رئيس جمعية «طريق الحياة» للإغاثة الدولية للبصائر
«نسعى لأن يصبح عالمنا أكثر اكتفاءًا، أكثر استدامة وعدلاً من أجل الأجيال القادمة»
حاورته فاطمة طاهي/
تعد جمعية طريق الحياة «يولو» التي يوجد مقرها بتركيا، من الجمعيات الانسانية والخيرية الدولية التي تسعى منذ تأسيسها سنة 2014م إلى الإغاثة العاجلة وتنمية الشعوب الفقيرة، من خلال استراتيجيتها الرامية إلى تحسين ظروف الحياة في المجتمعات الأكثر فقرا والشعوب الأشد احتياجا وهي تعمل في 19 دولة حول العالم تحسينا لظروفهم الانسانية والاجتماعية والصحية ونهوضا بمشاريعهم التنموية لتحقيق الإنتاجية.
بداية لو تقدم لنا نبذة عن شخصكم الكريم؟
– اسمي آدم عيسى أوغلو، رئيس جمعية طريق الحياة «حياة يولو»، بتركيا، وهي مؤسسة انسانية غير حكومية. نسعى لأن يصبح عالمنا أكثر اكتفاء، أكثر استدامة وعدلا من أجل الأجيال القادمة، حيث نقدم الدعم الإغاثي لـ 19 دولة كفلسطين والأردن ولبنان وبنغلاديش ومالي وموريتانيا وغيرها من الدول وهذا بفضل الله عز وجل. تأسست جمعية طريق الحياة سنة 2014، وحاليا لدينا ثلاث مكاتب في تركيا و أخر في بلجيكا وفي كندا، ونحن بصدد فتح مكتب آخر في بريطانيا.
تقومون بحملات اغاثية دولية لصالح المجتمعات الأكثر فقرا والأشد احتياجا، لو تقدم لنا لمحة مختصرة حول نشاطكم الاغاثي الدولي؟
– نهتم في جمعية طريق الحياة بالإنسان بغض النظر عن هويته وديانته وجنسيته، وقدمنا دعما لكثير من الدول العربية ولا نفرق بين مسلم ومسيحي، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا في مهامنا. ومن المشاريع التي نحرص عليها الايواء وإعادة بناء البيوت التي تم هدمت بفعل الاحتلال في فلسطين، كما تهتم الجمعية بالجانب الصحي والاجتماعي، حيث لدينا كفالة شهرية لـ أربعة آلاف يتيم، بالإضافة إلى مشروع الأضاحي والحملات التطوعية في شهر رمضان الفضيل، نقوم سنويا بـ420 مشروعا. كما نتلقى دعما من قبل أكثر من 30 دولة ككندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والنمسا وماليزيا وأندونيسيا وفي مقدمتهم تركيا، لنقدم الدعم كما أسلفت لـ19 دولة.
نتحدث أيضا عن جزر وأدغال إفريقيا حدثنا عن مشاريعكم الإغاثية والإنسانية في القارة الافريقية؟
– قمنا في مدة عامين بفضل الله عز وجل بحفر 1200 بئر في إفريقيا، وبتشييد حوالي 13 مسجدا، وأربع مدارس، كما قمنا بتوزيع أكثر من 12,500 من الأضاحي والعقائق والنذر في عام 2022 فقط. وهذا بالتنسيق مع عدة دول ونسعى إلى الاستمرار في هذا المشروع، وقد أسسنا مؤسسة جديدة متخصصة فقط للعمل في افريقيا بعنوان «الحياة لإفريقيا».
ماهي الدول الافريقية التي حظيت بالحملات الاغاثية والإنسانية التي تقدمها مؤسسة الحياة؟
– تشاد، الصومال، غانا، مالي، السودان، أوغندا، بنينا، سينغال, نيجيريا. هذه الدول التسعة أكثر الدول التي اشتغلنا عليها من خلال حملاتنا التطوعية، ثم تأتي اثيوبيا ودول أخرى، على أمل أن نفتح فيها مكاتب لنتوسع في مشاريعنا.
يتعرض المسلمون لخطر الانسلاخ عن الاسلام في العديد من الدول. حتى لا تقع الشعوب المضطهدة فريسة لمنظمات مشبوهة التي تحاول نشر التبشير كيف تتعاملون سيدي لمواجهة مثل هذه التحديات؟
– نتعامل مع الشعوب على مبدأ انما نطعمكم لوجه الله، ونعلم علم اليقين أن الكثير من المؤسسات الغربية تنشط وتقدم الدعم لأغراض أخرى فهي تسعى إلى نشر عقائدها والتضييق على العمل الإسلامي، وذلك مقابل طرد غذائي أو مساعدة مالية. نحن في جمعيتنا ننشط في القارة الافريقية دون أن نفرق بين مسلم أو غير مسلم، وقد كان لنا الفضل بعد الله عز وجل في دخول الكثير من الأفارقة إلى الاسلام والتعريف به، ورجوع البعض إلى اسلامهم، وفي بعض الأحيان نجد أنفسنا نقدم العون لبعض الناس لا دين لهم، وبالتالي أقول أن الانسان يحتاج إلى كلمة طيبة وإلى ابتسامة حتى يشعر بأخلاقنا وبسماتنا وبديننا وبحق المسلم على أخيه المسلم. نحن أحق الناس في دعم هذه الشعوب المضطهدة الفقيرة والضعيفة التي ترغم على نزع ديانتها مقابل مساعدات مادية.
نظمتم مؤخرا في شهر ديسمبر الفارط قافلة الاحسان المتجهة نحو الشمال السوري، حدثنا عنها؟
– نعم وهي القافلة الثالثة، نحن بفضل الله عز وجل بنينا 200 وحدة سكنية، أطلقنا عليها اسم «الاحسان» بدعم من شعب جنوب افريقيا و هذه القرية الثالثة التي قمنا بها باجمالي 1500 بيت، وتم نقل الناس من المخيمات والخيم الى هذه البيوت حتى نعزز صمودهم وثباتهم، باعتبارهم نازحين، وقدمنا لهم مساعدات متمثلة في طرود غذائية وبطانيات وفحم وألبسة وأغطية ومدافئ وغيرها، حملتها عشرون شاحنة كبيرة وقبلها بخمسة أشهر نظمنا قافلة بـ50 شاحنة، وبفضل الله عز وجل تم ادخالها والاستفادة منها فكان لها أثر كبير على واقع الناس.
التقارير الدولية التي تحدد الأماكن التي تحتاج الى الاغاثة قد تكون غير دقيقة. ماهي الآلية التي تعتمدون عليها من أجل ايصال هذه الحملات الاغاثية لمستحقيها من الشعوب الفقيرة والمحتاجة؟
-لدينا فريق متخصص في هذا الموضوع المتعلق بإعداد الدراسات والمشاريع، وذلك من خلال النزول إلى الميدان لرصد حاجيات المجتمعات والشعوب في تلك المناطق.
نحن اليوم موجودون عندكم في الجزائر، التقينا بالشباب وقبل أسبوع التقينا بالشباب في أندونيسيا وقبلها في ماليزيا، وهم الآن ذاهبون إلى الصومال وإلى أكثر من دولة إفريقية. نعتمد اعتمادا أساسيا على ملامسة الواقع لأن هناك تباينا بين ما نسمعه وما يحتاجونه. نحاول أن نضمن الاستدامة في الكثير من المشاريع، نبدأ بالتدريج ونمضي بثبات، نتعامل على أساس أن الانسانية جامعة لكل الناس ولا يوجد فرق بين شخص وآخر، كما نعمل على تعزيز المشاريع وقد أسسنا لجنة خاصة بالجودة وبقياس الأثر، و استطعنا بأموال قليلة لا تتعدى 500 أو 1000 دولار أنجزنا مشاريع لها أثر كبير جدا استفاد منها الأطفال وتركت بصمة قوية في عالم الإنسانية و قمنا بتعزيزها و تطبيقها في أكثر من دولة، واليوم نتعامل مع الهيئات الانسانية المماثلة والتابعة للأمم المتحدة. والأن أتكلم جازما أن كثير من المؤسسات تعتمد على مصادرنا ومعلوماتنا ودراستنا للواقع لتعزيز مشاريعها.
ورغم صعوبة الأمر نقوم بدراسات دورية في إفريقيا حول الواقع الانساني في افريقيا، لدينا لجنة متخصصة تقوم بإعداد دراسة دورية كل ثلاثة أشهر لتصبح فيما بعد شهرية ان شاء الله، لأن الواقع في افريقيا لمن لم يزرها هو واقع أليم ومحزن جدا يستدعي تضافر جهود جميع المسلمين والعلماء، حتى يقفوا وقفة حق أمام هذه الأمم التي تعاني الحرمان من أدنى حقوقها.
نتحدث كذلك عن المشاكل والتحديات التي تواجه العمل الإغاثي الدولي بالنسبة لجمعية حياة يولو؟
– والله هناك الكثير من التحديات أولا صعوبة الاتصال والتواصل بسبب القوانين الرسمية للزيارات، الأمر الثاني تقييدات نقل الأموال والحوالات المصرفية في بعض الأحيان، الأمر الثالث غياب الشفافية. هذه التحديات نطرحها على طاولة الاجتماعات في كل لقاء وندرسها واحدة واحدة، ونقوم بتحليلها للتخفيف من شدتها ومحاولة معالجتها أو تجاوزها.
عندما نتحدث عن العمل الإغاثي بمفهومه التقليدي نجده يقتصر فقط على المأكل والمشرب أو اللباس هل تساهمون أيضا على ترقية العمل الإغاثي من خلال الدعوة والتعليم والصحة؟
-الجديد الذي أضفناه في العمل الإغاثي هو ما يسمى بالإغاثة التنموية. فالإغاثة اضحت سبيلا لتعزيز التنمية المستدامة. نجتهد لتحويل الإغاثة إلى مشاريع تضمن الديمومة والاستمرار وتضمن تنمية لبعض المجتمعات، على مبدأ اليد العليا خير من اليد السفلى، ولدينا الكثير من الافكار والمشاريع في هذا السياق، مثلا توزيع شبكات الصيد علي الصيادين و إعداد حمامات و دفيئات خاصة بالزراعة، يعني تحويل المشاريع الاغاثية إلى مشاريع اقتصادية تنموية لهذه الشعوب الفقيرة، وفي هذا الصدد أذكر أننا قد أسسنا لمشروع تنموي لعام 2024 والمتمثل في دعم الطالب والذي سيدعم بدوره طالبا آخر لأن أسباب تخلف الأمم و مشكلاتها يتمثل في جهلها، وبالتالي دعم التعليم أساسي لاستنهاض الأمم. مؤسستنا قامت بتوظيف 60 موظفا من حملة الماجستير والدكتوراه، ولهذا علينا أن نبني القاعدة أولا للمضي قدما من خلال إعداد جيل مثقف متعلم واعد يسعى إلى النهوض بالتعليم وبالأمة فقضية الجهل قضية قاتلة وهي سبب تخلف الأمم.
أنتم اليوم في الجزائر هل هناك اتفاقيات مع مؤسسات أو تعملون بالتنسيق مع هيئات مماثلة؟
-في الأول كنا نعتقد أن الزيارة بروتوكولية تقليدية، ولكن صراحة حظينا بتشجيع على استمرار مسيرتنا، وتعد أول زيارة لنا إلى الجزائر وصراحة أهل الجزائر ومؤسساتها فيهم الخير الكبير، قبل مجيئنا إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كان عندنا لقاء في مجلس النواب حيث جلسنا مع عدة لجان، وما شد انتباهي في الجزائر وقل ما أجده في الدول العربية أو الأوروبية و الأجنبية هو اشراك شباب الجزائر في العمل السياسي وإشراكهم في القرارات الحكيمة للدولة، أعضاء النواب أغلبهم من الشباب وهذا غير موجود في الدول الأخرى، وهذا نعتبره نقلة نوعية لبلد الجزائر، كما زرنا البارحة مسجد الجزائر الأعظم واستقبلنا الشيخ المأمون القاسمي بحفاوة كبيرة، حيث شجعنا على الاستمرار وعلى تعزيز صمودنا وثباتنا.لأهمية نشاطنا ومسيرتنا الإغاثية في المضي قدما بالأمة الإسلامية.
بذكركم فلسطين التي تعد الجرح النازف في جسد الأمة الإسلامية ما هو موقعها على خريطة العمل الإغاثي لديكم؟
-فلسطين في قلب الأمة الإسلامية ولكن أشير إلى نقطة مهمة جدا استنهاض الوضع الفلسطيني لا يعد استنهاضا لفلسطين فقط إنما هو استنهاض للأمم جميعا. نسعى من خلال أهداف مؤسستنا التي أسست لأجلها إلى النهوض بالأمة العربية والإسلامية فاستنهاض فلسطين يكون من الداخل والخارج. فلذلك نجد الكثير من الآبار والمساجد في الدول العربية والإسلامية والإفريقية حاملة لأسماء شهداء غزة وفلسطين.
قضية فلسطين ليست قضية اغاثية ولا هي متعلقة بإرسال طرود غذائية، قضيتها هي قضية عقيدة. لذلك نحن نستقي العلم من منابعه الحقيقية من علماء الأمة كعلماء الجزائر.
و لقد جسد شعبي الجزائر و فلسطين نموذج فريد غير موجود بين أي بلدين علي أرض المعمورة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي» هذا بالنسبة لشخصين متحابين في الله فما بالك بشعبين الجزائر وفلسطين، فالجزائريون دمهم وأموالهم فداء لفلسطين ليس قولا فقط إنما قولا وعملا وتعليما لأبنائهم وتدريسا من علمائهم. اكتشفنا أن الشعب الجزائري يساعد فلسطين منذ زمن صلاح الدين الأيوبي و مشاركتهم في فتح المسجد الأقصي، قد يقول البعض هناك دول أخرى تدعم فلسطين ماديا أكثر من الجزائر، لكن الشعب الجزائري وهب دمه وحياته لفلسطين أرضا وشعبا، وكلامي ليس من باب المجاملة. وبالتالي فلسطين موجودة في قلبنا أيضا، ونأمل أن تزول أزمتهم وبقاء اليهود في فلسطين لن يدوم و هذا جزء عقيدي عندنا.
كلمة ختامية لقراء جريدة البصائر، وللشباب الجزائري الناشط في مجال الإغاثة والعمل الخيري؟
-أقول أن الخير في هذه الأمة كبير وعظيم، ولن ينتهي الخير في الأمة إلى يوم الدين. ومن أراد أن يركب في سفينة الخير والعطاء سيغدو بنفسه وبمجتمعه وبأمته نحو الرقي الحضاري، ومن أراد أن يتخاذل وينزل من هذه السفينة فهو الخاسر. الحق سينتصر ولو بعد حين، والنصر قادم للاسلام، وبإذن الله عز وجل كل عمل يقوم به المرء إنما يعمله لنفسه كي ينجو بنفسه من يوم لا ينفع فيه لا مال ولا بنون. وأقول ختاما أننا نحتاج إلى كل شخص عالم ومتعلم فالآخر يسعى إلى غرس الجهل فينا والقضاء على هوية الأمة، وبالتالي لا يقبل أي انسان متعلم أن يتخلى عن هويته ومقوماته وأن يتخلى عن القدس والأقصى فهي الأرض التي ضحى ولا يزال يضحي لأجلها الشهداء والفلسطينيون. فهي أرض الأمة الإسلامية جمعاء.