عن الجمعية وجهـود أبنائها … وعن النُكران الذي تلقـاه …
يكتبه: حسن خليفة/
سافر إخواننا من المكتب الوطني قبل أيام إلى عدد من مدننا وولاياتنا في الجنوب الكبيرالشاسع الوسيع.
في وفد تكوّن من الشيخ نورالدين رزيق، وموسى باحمد ود. اسماعيل عطاء الله، والشيخ الأستاذ إبراهيم بن ساسي … إلى كل من:
ـ إليزي
ـ تمنراست
ـ جانت ، ثم مدن أخرى هناك.
حيث التقوا ـ هناك ـ مع السلطات المحلية ، الولّاة ورؤساء المجالس الشعبية الولائية، والأعيان والشباب والأفاضل من أحباب الجمعية وأعضائها القدامى والجدد، وأشرفوا على تنصيب وتجديد شُعب الجمعية هنالك.
إنها ولايات في عمق صحرائنا الجميلة الكبيرة الواسعة، ولكن ينبغي أن يكون لهذا الكلام مقامه وسياقه هنا، ومن ثم يحتاج الأمر إلى بعض الشرح والتفسير .
لنعطي فكرة صغيرة فقط ينبغي أن نعرف كم تبعد هذه المدن عن العاصمة؟.
ولسـنا هنا في مجال الاستعراض أو المنّ.
إن أقـلّ مسافة تبعد عن العاصمة 1800 كلم، فيما تصل المسافة لبعض المدن الأخرى إلى نحو 2500 كلم.
وقد قيل إن السفر قطعة من العذاب، ومقتضى التنقل يحتاج إلى جهد ووقت وعمل وتنظيم وحركة وتحمّل ..
فماذا يعــني ذلك في سياق جهود حركة أبناء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هذه، وماذا يعني عموم حركتها هنا وهناك، في مختلف الولايات، وفي مجالات متعددة متنوعة؟
إنه يعني الاهتمام بالوطن، كل الوطن، فيما يتصل بالعمل للدين وخدمة البلد، من خلال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
كما يعني الحرص على تغطية كل الولايات بعيدة وقريبة، قديمة وجديدة بالنسبة لنشاط الجمعية ووصولها إلى أبعد نقطة؛ حيث لا تفرق الجمعية بين ولاية وولاية، ومدينة ومدينة، فالوطن قطعة واحدة ومساحة واحدة موحّدة، وجميع أبنائها سواسية في حقوقهم وواجباتهم.
لقد كان محور الحديث في تلك الزيارات ومفتاحه هو «النهوض» بتلك الولايات في المجالات الثقافية، العلمية، الدينية، التربوية، الفكرية الخ، والمفتاح كان «التعاون» بين كل المكوّنات في كل ولاية من تلك الولايات بمدنها وقراها، التعاون بين الجمعية والسلطات المحلية، التعاون بين الجمعية والجمعيات الموجودة، التعاون بين الجمعية والمؤسسات المختلفة القائمة ..
مرة أخرى ماذا يعني ذلك؟ وكيف يجب أن يُنظر إلى ذلك؟
يعني أن الجمعية مكوّن إيجابي رئيس من مكوّنات الوطن /المجتمع وهي أحرص ما تكون على تحقيق كل ما يتعلق بالنهوض بالوطن وتحقيق تقدمه، في جميع المجالات.
والواقع الذي يجب الإقرار به: إن هذا ليس سوى جزء بسيط من نشاط وعمل الجمعية في نشر القيّم وزراعة الخيروغراس الفضائل تعزيزا للقرآن (تعليما وتحفيظا)، وتوثيقا لعرى التجانس والانسجام بين أبناء الوطن، وخدمة لثقافة الوطن وتاريخه ومبادئه، وعناية بالنشء ورعاية للشباب (ذكورا وإناثا) …الخ .
هذا إضافة إلى عشرات الأعمال الكبيرة والهامة، في كل المجالات، كما يشهد بذلك أهل النزاهة والصدق، في كل المستويات مسؤولين وغيرهم.
وإذن …
السؤال ألا ينبغي تقدير هذه الجهود الكبيرة الهامة الوازنة؟ ألا ينبغي فهم حقيقة وطبيعة عمل الجمعية على الوجه الصحيح وهي أنها تمثل إضافة نوعية في بناء الوطن وإعلاء شأنه وقيّمه؟
وإذا كان الأمر كذلك …وهو كذلك بالفعل، فلماذا هذا التضييق على الجمعية بأشكال (غامضة) معتمة؟
لماذا تضايَق الجمعية في مدارسها فتُغلـق بعض المدارس تحت دعاوى متهافتة (والأدلة عند قيادة الجمعية وهي المخوّلة بالحديث عنها بشكل صريح) ؟.
ولماذا يُمنع الإشهار عن مطبوعات الجمعية وهي كثيرة بالمناسبة، ومفيدة.
مطبوعات علمية،معرفية، فكرية، ثقافية، إعلامية، ودعنا نستعرضها هنا للتذكير:
ـ البصائر أم الجرائد الوطنية الأسبوعية التي تصدر بانتظام منذ أزيد من ثلاثين عاما كاملة ؛ وقد صدر منها أكثر من 1100 عدد؛
ـ الشاب المسلم (المجلة الثقافية الإعلامية الرائدة في مجالها بالفرنسية وا لانكليزية)؛ وصدر منها أكثر من 40 عددا؛
ـ التبيان: (المجلة الثقافية المعرفية الإصلاحية الراقية) وقد صدر منها خمسة عشر 15 عددا حتى الآن؛
ـ المقدّمة: المجلة العلمية المحكّمة التي تصدر مرتين في الســنة، والتي يُطمح أن تكون منبرا علميا معتمدا للنشر العلمي الرصين، وقد صدر منها خمسة أعداد.
ـ الربيئة: وهي تصدر إلكترونيا وورقيا، ولها شقيقات:كتاب الربيئة، و(آصرة «الأسرية») واقتصادنا الإسلامي العلمية المحكمة؛
تشكيلة متكاملة من المعارف والفنون والعلوم، في وسائط متنوعة (صحيفة، مجلات ورقية، مجلات إلكترونية)
والله لو أن الجمعية لم تقدم غير هذه التشكيلة من المطبوعات (المنتوجات) لكان ذلك كافيا، فما بالك وهي تقدم ـ كما يعلم الجميع ـ الكثيرالكثير الكثير في شتى الميادين.
لـقد أقرّ كل من قرأ مطبوعات الجمعية وتعرّف عليها بأنها مطبوعات تستحق التقدير والتبجيل والتشجيع والدعم. ولكن ذلك لا يحصل للأسف الشديد؟ بل العكس هو الذي يحصل ..شيء أشبَه بالخنق، وكأن المراد أن تتوقّف؟.
من يرتضي ذلك يا تُرى؟ ومن يريده؟. لا نتهم أحـدا ولكن نقول للتصويب: ما تقوم به الجمعية يحتـاج إلى دعم، وعون، وتيسير سبل النجاح لتحقيق الأهداف الإسلامية الوطنية الواضحة في قوانين الجمعية، وليس العكس.
لذلك نأمل أن يكون ماحدث سوء تفاهم ليس أكثــر …
وما أحوجنا إلى التـعاون والتعاضد والتناصر، وتعزيز عُرى التكامل، وتمتين الانسجام وتعميق التناغم فذلك هو السبيل لخدمة الوطن والمجتمع الجزائري التوّاق إلى الازدهار والقوة والمَنعة وعلوّ المكانة.