ما بعد التوقيع على اتفاقيات «إيفيان Evian» (الحلقة الرابعة)
أ د. عمار طالبي/
لا نطيل في التفاصيل المتعلقة بسوء التفاهم بين لاكوست ووزير الشؤون الخارجية (C.Pinceau) والوفد الذي يشارك في هيئة الأمم المتحدة في قضية الجزائر، ووقع اتهام بعضهم له بأنه ينتمي إلى جبهة التحرير، وتعرض لحادثة في 27 نوفمبر، وحوصر في سيارة إلا أنه نجا من الحادث، وكان عبد القادر باعتباره كاتب الدولة للصحة في حكومةFelix Gaillard فأنشأ ميزانية للعمل الاجتماعي لتحسين شروط سكنى المهاجرين.
وقبل 1954 كان صالح بوعكوير مدير المصالح الاقتصادية للحكومة العامة، أثار انتباهه إلى وجود حساب جُمع من المنح العائلية لأطفال العمال المهاجرين الذين بقوا في الجزائر، وقد استعمل هذا الحساب إلى أن أسس بركروك (FAS) (Fonds d’action sociale).
وفي نهاية 1957 لقي الجنرال دوجول في فندق: (Laperouse) لأنه يُريد أن يعرف بواسطة عبد القادر «الجزائر في أعماقها) (l’Algérie des profondeurs) ولقيه مرة أخرى نظرا لصراحته التي عهدها منه، وكان إذ ذاك قد أسس الجمهورية الخامسة فلقيه في سبتمبر 1958 وجعل له علاقة مع وزير العدل والأختام: Admond Michelet ليوجد اتصالات سرية مع خصومه الذين يواجهونه «ceux d’en face» الذي يتخذ موقفا آخر بعد رفض فرحات عباس استقباله ورفضه لـ: «سلام الشجعان»: «paix des braves» الذي تم في 23 أكتوبر 1958 بعد فشل عبد الرحمن فارس، وجون عمروش في ذلك السعي، وكان قد حُلّ «المجلس الجزائري» الذي يترأسه عبد الرحمن فارس.
رفض عبد القادر بركروك أن يتقدم للانتخابات التشريعية بالرغم من إلحاح الجنرال ديغول الذي كان يعتقد أيضا في القوة الثالثة «troisième force» وأكد دوجول مصرّحا أن الجزائر ستصبح يوما مّا مستقلة، ويقول لخصومه «بأني لا أستطيع أن أجعل بلدي في النار والدم» وصرح بذلك للعموم.
عبد القادر بركوك (1915-2006)
في تصريح له مبررا رفضه للتقدم للانتخاب قائلا أنه لا يريد أن يكون «قلاوي ثانيا» «il ne veut pas être un glaoui» مذكرا أنه جاء إلى باريس لإعادة السلم إلى الجزائر وشارك بقوة في محاولات اللقاء في إسبانيا بين فرحات عباس ووفد فرنسي يتكون من (pinay وmichelet) وهذا تم بتسهيل اللقاءات التي أذن بها الجنرال دوجول نفسه مع العربي لـمّـو المفاوض في Neuilly فهذا الوسيط من جبهة التحرير أوجب أن يلقب فرحات عباس بأنه «السيد الرئيس» «Monsieur le président» في المراسلات لكن دوجول رفض استعمال هذه الصيغة، وحصل بركروك من ميشليه العفو عن أحد المحكوم عليه بالإعدام من أصل أوراسي، الذي اعتقل في فرنسا، وفي التعليقات التي يسلمها إلى دوجول بانتظام كان يدافع عن مشروع: «Commonwealth français» وكتب بطاقة قراءة لكتاب أحد الكتاب الأفغان عن «الإسلام والديمقراطية» الذي كتب رسالة دكتوراه تحت إشراف ماسينيون، ودعي الشيخ بابا عمر مفتي الجنرال إلى قصر الرئاسة «l’Elysée» حيث لقي الرئيس دوجول لاستشارته في مشروع إصلاح قانون الأحوال الشخصية الذي كان يدافع عنه «Michel Debré» وسحب ميشال هذا المشروع الذي تحفظ عليه رجال الدين الإسلامي في الجزائر، وفي ديسمبر 1960 ذهب سرا عبد القادر بركوك وأحمد حمياني رئيس ديوانه إلى جنيفGenève حيث وقعت محادثات معمقة مع بعض ضباط تابعين لوزارة التموين والتسليح (MALG) وهما خالد ناصر خوجه، والأمين زوال، ووضع أمام الجنرال دوجول تقريرا سريا جدا، بعد هذا اللقاء، وقد اقتنع ودعا الوزير «G.Pompidou» للذهاب إلى «Lucerne» لإعداد افتتاح المفاوضات مع الطيب بولحروف في إيفيان في ماي 1961 وهذه التعليقة Note نشرت في ملاحق كتاب الجنرال (M.Faivre):
Archives inédites de la politique algériènne (l’armattan 2000).
تدخل لفائدة الحَـرْكة
بعد أن عيّن بركوك مفتشا للصحة نبه السلطات العمومية إلى وضع المسلمين الفرنسيين، والحالة المدنية الإسلامية، وفي ماي 1962 طلب من (Louis Joxe) وزير الدولة للشؤون الجزائرية وحالة وصول المسلمين إلى فرنسا، وبطلب من بركروك، تدخّل الماريشال: Juin لفائدة الحركة لدى الرئيس بن بلة، وبهذا التدخل فتحت محتشدات في الجنوب حيث يجمع الحركة مؤقتا لحمايتهم من الانتقام من قبل جنود جيش التحرير، بعد وقف إطلاق النار بتاريخ 19 مارس 1962 وفي سنة 1963 استقبل بركروك زيارة لمين زروال وخالد ناصر خوجه في Bievre ولما عين أحمد حمياني سكرتير بركروك واليا لعاصمة الجزائر كان من المحتمل إيجاد حل لهم، وزاره الكولنال الجبايلي وكانت مهمته أخذ 70 ضابطا من الجيش الفرنسي وهم ضباط جزائريون كانوا ضمن الجيش الفرنسي.