الحدث

تركيا وسوريا: زلزال بحجم الكارثة الإنسانية

متابعـــة: عبد القادر قلاتي/

تتواصل عمليات البحث عن ناجين بين الأنقاض منذ ضرب الزلزال المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا، وقد تعدت حصيلة الشهداء 22 ألف شهيد في البلدين، وشرد أعدادا لا تحصى في ظلّ البرد القارس. وتخشى منظمة الصحة العالمية من أن يصل عدد الضحايا إلى ما فوق ذلك، وقد قدرت عدد المتضررين من الزلزال بـ 23 مليونا. وفي تركيا وحدها، تجاوز عدد شهداء الزلزال 20 ألف شهيد، كما ارتفع عدد المصابين إلى 50 ألفا، وفقا لأحدث إحصاء أعلنته إدارة الكوارث والطوارئ التركية. وقالت إدارة الكوارث إن نحو 100 ألف من عناصر البحث والإنقاذ يعملون في المناطق المنكوبة، وأوضحت السلطات أن الساعات المقبلة حاسمة في إنقاذ المحاصرين بين الأنقاض. وقد دخل القرار الرئاسي بتطبيق حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر في المناطق المنكوبة حيز التنفيذ، بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده أمام أكبر كارثة في تاريخها.

في غضون ذلك ارتفع عدد ضحايا الزلزال في عموم سوريا إلى قرابة 3000 شهيد وأزيد من 5000 جريح، وسط صعوبات في إيصال المساعدات، وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأناضول.
وقالت فرق الدفاع المدني المعروفة باسم الخوذ البيضاء في شمال سوريا إن عدد الضحايا مرشح للارتفاع، في ظلّ صعوبات في الوصول إلى بعض المناطق المنكوبة ونقص الإمكانات والمعدات الثقيلة وبرودة الطقس.
وأشار الدفاع المدني إلى أن أكثر من 375 مبنى انهار كليا، وأكثر من 1200 مبنى جزئيا، كما تصدعت آلاف المباني الأخرى.
يذكر أن وقوع الزلزال -الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر – كان يوم الاثنين (06/02/2023) في الرابعة صباحا بالقرب من مدينة غازي عنتاب التركية، وبلغت هزة ارتدادية لاحقة نفس الدرجة تقريبا، وكان مركزها في «قهرمان مرعش».

  
فرق الإغاثة الجزائرية في قلب الاحداث
وكانت المساعدات وفرق الإغاثة الجزائرية، قد وصلت صبيحة يوم الثلاثاء (07/02/2023)، إلى المناطق المنكوبة بسوريا، مرفقة بـ(86) عون حماية مدنية من مختلف الرتب وبحسب تصريحات النقيب المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، مراد يوسفي، أن الجزائر تعتبر من ضمن البلدان الأوائل التي وصلت إلى مواقع الزلزال، الفرقة الأولى التي اتجهت إلى تركيا، تضم 89 عونا، وصلت إلى المطار المعني، منتصف الليل والنصف ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، مؤكداً أن كامل الإجراءات تمت في وقتها، ليتوجهوا فور ذلك إلى المنطقة المنكوبة من أجل الإنقاذ والإسعاف، أما الفرقة الثانية التي توجهت إلى سوريا، فانطلقت –حسب يوسفي – يوم الثلاثاء، وتضم 86 عونا بمختلف الرتب، حطت، بمطار سوريا ومرت بمختلف الإجراءات الإدارية، وقدمت لهم المعلومات حول المنطقة المتضررة سواء فيما يتعلق باللغة أو التقاليد والديانة، مؤكدا أن الفرق الجزائرية المعنية بالإنقاذ تتمتع باستقلالية في الأكل والشرب والمبيت وحتى الغاز والكهرباء، لمدة 10 أيام كاملة حتى لا تكون عالة على الدولة المنكوبة.
للتذكير، فإن النقيب في الحماية المدنية، قد تحدث عن الفرقتين المرسلتين إلى تركيا وسوريا، أن لها شارة دولية من منظمة الأمم المتحدة وتتمتع بكامل المعدات والخبرة في المجال، مشيرا أن الحماية المدنية قامت بالتسجيل في المنصة الرقمية لتسيير الكوارث العالمية، خلال الساعة الأولى من حدوث الزلزال، بأمر من رئيس الجمهورية.

تاريخ الزلازل في تركيا
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «زلزال مرعش الذي وقع فجر يوم الاثنين (06/02/2023)، يعد أكبر كارثة عشناها منذ زلزال أرزينجان عام 1939».
وتقع تركيا في منطقة تشهد نشاطا زلزاليا هو من بين الأعلى في العالم، إذ تتموضع على خط صدع عميق.
وفي أواخر نوفمبر الماضي ضرب زلزال بقوة 6,1 شمال غرب تركيا موقعا حوالي 50 جريحا وتسبب بأضرار محدودة، وفق أجهزة الإسعاف التركية.
وفي أكتوبر عام 2020، ضرب زلزال بقوة 7 درجات بحر إيجه، ما أسفر عن مقتل 114 شخصا وإصابة أكثر من ألف آخرين بجروح في إزمير.
وفي فبراير 2020، ضرب زلزال بقوة 5.7 درجات منطقة حدودية بين تركيا وإيران، وأدى إلى مصرع 9 أتراك على الأقل، بينهم أربعة أطفال، وجرح 51 إيرانيا، وفق ما أعلنت سلطات البلدين.
وفي جانفي 2020، ضرب زلزال بقوة 6,7 درجات منطقة إلازيغ، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصا.
وفي أكتوبر 2011، تسبب زلزال بقوة 7.2 درجة في شرق تركيا في مقتل 138 شخصا على الأقل وإصابة حوالي 350 آخرين، وكان مركز الزلزال في مقاطعة فان على مقربة من الحدود مع إيران، وشعر به بقوة في المناطق المجاورة وبعض أجزاء شمال العراق.
وفي مارس 2010، ضرب زلزال بقوة 6.0 درجات شرق تركيا، مما أسفر عن مقتل 51 شخصا، ودمرت قرية واحدة إلى حد كبير وتضررت أربع قرى أخرى بشدة، وضرب زلزال ثان قوته 5.6 درجة المنطقة نفسها بين عشرات الهزات الارتدادية.
وتركيا من بين أكثر الدول المعرضة للزلازل في العالم، وقتل أكثر من 17 ألفا في 1999 عندما ضرب زلزال قوته 7.6 درجة ازميت جنوب شرقي إسطنبول. وفي 2011، قتل زلزال ضرب مدينة فان بشرق البلاد أكثر من 500 شخص وفقا لرويترز.
وفي 1999 كانت تركيا قد شهدت في السابع عشر من شهر أغسطس زلزالا اعتبر من أكبر الزلازل في التاريخ التركي، واستمر 45 ثانية.
ووفقا لتقرير لجنة البحوث البرلمانية بتاريخ يوليو 2010، فقد 17 ألفا و480 شخصا حياتهم وأصيب 43 ألفا و953 شخصا في الزلزال، بينما تشير مصادر غير رسمية إلى أن عدد القتلى قرابة 50 ألفا.
ووفقا للبيان الذي أدلى به مركز الأزمات التابع لرئاسة الوزراء بعد أشهر قليلة من الزلزال، فإن أكبر خسائر في الأرواح كانت في «غولجوك» حيث بلغ عددهم نحو 4500 شخص، في حين أن الخسائر في الأرواح المسجلة في «كوجالي» كانت 4 آلاف، وفقد ما يقرب من 2500 شخص حياتهم في «يالوفا» و»سكاريا»، وفي حي «أفجيلار» في إسطنبول، الذي تضرر من الزلزال، فقد 976 شخصا حياتهم.
وبالعودة إلى الوراء كانت تركيا قد تعرضت لزلزال عنيف في ولاية «أرض روم» في عام 1983، وفي عام 1991 ضرب زلزال آخر ولاية أرزينجان.
في حين شهدت «كوجالي» و»دوزجي» شرق إسطنبول زلزالا مدمرا في 1999، شهدت «أفيون قره حصار» و»سلطان داغي» في عام 2002 زلازل أيضا، وتبعه آخر في بنغول في عام 2003 وولاية فان عام 2011.
وكانت قد بدأت آثاره منذ عدة سنوات قديمة، بالزلزال المميت في عام 1939 والذي كان بقوة 8.1 في مدينة أرزيجان، وأسفر عن مقتل أكثر من 33 ألف شخص، ليكون الزلزال الأول في تاريخ تركيا الحديث».
فيما بعد، وبعد الزلزال الأول «المميت» حدثت عدة هزات أرضية وزلازل مماثلة بقوة 7 درجات، حسب الخبير، واستمرت حتى عام 1999 في الزلزال الذي ضرب «أزميت».
أقوى الزلازل التي ضرب سوريا في التاريخ
ليس بالبعيد عن تركيا شهدت سوريا عبر التاريخ عدداً من الزلازل التي خلَّفت وراءها خسائر كبيرة سواء من الناحية البشرية أو حتى المادية، من بين هذه الزلازل نذكر:
زلزال دمشق سنة 847:
في 24 أكتوبر/تشرين الأول 847 شهدت مدينة دمشق في سوريا زلزالاً متعدد الضربات، إذ امتد من مدينة دمشق في سوريا إلى مدينة أنطاكيا التركية شمالاً وإلى الموصل شرق سوريا تجاوز عدد الضحايا الناجم عن هذا الزلزال 20 ألف شخص في مدينة أنطاكيا و50 ألفاً في الموصل، فيما يعتقد العلماء أنه من بين أقوى الزلازل التي ضربت صدع البحر الميت في التاريخ.
زلزال حلب 1138:
في 11 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1138 شهدت مدينة حلب أحد أقوى الزلازل في تاريخ الكرة الأرضية، تسبب الزلزال حسب «britannica» في مقتل أزيد من 230 ألف شخص فيما بلغت قوته 8.5 درجة على مقياس ريختر.

زلزال حماة 1157:
سنة 1157 وبالقرب من مدينة حماة بسوريا حدث أحد أكثر الزلازل المدمرة في تاريخ المنطقة، إذ قدر عدد الضحايا بعشرات الآلاف، إذ يذكر المؤرخ الطرابلسي د. عمر تدمري في كتابه «تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور» أن الزلزال العظيم هذا أصاب كونتية طرابلس التي كانت تحت الحكم الصليبي في زمن الكونت ريموند الثالث، وهلك أكثر أهلها، فيما هُدم الكثير من أبنيتها.

تعزية الجمعية لضحايا الزلزال
يتقدم الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأعضاء المكتب الوطني بواجب العزاء للشعبين التركي والسوري العزيزين، ولأهالي الضحايا، سائلين المولى سبحانه وتعالى أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يعجل بالشفاء للجرحى والمصابين.
كما يتقدم رئيس جمعية العلماء الدكتور قسوم بخالص العزاء والمواساة للشعبين سائلاً المولى -عز وجل – أن يتغمد ضحاياهم بواسع رحمته، ويجزيهم خير الجزاء، ويكرم نزلهم، ويدخلهم جنة الفردوس، ويلهم ذويهم ومحبيهم الصبر والسلوان، وأن يمن على المصابين بسرعة الشفاء والعافية وأن يحفظ بلاد المسلمين جميعا من كل مكروه ويبارك في أهلها.
ويطالب فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرزاق قسوم أهل الخير في العالم أجمع بالقيام بواجب الإغاثة العاجلة من الزكوات والصدقات العامة وغيرهما، فهذا واجب شرعي نحو إخواننا، مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..}. وقال الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم -: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com