تذكير وعرفان بمآثر الشيخ محمد الأكحل شرفاء في ذكرى وفاته الثامنة
أ. محمد بوطالب/
يحل علينا شهر فبراير من كل سنة، وتعود معه ذكرى رحيل الشيخ محمد الأكحل شرفاء الذي توفي يوم الثامن فبراير سنة 2015، وشيع جثمانه بمقبرة بن عكنون بالعاصمة يوم 9 فبراير، حضر جنازته جمع غفير يتقدمهم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبد الرزاق قسوم وأعضاء المكتب الوطني وبعض ممثلي الأحزاب والجمعيات المدنية وكذا أصدقاؤه ومحبوه.
وبعد أداء مراسيم الدفن وقف الجمع المشيع لسماع كلمة التأبين تلاها على مسامعنا الشيخ الفاضل عبد الرزاق قسوم بعبارات مؤثرة –حزنا على الفقيد الراحل- وما جاء فيها قوله: ” ..إننا اليوم بهذا المصاب الجلل إنما نودع عالما جليلا قدم تسعين سنة من حياته كلها في خدمة العلماء والإسلام، تشهد له بذلك النوادي الثقافية والمساجد الدينية وقنوات الإذاعة والتلفزة وأعمدة الصحف والمجلات وكلها شاهدة بعلمه وخطبه…”
بعد استرجاع استقلال الجزائر في صائفة عام 1962، واستعادة المؤسسات التعليمية والمراكز الثقافية، واصل الشيخ محمد الأكحل شرفاء نشاطه التعليمي والتوجيهي على ضوء القرآن والسنة النبوية، في التعليم الثانوي ومعهد تكوين الأساتذة للتعليم المتوسط وفق منهاج وزارة التربية الوطنية في تدريس اللغة العربية وآدابها بالإضافة إلى منهاج التربية الإسلامية إلى غاية سنة 1985.
ثم واصل نشاطه بعد هذه السنة بوزارة الشؤون الدينية بصفة مفتش عام مكلف بالتكوين والتوجيه في مدرسة تكوين الأئمة بمدينة مفتاح – البليدة.
هذا ويعد نادي الترقي –منبره المفضل لتفسير القرآن لعامة الناس، وكان يخصص أحاديثه بعد صلاة العصر من كل يوم جمعة وفي أيام شهر رمضان بعد صلاة العشاء.
أتذكر حضور الشيخ محمد الأكحل شرفاء في الملتقى الدولي الخامس عشر للفكر الإسلامي المنعقد بقصر الصنوبر، وبدعوة من الشيخ عبد الرحمن شيبان وزير الشؤون الدينية والأوقاف سنة 1981، قدم محاضرة هامة تحت عنوان “القرآن في عالم اليوم تعليمه وتبليغه.. وكيف نؤسس عليه منهج التربية والتعليم؟”
هذا وقد نشرت المحاضرة بنصها الكامل في مجلة الأصالة في عددها الصادر في شهر سبتمبر سنة 1981 كما تضمنها كتاب “محمد الأكحل شرفاء.. من أعلام الإصلاح في الجزائر” الصادر عن المركز الثقافي الإسلامي سنة 2016-ص31.
كما شارك في الندوة الفكرية التي كان يعقدها المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة، حيث شارك الشيخ كلا من الأستاذين: عبد القادر فضيل ومحمد فارح حول مقاصد القرآن والسنة النبوية في تربية الأسرة المسلمة.
وعملا بما جاء في الأثر “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له” قامت عائلته بجمع ونشر مقالاته التي صدرت في جريدة البصائر والمجلات، في مجموعة كتب منها ما صدر في حياته تحت عنوان “توجيهات من القرآن والسنة” سنة 2014، تصدرته مقدمة الدكتور عبد الرزاق قسوم.
وبعد وفاته أصدرت له وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ثلاثة مجلدات، تتضمن تراثه من الأحاديث والمقالات والمحاضرات المنشورة في عدة مناسبات وخاصة مقالاته والمحاضرات المنشورة في عدة مناسبات وخاصة مقالاته في أسبوعية البصائر تحت عنوان “في رحاب القرآن والسنة” فكان صدور المجلد الأول سنة 2016- والمجلد الثاني في جزئين سنة 2019.
اهتم الشيخ بثلاث قضايا أساسية كان يتناولها باستمرار في مقالاته الصحفية، ومحاضراته وهي: تفسير القرآن وفقه الدعوة، وتراجم أعلام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
تكريمه:
كُرم الشيخ محمد الأكحل شرفاح في حياته وبعد وفاته، فكانت المبادرة الأولى من جمعية “حراء –شعبة المقرية- بحفل أقيم بقاعة النشاط الثقافي بحسين داي بحضور الشيخين عبد الرحمن شيبان والطاهر آيت علجت، أثنى عليه الشيخان عرفانا بجهوده المبذولة في سبيل التربية والتعليم والدعوة الإسلامية كما كرمته مؤسسة الإعلام بدار الشروق في 30 مارس 2009 بحضور مجموعة من الشيوخ والأساتذة منهم الشيخ محمد الشريف قاهر، والشيخ سعيد شيبان، والأستاذ زبير طوالبي الثعالبي (رحمهم الله جميعا) وفي حضرة كل من الأستاذ علي فضيل رحمه الله مدير مؤسسة الشروق وهو الذي قال في حضرة الشيخ هذا التكريم بمثابة اعتراف من التلميذ لأستاذه وأنا الذي تشرفت بأن يكون أستاذي بنادي الترقي مشيرا إلى أن هذا التكريم لا يساوي قطرة من بحر وهو الذي أفنى حياته لخدمة الإسلام والوطن وانتهج خير نهج للدعوة الإسلامية فاختار نهج الوسطية والاعتدال..” وخلال هذا الحفل تناول الكلمة نجله الأستاذ سيف الحق للتذكير بخصال والده وفضله في تربية أولاده وتعليمهم وفي اليوم التالي 31 مارس 2009 نشرت جريدة الشروق اليومية تفاصيل حفل التكريم في صفحتين 10 و11 تصدرت صفحتها الأولى صورة مشرفة لفضيلة الشيخ محمد الأكحل شرفاء. وبعد وفاته بادرت جمعية العلماء المسلمين في شهر مارس 2015 وفي نادي الترقي بإقامة حفل تأبين بحضور أفراد عائلته.