العمل الإسلامي ومعضلة القيادة2
أ. عبد القادر قلاتي/
يختلف الشيخ راشد الغنوشي عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في صفة القيادة؛ فالشيخ الغنوشي الذي ارتبط بالعمل الإسلامي قائداً ومنظراً، صناعته القراءة والتنظير داخل جماعته، بينما ارتبطت جهود أردوغان والحركة الإسلامية في تركيا عموماً بالعمل الميداني الذي صقل مواهبه ونمى أفكاره، وحوّلها إلى حالة من التعاطي مع الواقع كما هو، بعيداً عن الأوهام التي يصنعها الفكر النّظري عندما يكون منفصلاً عن حركة الواقع، وهذا ما جعل العمل الإسلامي في تركيا يحمل صفة الفاعلية الناتجة عن الحركيّة الواقعية، ومن هنا جاء مسمى الحزب الذي وظف مطالب واقعية في نضاله السياسيّ؛ «العدالة والتنمية» حيث لا تساس الدولة إلاّ بهما، في وقت ما زالت الحركة الإسلامية في بلاد أخرى ترفع شعارات تقليدية عامة وفضفاضة.
الاستثناء الذي شكلته الحالة التركية في قاعدة تحكم مجمل العمل الإسلامي، ربما يفهم منه أن الواقع السياسيّ التركي -في صورته العلمانية الانقلابية – ساهم في بلورة الحالة الإسلاميّة بعد ذلك، من حيث الارتباط بالفعل السياسيّ اليوميّ؛ حيث ينخرط فيه العطاء السياسيّ مع المطالب الضروية للمواطن البسيط، الذي لا يعنيه من السياسة والسياسيين إلاّ حاجته اليومية من العمل والغذاء والسكن، ثمّ الحرية والكرامة بعد ذلك، فهذه التقاليد السياسيّة لم تكن غريبة عن الحركة الإسلاميّة التركية بل كانت في الصميم منها، وقد يجهل البعض أن الحركة الإسلامية التركية بقيادة الزعيم الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان وصلت إلى السلطة في انتخابات عام 1974م وشارك في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك، وتولى حينها «منصب نائب رئيس الوزراء وشارك رئيس الحكومة بولنت أجاويد في اتخاذ قرار التدخل في قبرص في نفس العام، واعتبر من دافع عن مشاركة أربكان في الائتلاف أنه حقق مكاسب كبيرة لتيار الإسلام السياسي من أهمها الاعتراف بهذا التيار وأهميته في الساحة السياسية إلى جانب مكاسب اعتبرت تنازلات مؤثرة من قبل حزب الشعب».
وفي عام 1995 نجح حزبه؛ حزب الرفاه في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في ديسمبر، حيث فاز الحزب بأصوات 21 بالمئة من أصوات الناخبين الأتراك: أي 158 مقعداً من أصل 550 في البرلمان التركي، وهو ما أهله لتشكيل تحالف مع حزب الطريق القويم برئاسة «تانسو تشيلر» التي تولت منصب نائب رئيس الوزراء. للحديث بقية