عائد من عاصمة الأوراس باتنة في رحلة ثقافية وتاريخية
بسكرة/سعدي بزيان/
تاقت نفسي إلى القيام برحلة إلى عاصمة الأوراس، حيث هناك مجموعة من الأصدقاء وزملاء الدراسة في معهد ابن باديس وأساتذة جامعيون تربطني وإياهم علاقة البحث والانتماء الجهوي والفكري، فقد سبق للكثيرين منهم أن قرأوا كتبي ومقالاتي في الصحافة الوطنية وخاصة في جريدة البصائر التي أساهم فيها بمقالات وأبحاث وأراسلها من باريس، وقد توجت ذلك بـ كتاب بعنوان: (شاهد على ميلاد الحركة الإصلاحية لجمعية العلماء في الأوراس) وقد قضيت 5 أيام في عاصمة الأوراس باتنة كانت كلها اتصالات ثقافية مهمة تصب في مصلحة الوطن، فكان أهم هذه الاتصالات بالباحثة والأستاذة الجامعية الدكتورة بن زروال أستاذة التاريخ وعلم الآثار، بجامعة الحاج لخضر بباتنة التي سلمت لي بحثا لطالبتين فريدة مخلوفي وغنية عماري وهو عبارة عن مذكرة لنيل شهادة الماستر وهو بعنوان: (طلبة معهد عبد الحميد بن باديس ودورهم السياسي والإعلامي والحقوقي ما بعد الاستقلال، محمد مهدي وسعدي بزيان نموذجا) ونشر هذا البحث في كراس وحصلت عليه بإهداء من طرف المشرفة على الطالبتين د. جمعة بن زروال، وقد سبق للأستاذة بن زروال أن نشرت حول أعمالي عدة دراسات وأبحاث، ولعل أبرز وأهم هذه الأبحاث في نظري هو البحث الذي نشرته في مجلة التغير الاجتماعي العدد الثالث والصادرة عن كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة محمد خيضر بسكرة، وهي دورية محكمة وعلمية وهي بعنوان:(الأستاذ سعدي بزيان وكتاباته الانتروبولوجية عن المجتمع العربي المسلم في المهجر) وخلال وجودي بعاصمة الأوراس سجلت حصة عن شهادتي كطالب في معهد ابن باديس وطلبة المعهد من الأوراس ودورهم في ثورة نوفمبر 1954 وذلك في مقر مكتب الأمانة الوطنية للمجاهدين بباتنة، وتلقيت عدة أسئلة واستفسارات من 3 طالبات في الجامعة حول دور طلبة الأوراس في الثورة، من معهد ابن باديس وقد وجدت تعطشا كبيرا من الطلبة والطالبات في جامعة باتنة حول مزيد من المعرفة عن تاريخ الثورة وخاصة من أفواه الذين عاصروا هذه الثورة أو كانوا من جنودها، وقد حضر معنا خصيصا لهذه المناسبة المجاهد المسعود اونصر بزيان وهو من المجاهدين الأوائل في ثورة نوفمبر 1954 وقد أدلى بشهادة حية أمام الطالبات وفي مكتب الأمانة الوطنية للمجاهدين بباتنة، وقد اغتنمت فرصة وجودي في عاصمة الأوراس فزرت الجامعة صحبة د. الطيب بودربالة الذي عاش معي عدة سنوات وهو بصدد إعداد شهادة الدكتوراه في الأدب، وقد وعدني أحد أساتذة التاريخ بأنه سوف ينظم لي لقاء مع طلبة قسم التاريخ لفتح نقاش حول ملف الذاكرة.
وكتب الله لي أن أحضر وفاة المجاهد والفدائي عبد الحميد قرفي صاحب مطبعة دار الشهاب ومكتبة النهضة وأقف على قبره وذلك بعد أيام سبقت وفاته.
وأنا أعد لتقديم مذكراته للترجمة العربية وكنت قبل مدة كتبت شهادة عن والد المصلح سي المسعود قرفي أحد قادة الإصلاح في باتنة وكان واحدا من وجوه الإصلاح في قريتنا بغوفي غسيرة دائرة آريس.
رحلة 5 أيام كانت رحلة مثمرة تخللتها لقاءات عديدة مع جامعيين وتمنيت لو أن الرحلة دامت أكثر للقيام باتصالات ولقاءات أخرى وكنت أتمنى أن ألتقي بالمهندس شعباني ابن العقيد سي الحواس قائد الولاية 6 لزيارة مسقط رأس والده بمشونش حيث تم تحويل منزل مسقط رأس الوالد إلى متحف وبلغني أنه أهدى كتابا قيما عن والده، كنت أطمح في الحصول على نسخة منه، وخلال وجودي في باتنة حصلت على عدة كتب لها صلة بالأوراس منها كتب الأستاذ والمحامي سي فرحات نجاحي خريج معهد ابن باديس والزيتونة والمجاهد، وقد ترددت على مكتبة النهضة لآل قرفي وفيها تباع بعض لفرنسيين أحرار في ثورة نوفمبر 1954، والصراع حول قيادة الإسلام في فرنسا، كما أنني اشتريت منها مذكرات الأستاذ فرحات نجاحي وسررت كثيرا عندما رأيت لافتة حول “فضاء بن ساعي حمودة في المكتبة هذا العلامة الذي أهمله بنو قومه وهو من أساتذة المفكر مالك بن نبي مات وهو لا يكاد يجد قوت يومه في حين يتمتع الجهلة والأنذال بثروات لا حد لها ولا عد ولله الحمد من قبل ومن بعد، وقد خصصت للعلامة بن ساعي صفحات في كتابي شاهد على ميلاد الحركة الإصلاحية لجمعية العلماء في الأوراس. منشورات بهاء الدين بحري بقسنطينة ولم يصل بعد إلى باتنة بعد سنتين من الصدور هكذا مصير الكتاب والكاتب في الجزائر وعش رجبا تر عجبا بل في الجزائر ترى عجائب وغرائب.