الدكتور علي ملاحي، أستاذ الدراسات النقدية الحديثة والمعاصرة للبصائر:
ينقصنا التأسيس لمجمع اللغة العربية لإحياء التراث اللغوي
حاورته فاطمة طاهي/
أكد البروفيسور، علي ملاحي، أستاذ الدراسات النقدية الحديثة والمعاصرة، بجامعة بوزريعة، على شعور الإنسان العربي بالدونية أمام المتكلمين باللغات الأخرى المنتجة والمتحكمة في دورة الإنتاج الفكري والاقتصادي مع ضعف المنظومة العربية السياسية والتربوية والثقافية الذي حال دون انتقال البحث اللساني العربي من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الإنتاج. كما حدثنا الدكتور عن واقع اللغة العربية في الجزائر ومسألة ترقيتها وتطوير تعليمها، قائلا في ذات الصدد: «تستطيع الجزائر عقد اتفاقيات علمية انطلاقا من قرارات سياسية قوية حتى تساهم جنبا إلى جنب مع مصر والسعودية والدول العربية الأخرى في تمكين اللغة العربية من الدخول بقوة إلى السوق الاقتصادية العالمية…» مضيفا أن التجربة الإنسانية والتحولات المعرفية أكدت ثراء اللغة العربية وقدرتها على مسايرة العصر، كما برهنت على قدرتها وقوتها في مواكبة التطورات الحاصلة في مختلف مناحي الحياة دون عجز أو ضعف في ذلك كغيرها من اللغات العالمية الأخرى.
في البدء دكتور لو تقدم لنا نبذة عن شخصكم الكريم؟
– الأستاذ علي ملاحي، من مواليد 1961م، أنتمي إلى أسرة ريفية، أستاذ التعليم العالي والبحث العلمي بجامعة الجزائر 2 قسم الأدب العربي، تخصص الدراسات النقدية الحديثة والمعاصرة، متحصل على الماجستير من جامعة عين شمس بالقاهرة، ودكتوراه دولة من جامعة الجزائر، مؤطر لعدد معتبر من طلبة الماجستير والماستر وطلبة دكتوراه العلوم ودكتوراه ل م د. رئيس تخصص دكتوراه الخطاب السردي منذ سنة 2015 إلى الآن حيث بصدد غلق هذا التخصص لأن الطلبة المسجلين فيه قد ناقشوا أبحاثهم ولم يبق منهم إلا القليل جدا. وعددهم أكثر من 16 طالبا وطالبة. كما أشتغل كرئيس شعبة الدراسات النقدية دكتوراه ل م د منذ سنة 2017 إلى الآن في انتظار مناقشة الدفعات المتتالية إلى غاية 2020. عضو سابق بالأمانة الوطنية لاتحاد الكتاب. رئيس تحرير مجلة «التبيين» رفقة الراحل الطاهر وطار، رئيس تحرير مجلة الحكمة للدراسات الأدبية واللغوية. رئيس وعضو عدد من لجان التحكيم الأدبية مثل جائزة علي معاشي وجائزة مفدي زكرياء. منتج برنامج إذاعي بعنوان: «أقلام على الدرب» بالقناة الأولى. مشارك بشكل متواصل في العديد من الملتقيات الوطنية والعربية.
جهود كبيرة تُبذل في سبيل ترقية اللغة العربية، ما تقييمكم لهذه الجهود وكيف ترون واقع تقدم اللغة العربية في الجزائر؟
– تدفع الجزائر عجلة تطوير اللغة العربية بكل الوسائل المادية والمعنوية، والدليل على ذلك ما نعرفه من مؤسسات في الساحة، والتي يفترض أنها تسهر على حماية اللغة العربية وتنميتها معرفيا واجتماعيا، ولابد من الاقرار بأن ما يؤديه المجلس الأعلى للغة العربية من خلال البروفسور صالح بلعيد وطاقمه كبير جدا ومشهود عليه، ومبني على موضوعية وذكاء خالصين، في ظل غياب مؤسسة مجمع اللغة العربية منذ رحيل العالم اللغوي عبد الرحمن حاج صالح، فهي مؤسسة فاعلة تحتاج إليها الجزائر من أجل تفعيل اللغة العربية وتمكينها من التواصل والتطور علميا وثقافيا وفكريا مع المجامع اللغوية العربية الجادة خاصة مجمع اللغة العربية في القاهرة وفي المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، ولابد من التذكير بأن ما تؤديه جريدة البصائر مهم جدا في هذا الشأن، وأزعم أن ما يؤديه القائمون في جمعية العلماء المسلمين يمثل عملة قوية في تطوير وحماية اللغة العربية في الجزائر، لأن الجمعية مؤسسة ثقافية فعلا وقولا، بعيدة عن كل أشكال التسييس، ولا يجب أن ننسى أن الجرائد العربية في مجموعها تحافظ على الوجه الهادف والحضور النوعي الجاد للغة العربية ومع ما يمكن أن يوجه لبعضها من نقد إلا أننا نؤكد أنها تؤدي في النهاية واجبا وطنيا وحضاريا إزاء اللغة العربية، ونحن نحترم هذه الجرائد كلها ونعزز وجودها، لأنها عنوان عربي جزائري أصيل مهما كان الأمر ورغم كل الظروف، ولابد من التأكيد هنا على الدور الذي تلعبه المؤسسات التربوية من خلال أداءاتها البيداغوجية باللغة العربية، ناهيك عما تؤديه بعض المؤسسات الجامعية في سيرورتها من خلال أقسام اللغة العربية أولا، ومن خلال التخصصات التي تدرّس باللغة العربية ثانيا، وهنا لابد من التذكير أن تنمية اللغة العربية في الأقسام والمعاهد التي تدرس باللغة الأجنبية بما في ذلك الفرنسية والانجليزية كالطب والهندسة والتكنولوجيا والإلكترونيك تحتاج إلى تحفيز لدراسة مقاييس اللغة العربية بكثافة، وذلك للحفاظ على ما أخذه الطالب أو الطالبة في مراحله التعليمية الأولى حتى لا يدچن أو يتهجن، وهذا هو الواقع مع الأسف، ولا نريده لأبنائنا وبناتنا ولبلدنا العربي الأمازيغي المسلم، ولا يجب أن يكون العقوق اللغوي للغة العربية فلسفة مقبولة بأي شكل من الأشكال، وذلك في سبيل حماية هوية الجزائر، ونحن لدينا الثقة الخلاقة حيث أن الجزائر تمتلك من المخلصين الكثير من الذين لهم غيرة على هذه اللغة، بدءا بمؤسسة الرئاسة امتدادا إلى كل مؤسسات الدولة التي لا يختلف فيها إثنان، وكل من لديه غيرة على اللغة العربية فهو ذو غيرة على الجزائر وعلى رسالة الشهداء والمجاهدين.
اللغة العربية ثرية في ذاتها من خلال بنيتها التركيبية ومعجمها الضخم الذي يتجاوز كل معاجم اللغات المختلفة لها نحوها ولها صرفها وبلاغتها إذن أين المشكلة التي تحول دون ترقيتها وتطويرها؟
– الجهود العلمية التي قدمها ويقدمها أساتذتنا في اللغة العربية نافذة وقوية جدا، وتعتبر بحوث ودراسات عبد الرحمن الحاج صالح رحمه الله مادة علمية غنية في شأن علم اللغة من جميع النواحي، وما قدمه حتى الآن الباحث المغمور ظلما الأستاذ الدكتور مكي درار من جامعة وهران، وما قدمه الشيخ مختار نويوات من جامعة عنابة، والأستاذ الدكتور عبد الله بوخلخال من جامعة الأمير عبد القادر، والأستاذ الدكتور محمد خان من جامعة بسكرة وغيرهم يؤكد أن اللغة العربية ثرية بمفرداتها وبأصواتها اللغوية وبدلالاتها التقريرية والإيحائية، وهي ساحرة بجمالياتها الفياضة. إبداعا واشتقاقا وفكرا، ولا نقاش في تراثها وفي مخزونها الرباني والبلاغي والصوتي والوجداني، ويكفينا فخرا أن الزوايا وحدها حملت ما حملت من الجهد في إثراء المخزون اللغوي للغة العربية في الجزائر، ورصيدنا منها لا غبار عليه وحري بنا أن نلفت الانتباه أن العربية في الجزائر كثيرا ما تشهد خذلانا بسبب تعصب أعمى لا أساس له في الواقع الاجتماعي أو العلمي، ونذكر هنا أن الجزائر تمتلك الكثير من المفردات التي تحتاج إلى دمج وعناية وترشيد لاستعمالها وإضافتها إلى المجلد العام الشامل للغة العربية، وذلك من أجل تحويلها إلى القاموس العالمي الواسع، وهذه مهمة يقوم بها مجمع اللغة العربية وهو ما ينقصنا في الجزائر للأسف، نؤمن أن تطوير اللغة العربية في عصر العولمة والطفرات الرقمية وتحولاته اللامحدودة تقتضي تمكين اللغة العربية من بعث كل الجهود المجمدة أو المنسية أو المهملة في الواقع الجزائري، كما نحتاج إلى قيمة الوفاء للأجداد لإعطاء أهمية كبرى للمخطوطات المركونة في محطات مختلفة في أدرار وتمنراست وبشار وتندوف وورقلة… ناهيك عن المخطوطات الغنية المخبأة في بعض الزوايا والمكتبات المهمشة عبر ولايات الوطن، اللغة العربية أثبتت أنها لغة علم ومن أراد أن يقتنع بذلك فله ذلك ومن يرفض هذه الحقيقة فهو حر وناكر للحقيقة، لأن التجربة الإنسانية وتحولات المعرفة أكدت ثراء اللغة العربية وقدرتها على مسايرة العصر. إنها لغة إبداع ولغة معرفة ولغة تجربة ولغة وجدان، ناهيك عن كونها لغة رسالة حضارية دون تعصب.
وما العوائق التي حالت دون انتقال البحث اللساني العربي من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الانتاج؟
– العوائق التي حالت دون انتقال البحث اللساني العربي من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الإنتاج يمكن اختزالها في سببين عميقين:
أولا: إحساس الإنسان العربي بالدونية أمام اللغات الأخرى المنتجة والمتحكمة في دورة الإنتاج الفكري الاقتصادي بالخصوص، ومن ثم الانكسار أمام التطور الاقتصادي العالمي الرهيب، وهو ما يجعل اللغة العربية غير قادرة على التواصل، وخير دليل على ذلك هذا التطور الاقتصادي الذي تشهده قوة اقتصادية عملاقة مثل الصين التي فرضت نفسها على العالم كشخصية اعتبارية وكلغة وكإنتاج .
ثانيا: ضعف المنظومة العربية السياسية والتربوية والثقافية بسبب انحسارها في نشاطات هلامية سطحية، وهو ما يفقد اللغة كل أسباب القدرة على تهيئة أسباب الإنتاج المادي والمعنوي والمعرفي والاقتصادي، وقد تركزت بعض الجهود في الحفاظ على العربية باعتبارها لغة القرآن وربما كانت جهود الهيئات العلمية والسياسية السعودية أقرب إلى المراهنة من أجل تحويل العربية إلى لغة منافسة للغات العالمية من خلال تحقيق نسبة فعّالة من الحضور الواسع حتى في المناطق الأكثر بدائية، وتمتلك المؤسسات السعودية على قدر هائل من الوسائل لإثبات وجود اللغة العربية كمؤسسات منتجة أكثر من الدول الأخرى، ويقدم الأزهر في مصر ومعه مجمع اللغة العربية جهودا جبارة في هذا الاتجاه بصفة عالية، لكن الظروف الاقتصادية عادة ما ترهن الكثير من التجارب الفذة التي تحتاج إلى تمويل ودعم علمي، ولدينا الثقة الكاملة بأن الجزائر تستطيع عقد اتفاقيات علمية مباشرة انطلاقا من قرارات سياسية قوية، وأن تساهم جنبا إلى جنب مع مصر والسعودية وبعض الدول العربية الأخرى في تمكين اللغة العربية من الدخول بقوة إلى السوق الاقتصادية العالمية بكل جدارة واستحقاق، وهو ما من شأنه أن يدخل اللغة العربية إلى العالم كله كلغة عالمية واسعة الانتشار.
كيف يمكن للغة العربية أن تكون فاعلة في محيطها وما السبيل لإدخالها في الحياة العامة؟
-اللغة العربية فاعلة في محيطنا الجزائري بشكل ملحوظ رغم محاولة الفرنكوفينيين إحباط كل الجهود التي تؤكد مصداقيتها الواقعية، وكثيرا ما تنهزم الإرادة اللغوية بسبب بعض العوائق غير الطبيعية التي تشتت الجهود الجادة، وكثيرا ما تصاب بالخيبة أمام كثافة الضربات التي تتلقاها من جهات نافذة تتحايل وتناور بسبب نفوذها السياسي والاقتصادي لتكسر كل المجاديف العلمية، التي تبذلها طاقات حية في الدولة، بالإضافة إلى ما تقدمه مساجدنا من تضحيات وما تعانيه من محاولات لتحويل المسجد إلى إرادة دينية بحتة ليس من حقها المحافظة على كيان اللغة العربية، ومع يقيننا بأن المسجد وكل أدوات المصالح الدينية تستطيع أن تسهل السبل لإدخال العربية إلى الحياة العامة، إلا أننا نعتقد أكثر أن المؤسسات التربوية والجامعية لها من الأهمية ما لها في هذا الشأن، لأن النشاطات البيداغوجية والأبحاث من شأنها تسهيل حضور اللغة العربية وتحويلها إلى كل المرافق العمومية والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والفكرية والاقتصادية، ومثلما تلعب المدرسة دورها، فإن البلدية والولاية وحتى المؤسسات الأمنية من شأنها إضفاء مصداقية على مشروعية اللغة العربية التي تستطيع أن تكون لغة المجتمع الجزائري بكل المقاييس.
ما هي أسباب تعاظم الفجوة بين النشء واللغة وحالة الضعف العامة في إتقان مهاراتها بين أبناء هذه الفئة؟
-المهارة اللغوية هي تكوين ودراية وعمل متواصل من أجل امتلاك ناصية اللغة، وللأسف فإن تعاظم الفجوة بين النشء الجديد واللغة العربية ناتج عن اقتناع هذا الجيل بأن العربية لا تحقق المناصب والمكاسب، ويعتبرون الوطنية مجرد ديماغوجية، ولذلك ينخرط هذا الجيل في ثقافة سطحية تمكنهم من العيش السهل وتجعلهم بدون شخصية، وكثيرا ما نسمع الأبناء يرددون هذه العبارة الجوفاء:(إذا عربت خربت) و(التعريب على وزن التهريب).
المجتمع الشباني في الجزائر مهزوز في وجدانه غير واثق من نفسه، وغير قادر على توفير لقمته فكيف يحافظ على لغته، نشعر بحزن كبير حين نسمع أن مجموعة شباب ركبوا سفينة الموت وهاجروا إلى إحدى الدول الأوروبية ثم ماتوا وسط البحر بعد غرق قاربهم، كيف أمكن لمن تهون عليه نفسه وأهله وعرضه أن يفكر باللغة العربية مثل هذا الشاب، ينسى الله، وينسى الوطن ويفكر بأنانية يقتنع بموجبها أن الحياة الرومانسية موجودة وراء البحر، جيل مصاب بهوس الحياة الرخوة، يفكر بالشوكولاطة وبالشوكة المصنوعة من ذهب وبامرأة أسطورية.
يرى الكثير من المختصين اللغويين أن أخطر ما يهدد اللغة العربية مزاحمة العاميات للغة العربية الفصحى في حين يرى آخرون أن اللغات الأجنبية هي الخطر الحقيقي عليها ما رأيكم؟
-أبدا العامية واللهجات لا خطر فيها على اللغة العربية، فاللغة العربية في كثير من بلداننا العربية قوية الحضور اجتماعيا رغم انتشار العامية في وسطها الاجتماعي الثقافي والإعلامي والدرامي، وخير دليل ما نجده في الأفلام والمسلسلات المصرية بالخصوص، العربية في مصر قوية رغم النفوذ الواسع للعامية ونفس الأمر في الكويت وفي قطر وفي الإمارات… العامية واسعة الانتشار لكنها وسيلة إثراء للغة العربية، ولذلك يلعب مجمع اللغة العربية دوره في هذا الجانب فهو يعمل على توسيع المخزون اللغوي، وإضافة مفردات واستعمالات جديدة إلى الاستعمال العربي الفصيح، ولذلك فإن العامية هي أداة من أدوات تثمين وتوسيع وتطوير اللغة العربية، وكثيرا ما وجدنا الأدباء خاصة كتاب الرواية يستعملون العامية في نصوصهم من أجل تثمينها لا من أجل تكسيرها. وأذكر في هذا الشأن ما يقوم به مجمع اللغة العربية في مصر، وأذكر بالمناسبة كتابا بعنوان: «العامي والفصيح في المعجم الوسيط» للأستاذ الدكتور أمين علي السيد، الصادر عن مجمع اللغة العربية، وفي الجزائر نمتلك الإرادة الكافية لإدخال الكثير من المفردات العامية وتفصيحها وإدخالها في معاجمنا إذا كانت لدينا المؤسسة التي تقوم بهذه المهمة وتأمينها.
كما أن خطر اللغات الأجنبية على اللغة العربية غير وارد إذا كانت الإرادة والثقة بالنفس والتضحية متوفرة في الأمة، اللغة الأجنبية بالعكس تزيد من محفزات العمل باللغة، لأنها تعطينا الإحساس بالذات الأصلية وتمكننا من البحث عن السبل التي تساهم في ترقيتها، فاللغات تتلاقح فلماذا نحولها إلى شعور صادم؟ العدوانية ليست في اللغات إنما هي شعور في الإنسان وما تختلجه من مشاعر التعصب والإفراط في حب الذات والتطاول. انتشار اللغة يبدأ وينتهي في شخصية المتكلمين بها.
سيادة اللهجة العامية واستعمال اللغات الهجينة كلغة للتواصل في مواقع التواصل الاجتماعي هل يشكل تهديدا على اللغة العربية؟
-مواقع التواصل الاجتماعي مثل السكين ذات حدين ايجابي وسلبي، فإذا أردنا أن يكون مفتاحا لتيسير العمل والتواصل الحميد كان كذلك، وإذا أردناه وسيلة لنشر الفتنة والعداوة كان كذلك، ولا أرى في استعمال العامية خطرا على العربية إطلاقا، لأنها مجرد استعمال، تتماشى إيقاعيا مع الواقع النفسي للمجتمع في حركيته البسيطة اليومية، إخواننا في مصر من العوام عندما تخاطبهم بالفصحى يقولون لك:(ما تتكلم عربي)، ويقصدون: تكلم بالعامية، فإذا قلت لهم أنا أتكلم بالفصحى قالوا لك أنت تتكلم بالنحوي أي بلغة القواعد، وهذا يعني تجذر العامية في وسط بيئتهم، ولذلك تجد الأئمة أنفسهم يقدمون دروس الوعظ والإرشاد بالعامية أو بالفصحى العامية ولا حرج في الأمر، لا يمكن التعقيد في اللغة في زمن الرقمية الواسعة، وشئنا أم أبينا لابد من الانصياع لمتطلبات العصر، واللغة العربية في كل الأحوال ليست عاجزة.