى أنوثة المرأة في حبها لزوجها وحنوها عليه، ورجولة الرجل تظهر في صلابته وعدم اهتزازه أمام الأحداث والشدائد، ورعايته لزوجته وأسرته.
وإذا كان هناك في دنيا الناس من يظن أن الرجولة في الغلظة والجفاف، والسيطرة والاستبداد، فإن ذلك خطأ في التقدير وقصر في النظر وسعي في نشر الرهبة والخوف في محيط الأسرة.
إن السعادة الزوجية ليست سرابا كما يظن، بل هي حقيقة ثابتة، ولكن ليست لسائر المتزوجين، وإنما هي لمن أرادها وسعى لها سعيها، ولن تجد الحياة الزوجية أقوم، ولا أبر، ولا أكرم ولا أرحم لشأنها من شريعة الإسلام.