مساهمات

من ذاكرتنا التاريخية مؤرخون فرنسيون يجرمون الاستعمار الفرنسي في الجزائر والقارة الإفريقية! (1)

أ. سعدي بزيان/

ما موقفنا من المؤرخين الفرنسيين لتاريخ ثورتنا؟
هناك ثلاثة مواقف في الموضوع:
موقف يرى أن ما كتبه الفرنسيون حول تاريخنا ينبغي أخذه جملة وتفصيلا واعتباره مصدرا أساسيا، ويأخذ بهذا الرأي الفرنكوفونيون الجزائريون في معظمهم وليس كلهم بطبيعة الحال.
الموقف الثاني: يرى رفض كل ما كتبه المؤرخون الفرنسيون واعتباره موقفا يخدم الاستعمار الفرنسي ضد ثورتنا.
أما الموقف الثالث: فهو في رأينا يتسم إلى حد ما بالموضوعية والإنصاف، وينبغي الاستفادة من مصادره وترجمتها إلى العربية، وقد ظهرت في السنوات الأخيرة التي أعقبت استقلال الجزائر مئات العناوين حول ما يسمى أدبيات المؤرخين الفرنسيين بحرب الجزائر، فالمؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا ألف قاموسا كاملا عن الكتب التي صدرت عن حرب الجزائر، ويتناول هذا القاموس عدد الكتب التي صدرت عن حرب الجزائر من 1955 إلى1995 باللغة الفرنسية فقط، وهناك عشرات من الكتب ومئات من أعداد خاصة والمجلات التاريخية حول حرب الجزائر، وقليل من هذه الكتب وهذه المجلات ما اتسم بالموضوعية، وهناك عدة دراسات وكتب كان أصحابها جريئون ومنصفون إلى حد بعيد لتاريخ ونضال الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر وظلمه وظلامه وليله الطويل.


أسماء للعديد من المؤرخين الفرنسيين المنصفين للحقائق التاريخية وجرموا السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر من خلال كتبهم ودراساتهم وتصريحاتهم، كان أول مؤرخ وفيلسوف فرنسي وصف الاستعمار الفرنسي في الجزائر بــ “جريمة ضد الإنسانية وهو فرنسيس جانسون 1922-2009″، الذي أسس شبكة بباريس لنصرة اتحادية جبهة التحرير بفرنسا وذلك في أكتوبر 1957، بالتنسيق والتعاون مع رئيس الاتحادية، المناضل عمر بوداوود الذي مات مؤخرا في ألمانيا.
وفرنسيس جانسون صاحب كتاب “حربنا” ومن كبار مناضلي اليسار الفرنسي دفاعا عن قضية الجزائر ولطالما صنفه أعداء حرية واستقلال الجزائر بالعميل لـ جبهة التحرير عدوة فرنسا، وقد صدرت له مؤخرا في الجزائر الترجمة العربية لسيرته الذاتية بعنوان “من مقاومة الاحتلال النازي لفرنسا إلى مقاومة الاحتلال الفرنسي للجزائر” منشورات القصبة الجزائر. ولهذا الفيسلوف الذي عرف الجزائر قبل ثورة 1954 وحرمه كوليت جانسون كتاب الجزائر الخارجة عن القانون هو صاحب جان بول سارتر صاحب مجلة “الأزمنة الحديثة” التي لعبت دورا في التعريف بالقضية الجزائرية والدفاع عنها وسط الرأي العام الفرنسي والفرنكوفوني هو وصاحبته سيمون دوبوفوار التي دافعت بقوة عن المناضلة جميلة بوباشا، وكان سارتر صديقا حميما لفرنسيس جانسون ومؤازرا لشبكته، وله كتاب عن الثورة الجزائرية أحدث ضجة لدى صدوره وهو بعنوان”عارنا في الجزائر” ترجمة سهيل إدريس صاحب دار الآداب للنشر، ومجلة الآداب والتي كانت تنقل لقرائها في الشرق العربي ما تنشره المجلات الفرنسية عن ثورتنا في فرنسا، وكانت كذلك منبرا للكتاب الجزائريين للتعريف بجهاد الجزائريين في الجزائر، حيث كتب فيها د.سعد الله، ود.سعد عثمان ود.أبو العيد دودو، وكانت المناسبات التاريخية فسجلت معه حصة متلفزة لفائدة مركز الدراسات التاريخية في الأبيار، وفي غمار الحديث عن أسماء لكتاب ومؤرخين فرنسيين انصفوا نضال وجهاد الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي تبرز أمامنا العديد من هذه الشخصيات ومن بينها اسم صاحب كتاب “مجزرة في باريس” وهو يقصد بذلك المجزرة التي ارتكبها موريس بابون محافظ شرطة باريس ضد متظاهرين جزائريين في 17 أكتوبر 1961 في باريس، وكان حصادها الدموي حوالي 300 شهيد كثيرون منهم تم رميهم في نهر السين والبعض تم التخلص منهم في مراكز الشرطة، وعدد هام لا يعرف مصيرهم، وقيل أن بعضا منهم تم دفنهم في مقبرة جماعية في مقبرة المسلمين في تيبي بضواحي باريس، وجان لوك إينودي دعم كتابه الوارد الذكر بكتاب آخر حول مجزرة 17 أكتوبر1961 ضد المهاجرين الجزائريين في باريس في عهد حكم الجنرال دوغول، وكان الكتاب الثاني لجان لوك إينودي في الموضوع بعنوان حرب باريس 17 أكتوبر 1961، وله كتاب ثالث بمشاركة المصور إيلي كاغان بعنوان : 17 /10 / 2001 وإيلي كاغان للعلم هو أول مصور عالمي دون بكاميراته بالصورة مجزرة 17 أكتوبر 1961 وصوره هي الأولى عالميا وكل الصور التي تحملها الصحف والمجلات والكتب حول المجزرة خلال مظاهراتهم السلمية في شوارع باريس على فرض حظر التجوال عليهم، والمطالبة باستقلال الجزائر، ورابع كتاب لجان لوك إنودي حول الثورة الجزائرية كان بعنوان : La ferme Améziane, Enquête sur un centre de torture pendant la guerre d’Algérie وقد أعيد نشر هذا الكتاب وترجم في حلقات بجريدة النصر وقام بالترجمة الأديب علاوة وهبي (جريدة النصر تصدر بقسنطينة وترجمة ثانية في العاصمة) وأعتقد أن ما كتبه جان لوك إينودي المؤرخ الذي رحل مؤخرا والذي استطاع أن يفند أقوال موريس بابون الذي رفع ضده قضية متهما إياه بالزور والبهتان وليس جان لوك إينودي وحده من فضح جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر وها هو الأستاذ Olivier Le Cour Grandmaison بادر بإصدار كتاب في الموضوع.

Algerian demonstrators arrested in Puteaux, west of Paris, during the peaceful demonstration on October 17, 1961, wait with their hands above their heads to be questionned under police surveillance, during the Algerian war. (Photo by Fernand PARIZOT / AFP)

وقد أشرف على هذا الكتاب فوج من المؤرخين والكتاب من الفرنسيين والجزائريين وكان هذا الكتاب بعنوان: L’Association 17 octobre 1961 contre l’oubli جمعية 17 اكتوبر ضد النسيان، وكان من المفروض أن نقوم نحن بتأسيس هذه الجمعية، ذلك أننا نحن المعنيين بالدرجة الأولى، وهذا الكتاب قيم يؤرخ لما جرى في هذا التاريخ وما قبله، وكان من أبرز من شارك في هذا الكتاب الذي أملك منه نسخة المؤرخ الفرنسي الراحل جان لوك إينودي وكان مقاله بعنوان “ما الذي جرى حقيقة في هذا اليوم؟”. وقد أعاد إينودي إلى أذهاننا ما جرى من قتل ضد الجزائريين في هذا اليوم وما جرى قبله وبعده من جرائم في حق أبناء شعبنا وها هو موريس بابون (2008-1910)المجرم نراه عندما أبن شرطيا اغتاله الفدائيون الجزائريون يلقي خطابا يحذر فيه الفدائيين الجزائريين وقال إننا سنرد عليهم بعشر ضربات ويعني هذا أن قتل بوليس واحد سنقتل نحن 10 جزائريين، وقد فهم رجال الشرطة الفرنسية أن هذا الكلام بمثابة ترخيص بقتل الجزائريين بكل حرية وفي 5 أكتوبر 1961 أصدر موريس بابون قرارا بحظر التجوال ليلا على أهالي شمال إفريقيا، ويعني بالضبط الجزائريين وهذا الحظر غير قانوني لأنه يخص المواطنين الجزائريين في حين تعتبر فرنسا الجزائريين مواطنين فرنسيين
يتبع

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com