حوارملف

رئيس مكتب جمعية العلماء بولاية عنابة الأستاذ سمير زريري في حوار للبصائر

حاوره : ياسين مبروكي/

ولمعرفة تفاصيل أكثر وأدق حول الشعبة الولائية لعنابة وشعبها البلدية وهياكلها المتنوعة ومشاريعها المستقبلية، تطرقنا في هذا الحوار مع رئيس الشعبة الولائية إلى جملة من المواضيع المختلفة التي تهم الشعب حاضرا ومستقبلا، مع شرح بعض تفاصيل المشاريع التربوية والتعليمية والتاريخية وكيفية إنشائها وتجسيدها والخطط الناجعة لتحقيق نتائج إيجابية وهادفة.

بطاقة تعريفية بشخصكم الكريم أستاذ سمير.
–  سمير زريري من مواليد سنة 1983م، ترعرع في عائلة كريمة ترجع أصولها إلى مدينة رأس الواد، من أولاد مطاع بن يحي بن مساهل الشريف. جدّي لوالدي هو أحمد زريري ـ رحمه الله ـ أحد أعيان مدينة رأس الواد، وواحد من كبار المجاهدين فيها، وأحد الصالحين المعروفين بكثرة الذكر والصلاة وقراءة القرآن.
والدي هو عبد الرحمن زريري رحمه الله، من رجالات الجزائر الكبار الذين اغتالتهم أيادي الإرهاب الآثمة سنة 1996م، والذي لحقته أمي سنة 1999م بعد صراع كبير مع المرض والحسرة التي خلفتها صدمة فقد الوالد رحم الله الجميع، كبرتُ ـ إذًا ـ لطيمًا من غير أب وأمّ، لكنّ لطفَ الله كان أوسعَ من كلّ شيء، فسخّر الله جدّتي لأمي ـ رحمها الله ـ لرعايتي وإخوتي الثلاثة الذين كنتُ أكبرَهم.
أتممتُ دراستي ـ بحمد الله ـ على أحسن الوجوه، فتخرجتُ من كلية الاقتصاد بجامعة باجي مختار سنة 2004م، وبعدها بمدة التحقت بجامعة الأمير عبد القادر الإسلامية فتخرجت منها أيضا سنة 2013م، فجمعت بين تخصصين مهمين هما الشريعة والاقتصاد، خلال هذه المرحلة توجهت إلى التجارة، ثمّ تزوجت، وأنا الآن أبٌ لثلاثة أطفال أسأل الله أن يحفظهم ويبارك فيهم وسائر أبناءالمسلمين.
لم يمنعني ذلك من إكمال مساري العلمي دراسةً وتدريسا، فالتحقتُ بجامعة أبي القاسم البوني بعنابة لدراسة علم الاجتماع، واشتغلت بالتعليم في بعض المساجد والمدارس القرآنية، كما ألّفتُ مجموعةً من الكتب التي ماتزال حبيسةَ الدُّرج، منها تحقيقٌ لكتاب «إتحاف المنصفين والأدباء بمباحث الاحتراز من الوباء» لحمدان بن عثمان خوجة صاحب كتاب «المرآة»، قابلته ـ لأول مرة ـ على نسختين إحداهما بخط المصنف.


لنشأة شعبة ولاية عنابة تاريخ حافل وأمجاد يحتفى بها إلى اليوم، حدثنا عن تاريخ الشعب وميلادها؟
– شعبة عنابة أصيلة في تاريخ جمعية العلماء، أُنشئت ـ أول مرة ـ يوم 27 نوفمبر 1931 م، أي (06) أشهر فقط بعد تأسيس الجمعية، ترأس الشعبة حينها الحاج حسن بن مُحَمَّد الطرابلسي، وقد زارها الإمام ابن باديس عدة مرات ضمن نشاطات الشعبة كتوديع الحجاج، وإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف.
كما زارها وحاضر فيها جملةٌ من علماء الجمعية وأعلامها كالشيخ: مُحَمَّد البشير الإبراهيمي، العربي التبسي، مبارك الميلي، ومُحَمَّد خير الدين؛ ونشط فيها ـ آنذاك ـ: الشيخ علي مغربي، والشيخ العباس بن الشيخ الحسين رحم الله الجميع.
أَسست هذه الشعبةُ جملةً من المدارس والنوادي؛ قام على التدريس فيها عددٌ من العلماء كالشيخ: محمد الشريف النمر، الطاهر حراث، فرحات العابد، محمد العربي طلبي، الطيب التبسي، عبد الحفيظ الثعالبي وغيرهم.
تخرّج من هذه المدارس جملةٌ من أعلام الجزائر منهم: بن مصطفى بن عودة (عضو مجموعة 22)، ومحمد الهادي عرعار (من قادة القاعدة الشرقية).
كما كان للشعبة ـ في ذلك الوقت ـ نشاطٌ إعلامي من خلال جرائد الجمعية؛ وقد خَصّصتْ جريدة «الشريعة» للعنابيين ركنا خاصا أسمته «الخطب البونية»، كتب فيه: الحاج حامد الخوجة، محمد النمر، حامد لرقش، والصادق المنبهي.
بعد عودة نشاط الجمعية سنة 1991م، تكونت شعبة عنابة من جديد سنة 2003 م، تحت إشراف الشيخ الرئيس عبد الرحمن شيبان، والشيخ عبد الحميد بوتمجت ـ أحد أعلام الجزائر المنسيين ـ، وبعض الخيرين من أهل مدينة عنابة.
عُقدت يومئذ جمعية عامة تأسيسية بالمسرج الجهوي عزالدين مجوبي، أسفرت عن الشيخ بوبكر كباسي المدعو: «شعيب» رئيسا للشعبة، حيث تولى رئاستها إلى سنة 2009م.
عرفت الشعبة وقتها نشاطا محترما، كان منه تأسيس مدرسة «عبد الرحمن شيبان»، والقوافل الدعوية، وغيرها من الأنشطة النوعية.
ثمّ ترأس الشعبة خلال الفترة 2009 ـ 2018 الأستاذ مراد زعيمي، وأُنشئ حينها جملةٌ من النوادي والمدارس منها: مدرسة البصائر، نادي الباديسية، نادي دار الصفوة، فرع مبارك الميلي ببلدية عنابة، وشعبة بلدية الحجار. وفي سنة 2018، جُمّدت الشعبة، وبقيت ولاية عنابة بلا تمثيل إلى سنة 2020م.
وفي 07 مارس 2020م، عُقدت جمعية عامة بالمكتبة العمومية ـ بركات سليمان ـ بإشراف بعض أعضاء المكتب الوطني، انتُخب فيها مكتب ولائي جديد برئاسة الأستاذ نورالدين فليغة، كان ذلك بعد أن أشرفَ المكتب الوطني على تنصيب (09) شعب بلدية هي: شعبة عنابة، الحجار، البوني، برحال، سرايدي، وادي العنب، الشرفة، عين الباردة، سيدي عمار.
وبعد أيام من تنصيب الشعبة، عرف العالم جائحة كورونا، فأثر ذلك على نشاط المكتب وسائر الشعب، إلا أنّ همة أبناء الجمعية غالبت هذه الظروف من خلال أنشطتها الميدانية، كما اجتهدوا في إنشاء نوادٍ ومدارس نموذجية في عدد من البلديات كعنابة والبوني وواد العنب.
انعقدت الجمعية العامة الولائية الأخيرة في 21 صفر 1444 هـ، الموافق لـ 17 سبتمبر 2022م، بمدرسة ابن باديس بواد زياد بلدية واد العنب، وجاءت هذه الدورة الاستثنائية بعد استقالة السيد رئيس اللجنة المؤقتة، وأشرف على الجمعية العامة ـ بمقتضى المادة 24 من القانون الأساسي ـ الشيخُ الرئيس عبد الرزاق قسوم، مرفوقا ببعض أعضاء المكتب الوطني: الدكتور فاروق الصايم، الأستاذ موسى باحمد، الشيخ نورالدين رزيق، الأستاذ أشرف شنه.
شهدَ الجمعيةَ العامةَ بعضُ الأعضاءِ المنصوصِ عليهم في المادة 23 من القانون الأساسي، كما فُتح باب الانخراط لغيرهم بغرض المشاركة في هذه الجمعية، فكانت هذه الجمعية العامة أشبهَ بجمعية تأسيسية أخرى.
أسفرت نتائج الانتخابات عن أخيكم رئيسا، ومكتبٍ ولائي من عشرة أعضاء من خيرة أبناء وبنات المدينة.


أعدتم تجديد مكتب ولاية عنابة قبل أشهر قليلة، كيف تقيمون هذه البداية وما هي أهم المشاريع والورشات التي ستشتغلون عليها كأولوية في الفترة الراهنة؟
–  شهران ونصف ـ فقط ـ هي عمُرُ مكتبنا الفَتيّ، ومع ذلك فقد انطلقَ المكتبُ انطلاقةً مُوفقةً بحمد الله؛ وضَعْنا نَصبَ أعيننا هدفا استراتيجيا واحدا هو تحقيق مقاصد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المنصوص عليها في المادة 04 من القانون الأساسي.
ثمّ وضعنا بناءً على ذلك برنامجا سنويا يخدم هذا الهدف، وجعلنا تنفيذه على مرحلتين إحداهما (تحضيريةٌ) تُعنى برصد وضعية الشعب البلدية ونواديها وتلبيةِ حاجياتها اللازمة خدمة للمقاصد المشار إليها آنفا، مع السعي في هذه المرحلة لربط الصلة بين الجمعية ومثيلاتها من الهيئات الولائية في الإدارة والمجتمع المدني، وكذا الشخصيات العلمية داخل الوطن وخارجه.
أمّا (المرحلة الثانية) فمرحلةٌ تنفيذية تعتمد على تحقيق مقاصد الجمعية من خلال مشاريعَ دعوية وعلمية وتنظيمية وفق الوسائل المتاحة واقعا وقانونا.
وفِعلاً توكلنا على الله، فبدأنا بالأهم وهو معرفة تفاصيل البيت الداخلي بالاستماع لإخواننا في مختلف الشعب وتسجيل آرائهم واهتماماتهم، ومن ثَمَّ حثهم على تجديد العهد وبذل الوسع في تحقيق البرنامج المأمول، ورصدنا كلّ ذلك في تقرير مفصّل وافينا به المكتب الوطني.
ثمّ انطلقنا في تنفيذ مشاريعنا الدعوية، فعرفت الشعبة خلال هذين الشهرين نشاطا دؤوبا تمثل في جملة معتبرة من الندوات والدورات في شتى المجالات، كان آخرُها الملتقى الوطني الذي أقمناه في 19 نوفمبر الفارط بفندق الشيراطون، والذي كان موضوعه نشاط جمعية العلماء ضمن مرحلتي الحركة الوطنية والثورة التحريرية من خلال الوثائق الأرشيفية الفرنسية.


الملاحظ أن المكتب الجديد للشعبة الولائية لعنابة يتمتع بتنوع هام وتوليفة متميزة، كيف تمكنتم من استقطاب هذه الكفاءات؟
– صحيح، المكتب العنابي لجمعية العلماء متميز جدا، جمع الشيب والشباب، والأدبيين والعلميين، والأئمة والأساتذة والدكاترة والإعلاميين، ألّف الله بين قلوبهم وجمعهم على قلب واحدٍ أُشرب رسالة جمعية العلماء.
واللافت للانتباه فعلا، هو أنّ إخواننا الكبار آثروا أن تكون القيادة شبابية، ولم يستأثروا بها، وهم لها أهلٌ، فرسموا مشهدا رائعا قلّما نراه هذه الأيام، ثمّ رسموا مشهدا أروعَ بانضباطهم والتزامهم كما هو الحال بالنسبة لمشايخنا وأساتذتنا: الشيخ محمد نجيب نوي والأستاذ عمّارة عمّي اللذان لا يتأخران عن المرجوّ منهما مهما كان.
ساعد على اجتماعنا أيضا كونُنا دائمي الحديث عن واجبات الوقت، كما هو الحال بالنسبة لأخي وصديقي الدكتور حمازة محمد الطاهر، الذي تقاسمنا في صغرنا ملاعب الصبا وفي الكبر هموم الأمّة، وكذلك أخي وصديقي الأستاذ عيسى مبراك ورياض بلعمري وعبد المالك حداد، فكلّنا أصدقاء وجيران وأخوة جمعنا همّ واحد: هو ديننا ووطننا.
أمّا الأستاذان عامر بوسالم وسفيان راشدي فمن تلاميذي بمدرسة العتيق التي أدرّس فيها، وهما من خيرة شباب المدينة دينا وخُلقا، فلا غرو أن ينخرطا باكرا في رسالة جمعية العلماء.
أمّا الأستاذتان نجمة نايلي ونريمان سعيدي، فأختان كريمتان من بنات جمعية العلماء اللاتي أبلين بلاءً حسنًا في التربية والتعليم في مدارس ونوادي جمعية العلماء، وهن معروفات بدماثة أخلاقهن ونُبل عريكتهن، وقد جمعني بهن قبل المكتب أواصرُ أخرُ سهّلت عليهن الالتحاق بالمكتب الجديد، تلك عشرة كاملة.
ما هي خطتكم لتوسيع دائرة الشعب البلدية وتأسيس النوادي العلمية والتربوية والمدراس القرآنية؟
– خطتنا واضحة جدا، أشرنا إلى طرفٍ منها فيما سبق، وهي وضعُ دليلٍ عملي للنشاط خلال السَّنة، يُدرج ضمن رزنامة مُحكمة يتقاسمها أعضاء المكتب، ثمّ السعي بعد ذلك إلى استقطاب الطاقات العنابية لتنفيذه.
نحن نراهن على وعي العنابيين وانخراطهم في الإصلاح، وسنقع حتما على الخيّرين والخيّرات ممن يرومون الإصلاح من خلال جمعية العلماء؛ وأبشرك أنّنا ونحن في البداية بدأنا نتلقى اتصالات كثيرة تحرص على الانضمام إلينا بعد أن بدأنا تفعيل برنامجنا السنوي، ولله الحمد أولا وآخرا.
سطرتم خطة تشغيلية واستراتيجية متنوعة، ما هي أهم المشاريع والبرامج التي تعتزمون تنظيمها في المستقبل القريب والبعيد؟
– أمّا على المدى القريب فمن مشاريعنا الكبرى «مخبر البيان» للدراسات التاريخية، و«أكاديمية محمد البشير الإبراهيمي الرقمية». أما «مخبر البيان» ففي حوزته الآن جملةٌ معتبرة من الوثائق الأرشيفية الفرنسية، والتي رصدت نشاط جمعية العلماء من التأسيس إلى الاستقلال.
وأما «أكاديمية محمد البشير الإبراهيمي» فمنصة تعليمية إلكترونية، تُعنى بتقريب المعارف الشرعية واللغوية لطلبة العلم، اعتمادا على الدراسة الذاتية للمنتسب وتفعيل المواد العلمية للمشايخ والعلماء الجزائريين.
تطمح الأكاديمية إلى العناية بالعلوم الشرعية واللغوية من خلال إحياء التراث الجزائري في هذا المجال ، تقرّبه للمهتمين من طلبة العلم والعلماء ، وتفتح بذلك بوابة جديدة للتواصل المثمر بينهم؛ ونأمل مستقبلا أن تكون هذه المنصة لبنة أولى لجامعة رقمية تكون فيها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الرائدةَ بإذن الله .
أمّا على المدى البعيد فمن مشاريعنا مرصد «الملاحظ» الاجتماعي، ومركز «تحصين» للدراسات.
كما تعلمون فإنّ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تواجه تحديات كبرى، تحتاج في مواجهتها إلى كلّ الأدوات الاستراتيجية لتحليل المواقف والظواهر، وبالنظر إلى طبعية هذه التحديات، وأنها أخذت طابعا مؤسساتيا كان لزاما على الجمعية أن ترى وتسمع من خلال مؤسسات، وتفكر وتحلل من خلال مؤسسات، من هذا المنطلق جاء مشروع: مرصد «الملاحظ» الاجتماعي، الذي هو بمثابة العين التي ترى بها الجمعيةُ المجتمع، والعقل والقلب الذي به تفهمه وتشعر به.
يهدف «المرصد» إلى تحليل الظواهر الاجتماعية ذات الصلة بمقاصد الجمعية، ورصد وتحليل الآفات التي تفتك بالمجتمع وتستدعي من الجمعية تدخلا. كما يهدف «المرصد» إلى إنشاء قاعدة بيانات لمختلف السلوكات أو الاتجاهات الاجتماعية، مع تصنيفها وتغذيتها باستمرار، واستخلاص المؤشرات التي تعين المكتب الوطني على اتخاذ قراراته.
أمّا مركز «تحصين» للدراسات فهو مؤسسة بحثية تابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين تُعنى ببحث مختلف النوازل الشرعية والفكرية والثقافية والفلسفية ذات الأثر المباشر على المقومات والمبادئ التي تعمل جمعية العلماء على تحصينها، سيما المشار إليها في المادة 04 من القانون الأساسي للجمعية.
كما يسعى المركز إلى رفع منسوب الوعي في المجتمع الجزائري، وتحصينه من مختلف الأفكار والمناهج الهدّامة الموّلدة والوافدة، عن طريق البحث في أصول هذه الأفكار وجذورها ومحاولة اقتراح الحلول وصناعتها.
يقصد المركز إلى أن تكون مخرجاته وسيلةً إصلاحية ناجعة يستفيد منها المصلحون والنافذون في المجتمع من مختلف المؤسسات التربوية والتعليمية، تُعينهم على إقامة الثوابت بأسلوب علمي مدروس.
والمركز إذ ينطلق من بيئة جزائرية خالصة إلا أنّه يتطلع إلى آفاق العالمية الرحبة، طامحا إلى المساهمة في تعميق الوعي و ترشيد السلوك في إطار التحديات الحضارية القائمة، ومحاولة تفهّم خارطة التحولات العالمية وانعكاساتها على قيم الجزائريين وثوابتهم.


أسستم مخبر البيان للدراسات، ماهي رؤيتكم وأهدافكم في هذا المشروع الواعد؟
– تعلمون أنّ للحركة الإصلاحية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين تأثيرا بالغاً في الأحداث التي عاشتها الجزائر منذ تأسيسها إلى غاية الإستقلال، ما دفع بالسلطات الاستدمارية إلى مراقبة قيادات الجمعية ومنتسبيها، وتوثيق ذلك في تقاريرَ أمنيةٍ دورية صادرة عن مصالحَ مختلفة مثل:الإستخبارات العسكرية (المكتب الثّاني، المكتب الثالث..)، الشّرطة ، الدّرك.
هذه التقارير تتضمن حقائقَ، وبياناتٍ، وإحصاءاتٍ مُرتبطة بنشاط الجمعية وحركة قياديّيها، وهي محفوظة بالأرشيف الوطني لما وراء البجار A.N.O.M، والمصلحة التّاريخية للجيش الفرنسي، والأرشيف التونسي، وأرشيف وزارة العلاقات الخارجية (صندوق الإقامة العامة) وغيرها.
ولمّا تحصّلنا على جزءٍ معتبر منها، رأينا ضرورةَ إنشاء فريقِ بحث في إطار مخبر تابع لجمعية العلماء، يُعني بجمع المزيد من الوثائق، وتصنيفها، وفهرستها، وتحليل ودراسة مضامينها، ثمّ إخراجها للطلاب والباحثين وعموم المهتّمين في منصة إلكترونية تتيح لهم الاطلاع على هذه الوثائق ودراستها.
يهدف مخبر «البيان» إلى إدراج مخرجات ونتائج دراساته في المقرارات والبرامج التابعة للجمعية وتقريبها للقراء والمهتمين من خلال ندوات ولقاءات علمية ومجلات دورية.
وفعلا أسهم المخبر في الملتقى الأخير الذي أقامته الشعبة مساهمة فعّالة حيث أخرج جملة من الوثائق التي قررت منهج جمعية العلماء في الدعوة والإصلاح والسياسة ومحاربة المستدمر.
يهدف المخبر أيضا إلى المطالبة بإعادة النّظر في مناهج التربية الوطنية، في ما يتعلق بتعميق دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين خلال مرحلة الحركة الوطنية والثورة التحريرية خصوصا، وأيضا التأسيس لملف قانوني يخدم القضايا والمسائل المرتبطة بالحقوق التاريخية للجمعية كالشخصيات التي تعرضت للإختطاف والإغتيال مثل الشيخ العربي التبسي، وكذا الممتلكات والعقارات التي كانت تتبع الجمعيّة.
هل من منشآت ومشاريع تشتغلون عليها في الفترة الحالية؟ وهل من أفكار مستقبلية في هذا المجال؟
– نعم، نحن نشتغل الآن على مشروع العمر، وهو برج «العتيق» القرآني، هذا البرج الذي يحوي ثلاثة بنايات: مصلّى من طابقين يسع (800 شخص)، ومبنى خاص بالتعليم القرآني، ومتحف ومدرج يسع (300 شخص).
أعددنا ما يجب من دراسات لهذا البرج، وقدمناها للسيد والي ولاية عنابة جمال الدين بريمي، الذي استقبلني في مكتبه أسبوعين فقط بعد تنصيب المكتب الولائي، وفعلا أُعجب بالمشروع وأبدى موافقته على قطعة الأرض التي يطلبها إنجاز هذا البرج القرآني.
برج «العتيق» القرآني موضوعٌ لإنجاح برامجَ نوعية متعلقة بمختلف الفئات العمرية، لعلّ البرنامج المستجد فيها هو برنامج التعليم القرآني الخاص بالناشئة من ذوي الاضطرابات السلوكية والذهنية، خصوصا ما كان من قبيل «التوحد»، و«التأخر الذهني»، و«الإفراط في الحركة».
يأتي هذا المشروع بعد أن لاحظت هيئة التدريس على مستوى «مدرسة العتيق القرآنية» الإقبال الكبير لهذه الفئة، حرصا من أوليائهم على الاستشفاء بالقرآن والتبرك به، مع عجزنا عن احتوائهم بشكل علمي صحيح.
فالخصوصية السلوكية والذهنية لهذه الفئة تجعل انتسابهم إلى المدارس غير المعدّة لهم أمرا صعبا، وسلبيا في كثير من الأحيان، لتعرضهم إلى مختلف ردود الأفعال التي تعيق تأهيلهم كالتنمر، والتضجر، وما إلى ذلك من السلوكات السلبية.
وعليه بنينا هذا التصور انطلاقا من كون القرآن شفاءً لقوله تعالى: ﴿وَنُنَزّلُ مِنَ القُرءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحمَة لّلمُؤمِنِين﴾، وارتأينا أن نحقق هذا المعنى بوضع الاستشفاء بالقرآن في سياقه الموضوعي والعلمي عن طريق الممازجة بين التعليم القرآني والتقنيات البيداغوجية والنفسية والتربوية التي توصّل إليها العلم الحديث، مع تسجيل الفرق عن طريق منهج المقارنة والمقابلة.
ما هو مستوى تواصلكم وتنسيقكم مع السلطات الولائية والجهات الوصية والمؤسسات الخيرية والتطوعية في ولاية عنابة؟
-علاقتنا بالسلطات المحلية قويّة جدا، كما أسلفت لكم استقبلنا السيد الوالي المحترم في مكتبه بُعيد تنصيبنا، واستمع لانشغالاتنا وبعض مشاريعنا، فشجعها ورعاها، كما لبّى دعواتنا كلّها، ورعى ملتقانا الوطني الأخير الذي حدثتكم عنه؛ وكذلك الأمر بالنسبة لبقية السلطات بلا استثناء، ما طرقنا بابا إلا ووجدناه مفتوحا في وجوهنا على مصراعيه كأنّ ابن باديس هو الطارق. وقد لاحظ ذلك الأستاذ محمد الهادي الحسني عند مجيئه لعنابة، وكتب عنه في مقاله الأخير (في بلد العناب) واعتبره سابقة.
أمّا المؤسسات والجمعيات الخيرية فإخواننا، هم منّا ونحن منهم، نتقاسم معهم الهموم والأمال ونتشارك معهم في الخير خدمةً للدين والوطن، وعندنا معهم برامج مشتركة أسأل الله إتمامها.
رسالتكم لأبناء جمعية العلماء وساكنة ولاية عنابة؟
هلموا إلى جمعية العلماء خير جمعية أخرجت للنّاس، تُرضون بها ربّكم، وتخدمون بها دينكم، وتبنون بها وطنكم، وتسترجعون بها أمجادكم، نضع اليد في اليد والقلب على القلب، والله من وراء القصد.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com