الفتوى رقم:255/ محمد مكركب

الموضوع: التكفير عن اليمين وصيغة الحلف بـ: وحَقِّ الله، وتالله.
قالت السائلة: أغضبني ولدي، فأقسمت أن أتبَّرأ منه، ولما ترجاني ولدي، تصالحت معه. والسائلة تسأل ماذا عليها أن تفعل؟
بعد أن قالت: والله لن أدخل بيت ولدي ولن أزوره. فكيف أكفر عن هذا اليمين؟ قالت: وهل إذا قلت: وحق الله، يعتبر يمينا؟
الجـــواب:
أولا: لا يليق بالمسلم والمسلمة التسرع إلى الحلف بالمقاطعة، أو اتخاذ أي قرار في حالة الغضب. كما يتسرع بعض الأزواج إلى التلفظ بالطلاق، أو بالتحريم، وغير ذلك. فعلى المسلم أن يروض لسانه على النطق بالكلمة الطيبة الهادئة المطمئنة، وأن يتدرب على الحوار العقلاني، والدعاء لبعضنا البعض، بدلا من القدح والتعيير. كأن يقول: هداك الله. غفر الله لك. سلام عليك. وعندما يشتد بك الغضب. قل: {أعوذ بالله من الشيطان الرجيم}، قال الله تعالى:﴿وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً﴾[الإسراء: 53]؛ والآية نزلت في أحد الصحابة وذلك أن رجلا من العرب شتمه، فهم بضربه، فكادت تثير فتنة فأنزل الله تعالى الآية. وقال تعالى:﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾[الشورى:43].
والله تعالى أعلم.
ثانيا: التكفير على اليمين، قال الله تعالى:﴿لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[المائدة: 89]. وفي الحديث: [مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ]. وفي الحديث الشريف: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ] (مسلم.كتاب الأيمان. رقم:1650).
فعلى الأخت السائلة أن تطعم عشرة مساكين. فإذا استطاعت فبصاع لكل مسكين، أو بنصف صاع، فإن لم تجد فبمد لكل مسكين من تمر، أو دقيق، ويستحب أن يكون معه شيء من زيت أو لحم.
والله تعالى أعلم.
ثالثا: استغفري الله تعالى، وادعي بهذا الدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه. [اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ].
والله تعالى أعلم.
رابعا: نعم، من قال: وحق الله، فهي يمين. ورد في الجامع لأحكام القرآن.قال القرطبي: (واجتهدوا فِي: وَحَقِّ اللهِ وَعَظَمَةِ اللهِ وَقُدْرَةِ اللهِ وَعِلْمِ اللهِ وَلَعَمْرِ اللهِ وَايْمِ اللهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّهَا أَيْمَانٌ تَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي وَحَقِّ اللهِ وَجَلَالِ اللهِ وَعَظَمَةِ اللهِ وَقُدْرَةِ اللهِ، يَمِينٌ إِنْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ).
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.