في اليوم العالمي للغة العربية: البصائر والحوار تنظمان تأبينية للأستاذين سعيد شيبان وعثمان سعدي رحمهما الله
متابعة: عبد القادر قلاتي/
في لفتة طيبة شهد مقر جريدة الحوار بالتنسيق مع جريدة البصائر، يوم السبت 23 جمادى الاولى 1444هـ الموافق لـ 2022/12/17 ندوة تأبينية للأستاذين الراحلين البروفيسور سعيد شيبان والدكتور عثمان سعدي، حضرها جمع من السادة العلماء والمثقفين، في مقدمتهم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق قسوم، والشيخ مأمون القاسمي عميد جامع الجزائر، والسيد وزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور يوسف بلمهدي، والدكتور عمار طالبي الرئيس الشرفي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والأستاذ محمد الهادي الحسني نائب رئيس جمعية العلماء، والأستاذ محمد يعقوبي المدير العام لمجمع الحوار.
افتتح مجلس التأبين بقراءة آيات بينات من الذكر الحكيم، وقبل البدء بشهادات السادة العلماء وأصدقاء الراحلين تفضل المدير العام لمجمع الحوار، الأستاذ محمد يعقوبي بكلمة ترحيبية قال فيها: إنّ جريدة الحوار تسعى دوماً لتدوين مآثر القامات الوطنية الجزائرية، وأضاف أنّ تأبينية الأستاذين سعيد شيبان وعثمان سعدي -رحمهما الله – ستكون همزة وصل بين الرجلين والجيل الجديد من الشباب، وأردف الأستاذ يعقوبي أنّ المرحومين تواصلت مآثرهما بعد التقاعد من الوظيفة، فقد انطلقا في نضال الكتابة والبحوث وهذا ما يميزهما، حيث قدّما صورة جميلة عن الجزائر، في جهودهما ونشاطاتهما في الكتابة وإلقاء المحاضرات والتواصل مع النّاس، ودعا الأستاذ يعقوبي إلى توثيق مآثر المرحومين وحفظ ما قدماه للجزائر في جميع الميادين، حتى يتمكن الجيل الجديد من الاطلاع على آثارهما الفكرية. تحدث بعده الشيخ عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي أكد على مكانة الرجلين وقال: «أنّ المرحومين سعيد شيبان وعثمان سعدي يعتبران علمين شامخين في هذه البلاد»
وأضاف الدكتور قسوم في كلمته عن المرحومين أنّهما جمعت بينهما مجموعة من المواصفات، فقد جمع بينهما الزمان وهو زمن الوفاة، وجمعت بينهما القيم فكلاهما أصيل في أمازيغيته ولكن في الدفاع عن الوطن وتوظيف هذه «الأمازيغية» في خدمة بلادهما الجزائر، وقد وظّف المرحومان علمهما في خدمة هذا الوطن، أضاف الشيخ قسوم، وكلاهما أصيل في انتمائه، فقد وضّفا أصالتهما في خدمة الوحدة الوطنية، كما أنّهما عالمان وظّفا علمهما لصالحة الثقافة الإسلامية؛ اجتمعا على القيم النبيلة والثقافة الموحدة والواحدة، واعتبر الدكتور قسوم أن المرحومين «هما قدوة للأجيال الصاعدة لنبذ كلّ خلاف وكلّ شنآن رغم اختلاق الوسائل والقناعات، المهم هو تحقيق وحدة الصف ولمِّ الشمل والكلمة واتحاد الصفوف».
بعد كلمتي الأستاذ محمد يعقوبي والدكتور عبد الرزاق قسوم، استعرض الأستاذ ياسين مبروكي بعضاً من جوانب حياة الرجلين الثقافية والنضالية، وأهم محطات حياتهما في خدمة الجزائر إلى أن توفاهما الله سبحانه وتعالى، ثمّ تناول الكلمة وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، الذي اعتبر أنَّ الأستاذين سعيد شيبان وعثمان سعدي، يعتبران من خيرة ما قدمت الجزائر من علماء، وأضاف السيّد الوزير خلال كلمته أنّ المرحومين قاماتان كبيرتان في سماء الجزائر، اشتركا في الكثير من النقاط المهمة وجمعهما الجهاد في سبيل الله لتحرير هذه الأرض الطاهرة من الاستعمار، مستشهدا بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصَّلاةُ، وذروةُ سَنامِهِ الجِهادُ)، وقال الدكتور يوسف بلمهدي أنّ جهاد المرحومين كان في الميدان وكان أيضا في العلم، وذكر أنه كان يستضيف المرحوم سعيد شيبان في حصة فضاء الجمعة وعند تقديمه كعالم كان يقول له المرحوم شيبان: «إنّني لست عالما بل أنا طبيب»، وقد كان المرحوم طبيبا يعالج العلوم والبصائر، وكان الشيخ سعيد كما قال السيّد الوزير متواضعاً وهي إحدى الصفات العظيمة التي تنبئ عن رفعة الدنيا قبل الآخرة.
وأضاف السيّد الوزير أنّ الرجلين خدما اللغة العربية وهوية هذا الوطن، فكانا ممن ينشرون الذكر والفكر، يشهد لهما كل من تشرب معاني القرآن الكريم، كان لهما العديد من الكتابات.
عائلتا الفقيدين كانتا لهما كلمة بالمناسبة حيث ألقى الدكتور نوفل شيبان ابن الشيخ عبد الرحمن شيبان، الذي وصف عمه المرحوم سعيد بعميد عائلة آل شيبان، مستعرضاً جوانب من شخصية المرحوم، وفي نفس السياق تكلمت ابنة المرحوم عثمان سعيدي عن والدها الذي وصفته بمحب الجزائر واللغة العربية، شاكرة جريدة البصائر والحوار صنيعهما هذا.
بعد ذلك أعطيت الكلمة للدكتور عمار طالبي الذي كان صديقاً للمرحوم سعيد شيبان، وكان بينهما تعاوناً كبيراً في المجال الثقافي والفكري حيث حققا معا كتاب ابن رشد: «الكليات في الطب»، كما تعاونا لسنوات في التحضير لملتقيات الفكر الإسلامي الذي كان يعقد سنوياً بالجزائر مع ثلّة من العلماء بينهم الأستاذ عبد الوهاب حمودة، والدكتور أحمد عروة، والدكتور محفوظ سماتي، وتكلّم الشيخ عمار عن علاقة المرحوم شيبان بالقرآن الكريم، منذ صغره وقد كتب له مقدمة لكتابه: «مختصر تفسير ابن عاشور»، كما وصف المرحوم عثمان سعدي بالرّجل الشجاع الذي قاوم كثيراً في الدفع عن اللغة العربية، وقد خدم العربية فيما كتب من كتب حول شعر الثورة الجزائرية في الأدبين السوري والعراقي.
كلمة الدكتور محي الدين عميمور الذي كان زميلاً للمرحوم عثمان سعدي في بعثة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين للقاهرة، كانت له علاقة بالشيخ شيبان خصوصاً بعد الاستقلال -كما ذكر – حيث كان الصراع قوياً بين المفرنسين والمعربين، لذا وقف الدكتور شيبان مع الدكتور عميمور الذي كان يحمل شهادة من الجامعة المصرية، وذكر الدكتور عميمور أنّ الشيخ شيبان كان يفكر في ترجمة معاني القرآن الكريم للغة الأمازيغية حيث طلب منه عندما كان سفيرا في الباكستان، بعض التسجيلات للقرآن الكريم باللغة الأوردية، كما وصف الدكتور عميمور الدكتور عثمان سعدي بالرّجل الجاد والحيوي، وردَّ على الذين كانوا يصفون الدكتور سعدي بالبعثي، وهو ما عرّضه للتهجّم من بعض خصومه، وقال عميمور أن الدكتور سعدي لم يستفد من الدعوة إلى التعريب، بينما استفاد غيره من ذلك. كثيراً دون أن يتحملوا تبعات ذلك.
ثمّ أعطيت الكلمة للأستاذ محمد الهادي الحسني الذي عمل في وزارة الشؤون الدينية مع المرحوم سعيد شيبان، مستعرضا جوانب من ذلك التاريخ، مؤكداً على جهد الدكتور سعيد في تطوير وزارة الشؤون الدينية عندما أصبح وزيرا في حكومة مولود حمروش، ورغم قصر المدّة إلاّ أنّ جهوده مازالت آثارها باقية ليومنا هذا، كما ذكر الأستاذ الحسنيّ بعض المواقف التي تسجل للمرحوم شيبان في إدارة وزارة الشؤون الدينية، دون أن ينسى الحديث عن الدكتور عثمان سعدي الذي وصفه بخادم اللغة العربية، وبعد كلمة الأستاذ الحسني صعد للمنصة الشيخ مأمون القاسمي عميد جامع الجزائر، الذي كانت له معرفة بالشيخ شيبان، حيث عمل معه في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وتحدّث الشيخ القاسمي عن بعض المواقف التي كانت بينهما في عمل الوزارة، مستعرضاً بعض المناقب التي تميز بها المرحوم شيبان، وذكر بعض المواقف التي تميّز بها الدكتور عثمان سعدي الذي كان دائماً يدافع عن اللغة العربية في الملتقيات والنَّدوات الوطنية.
وختمت التأبينة بمجموعة من الشهادات والكلمات في حق الرجلين، منها كلمة الدكتور محمد أرزقي فراد، الحاج محند الطيب، والدكتور مصطفى نويصر.