تنبيهات للمسلم
عبد العزيز كحيل/
من طرق الدعوة إلى الله تذكير المسلمين من حين لآخر بحقائق يعرفونها لكن قد يتغافلون عنها بمرور الوقت، والتذكير شأن قرآني: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين – إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد –
• ماذا يعني أنك مسلم؟
لا يعني أبدا أنك صاحب لحية وقميص وعود أراك بل يعني أنك مع الجمال ضد القبح، مع العلم الغزير النافع في جميع ميادين المعرفة لا مع «الجهل المقدس»، أي الترديد الببغائي لأقوال بعض «الشيوخ»، مع العدل ضد الظلم، مع المظلوم أيا كان دينه وعرقه ضد الظالم أيا كان (خاصة إذا كان حاكما متسلطا)، مع حقائق القرآن والسنة لا مع الأوهام والخرافات.
كونُك مسلما يعني أنك صاحب قلب نقي سليم، وعقل ذكي حصيف، وسلوك إيجابي بعيد عن النفاق، تُقيم دولة الإسلام في نفسك وبيتك لتقوم على الأرض.
كونُك مسلما يقتضي أنك بعيد كل البعد عن الحقد والبغض والعدوانية واتهام الناس وسوء الظن بالمسلمين…فالإسلام ليس شعارا ولا أشكالا معينة بل هو توحيد الحق ورحمة الخَلق.
كونُك مسلما لا يعني أن تكون إنسانا خارقا بل أن تكون فقط إنسانا سويا.
هكذا كنْ، فقد سئمنا النماذج المشوَّهة التي تسيء إلى ديننا.
• هكذا فلْنكن يا أصدقائي
عندما نتناقش يجب أن يكون سلاحنا العقل وليس اللسان، والضربة القاضية – في محلها – هي الصمت لأن كثرة الكلام يحسنها كل أحد، يجب إذًا أن نرفع مستوى كلماتنا وليس حجم أصواتنا، فالذي ينبت الورد هو المطر وليس الرعد، ليتنا نقلل من النقد ونكثر من الكلام الطيب والعمل الصالح، لسنا مكلفين بحلّ مشاكل العالم لكن ما أجمل أن نكون أصحاب ابتسامة رقيقة واحترام للناس ويدِ حانية وضمّة أخوية فيها العطف والحنان والمودة…هذا سلوك راق نقدر عليه كلنا، فلْنحاول أن نزرع كل يوم شيئا جميلا ولو كان بسيطا لأن أكبر المصائب أن تنقضي أيامنا وهي خاوية من الحسن والجمال وفعل الخير، فلْندخل السرور على الناس، ولْنجعل ألسنتنا لا يخرج منها إلا ما يرضى الله ويؤلف بين القلوب، وقبل كل هذا يجب أن تكون قلوبنا تُشع بالرحمة والمحبة لجميع المسلمين.
هذا هو الإسلام، وهذه هي السنة النبوية، وهذه هي الإنسانية التي من حُرمها فقد حُرم الخير كله.
• احذر العقوبة الدنيوية
ورد في بعض الآثار أن رجلا مسرفا على نفسه قال:يا رب إلى متى أعصيك وأنت لا تعاقبني؟ فجاءته الإجابة: وإلى متى أعاقبك وأنت لا تشعر؟ هناك من يعاقبه الله وهو على قيد الحياة لكنه لا ينتبه لذلك ، وهذا من اكبر المآسي.
من صور العقوبة المعجلة في الدنيا: مسلم لكن الطاعات ثقيلة عليه – الذنوب أمر عادي عنده – صلاته لا خشوع فيها – لا يفتح المصحف ولا يقرأ سورة – لا حظ له من نافلة صلاة ولا صيام ولا يعرف شيئا اسمه قيام الليل – يسمع القرآن يتلى فلا يحرّكه – لسانه لا يذكر الله قليلا و لا كثيرا لانشغاله بالدنيا والغيبة واللغو – قلبه قاسٍ لا رحمة فيه – بعيد كل البعد عن فعل الخير ، قريب من أعمال الشر -– وقتُه يمضي في متابعة أخبار اللاعبين والفنانين والسياسيين، يموت من أجل ميسي ولا يسمع بالقرضاوي – يؤمن بالموت لكنه لا يعبأ به لانشغاله بالدنيا وحدها- يرى امرأته وبناته يخرجن متبرجات متعطرات فلا يؤلمه ذلك – يسمع عن مآسي المسلمين في الهند واليمن وسوريا وغيرها فلا يعنيه ذلك…ومن أشد العقوبات الدنيوية: فساد الأهل وانحراف الأبناء وذهاب البركة…كل هذا وهو فرح مسرور…هذه هي العقوبة المعجّلة، «ولعذابُ الآخرة أشد وأبقى».
• لا تكن عبدا للأشياء
واحد في يده ساعة سعرها 50 دج، والثاني ساعة سعرها 50.000دج..ما الفرق؟ لا شيء، كل منهما تعطي نفس التوقيت..السؤال الجوهري هو: ماذا تفعل بوقتك بغض النظر عن قيمة الساعة؟
امرأة تحمل حقيبة يد تساوي 500 دج، والثنية حقيبتها تساوي 50.000 دج… بداخلهما نفس الأشياء النسوية المعتادة.
مسكن مساحته 100م مربع، أو 1000م مربع…لا يغيّر أخلاقك ولا سلوكك ولا شعورك بالآخرين…من هم السعداء؟ أصحاب البيت الأول أو الثاني؟ لا دخل للمساحة في ذلك.
ركوب طائرة إلى اسطنبول في الدرجة الأولى أو الدرجة الاقتصادية لن يغيّر شيئا في وجهة الرحلة، وسيصل الركاب هنا وهناك في نفس الوقت.
العبرة ليست بأن نكون أغنياء نمتلك أشياء ثمينة وإنما أن نكون سعداء بما نملك…إنها قضية قلوب وأرواح مستريحة لا قضية أموال ومفاخر…اسألوا المجربين واتركوا الشيئية تسعدوا.
• هكذا تكون الصلاة وإلا فلا.
البداية بالسعي إليها عند سماع الأذان…يترك المسلم أعماله كلها، يترك أشغاله خلفه وينساها، يعطي لنفسه مساحة لا تنافسه فيها الدنيا، يُقبل بكليته على الله…الأمر يتجاوز الحركات إلى التفاعل الحي مع كلام الله الذي يكون المصلي في حضرته، مع ذكره ودعائه والتضرع بين يديه…كيف هذا؟ إنه الخشوع، أي الإقبال على الله بالقلب والعقل قبل الحواس، ولا علاقة له برفس أقدام المصلين ولا بكيفية تحريك السبابة عند التشهد ولا رفع الأيدي أو سدلها…إذا خشع العبد لم يعد يعبث بلحيته في صلاته، ولا يراقب الساعة المعلقة في الجدار، ولا يترك هاتفه يرنّ…ذكروا أن قيس بن الملوح رأى كلب ليلى فأسرع خلفه ليدلّه على مكانها، فمرّ بقوم يصلون، ولما رجع سألوه «قد مررت بنا ونحن نصلي فلِمَ لم تصلّ معنا؟ قال:والله ما رأيتكم، ووالله لو كنتم تحبون الله كما أحب ليلى لما رأيتموني، كنتم بين يدي الله ورأيتموني، وأنا بين يدي كلبها ولم أركم…أعيدوا صلاتكم يرحمكم الله.»