ما بعد التوقيع على اتفاقيات «إيفيان Evian» الجزء السادس
أ د. عمار طالبي/
وبمناسبة زيارة البابا جون بول إلى باريس في سنة 1980 وضع بركوك نصا يدعو إلى حوار إسلامي مسيحي، كما دعا بركوك بمناسبة ترشح متران للرئاسة أن يكون هناك بيان يعد باحترام حرية العبادة، وذلك في سنة 1981 وفي الوقت نفسه استقبل حمزة بوبكر السيد P.Bérégovog الذي أبلغ تهانيه إلى متران، وكان لحمزة بوبكر علاقات متميزة مع الاشتراكيين، ومع قدماء أصحاب Guy Mollet ونجح بهذا أن يلغي موعدا للقاء ممثلي الفرنسيين المسلمين، ومحيط متران من أجل الحاجة إلى الحملة الانتخابية لسنة 1974، ونجح أبو بكر أن يكون هو الوحيد الممثل لمسلمي فرنسا.
إن الحكومة الاشتراكية أهملت مشروع إصلاح جمعية الأحباس والمعهد، ولم تأخذ بعين الاعتبار تقرير بركوك الذي قدمه في جوان 1981 واختار الاشتراكيون الموافقة على ما اتفق عليه أبو بكر مع الحكومة الجزائرية، وتصبح إدارة شؤون العبادات والمسجد مشتركة بين أكثر من دولة، وقام الوزير الاشتراكي للشؤون الاجتماعية باستشارة بركوك وطلب من الشيخ عباس الذي عينته الحكومة الجزائرية بطلب محتشم منه أن يؤسس لجنة مفتوحة لاتجاهات إسلامية أخرى لما كان هناك من تنافس بعد ذلك بين المغرب والجزائر والسعودية.
طلب متران تقريرا عن الإسلام يحتاج إليه في حملته الانتخابية في أفريل 1988، فاقترح بركوك اقتراحا للدراسات الإسلامية العليا، وبعد انتخابه اقترحت الرئاسة إنشاء هذه المؤسسة ولكن وزير الداخلية ووزير التربية اعترضا على ذلك، إلا الرئاسة وافقت على تعيين التجيني هدام عميدا لجامع باريس.
استشارات الرئاسة الفرنسية الأستاذ علي مراد في الصيغة التي تعطي لهذا المعهد فهو المتخصص في الإسلاميات فاقترح أحد أمرين إما إنشاء كلية الشريعة (أو أصول الدين) وسماها Faculté de théologie وتكون في استراسبورق: Strasbourg أو إنشاء معهد إسلامي خاص Privé مثل المعهد الكاثوليكي في باريس، ولكن أركون محمد الذي رفض أن يكون عضوا في اللجنة (لجنةDominato) ولكنه عاد فاقترح «دراسة الظاهرة الدينية» ورفض كلمة Théologie ولم توافق على ذلك وزارة الداخلية تبعا للمكتب المركزي للشؤون الدينية أي Bureau central des cultes وذلك في سنة 2006.
وفي سنة 1995 كتب بركوك إلى لمين زروال مهنئا له في انتخابه بالرئاسة الجزائرية واقترح عليه إنشاء هيئة مغاربية مكلفة أن تجعل نهاية للنزاع الجزائري المغربي، لمراقبة المساجد في فرنسا.
وبقي بركوك متمسكا بتنظيم الشؤون الإسلامية في فرنسا، في إطار مسجد باريس، مع إصلاح جمعية الأحباس، وبعد الاستشارات لم يؤخذ بعين الاعتبار ما اقترحه بركوك بسبب عدم موافقة الأعضاء اليساريين واللائكيين.
فأنت ترى كيف كان بركوك حريصا على إنشاء مؤسسة إسلامية علمية تحافظ على وحدة المسلمين في فرنسا ورعاية شؤونهم عن طريق التربية والتعليم، وبقي إلى آخر حياته يسعى لضمان ذلك، ولكن السياسيين الفرنسيين لم يكونوا على رأي واحد وأدى ذلك الجانب السياسي إلى نوع من النزاع، رغم ما قدم بركوك من اقتراحات مثل اقتراحه أن يكون بامات Bamate هو الذي يدير المعهد وهو شخصية مشهورة في العالم الإسلامي وفي فرنسا ذاتها.
فانتهى الأمر إلى أن فرنسا رضيت باقتراح حمزة بوبكر على أن تتولى الجزائر التكفل بميزانية هذا المعهد ودفع مرتب إلى عميده وتولى الشيخ العباسي بن الشيخ الحسين وبعد ذلك الدكتور تجيني هدام ثم حمزة ثم إبنه دليل، مع قلة معرفته بالإسلام، وشريعته، فهل وفق من جاء بعده وهل النظام الجزائري ما يزال يدفع الميزانية دون جدوى؟ الأمر بيد من يراقب ويدرس الواقع في المسجد، وفي من يدير اللجنة الدينية في وزارة الداخلية الفرنسية ووزارة الشؤون الدينية بالجزائر، والرئاسة التي تتولى تعيين العميد، ويبدو أن التأثير خرج من أيدي الجزائريين في فرنسا، أما عبد القادر بركوك رحمه الله فقد كان متدينا حريصا على أن يكون وضع الإسلام والمسلمين في فرنسا وضعا مفيدا وكان قد التقى بالرئيس زروال لمين، وشابو، وهو الذي سلم للجبهة مخطط شال المكهرب في الحدود، كي يعرفوه فلا يضر المجاهدين الذين كانوا يدخلون السلاح إلى الجزائر من الحدود التونسية والمغربية، وبقيت الصحراء مفتوحة عن طريق ليبيا، وقد شهد له جماعة بالنضال منهم ولد قابلية كتابة.