جمعية العلماء شعبة ولاية عنابة تنظم الملتقى الوطني
«نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ضمن مرحلتي الحركة الوطنية والثورة التحريرية 1931_1962»
![](https://cdn.elbassair.dz/wp-content/uploads/2022/11/IMG_4681.jpg)
تغطية ياسين مبروكي
برعاية كريمة من السيّد والي ولاية عنابة نظم مكتب جمعية العلماء المسلمين مكتب ولاية عنابة يوم السبت 25 ربيع الثاني 1444 هجرية الموافق ل 19 نوفمبر 2022 ميلادية ملتقى وطني تحت عنوان: «نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ضمن مرحلتي الحركة الوطنية والثورة التحريرية 1931_1962» بفندق الشيراطون وسط مدينة عنابة، بحضور السـيــد جمال الدين بريمي والي ولاية عنابة ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق قسوم ونائبه الأستاذ محمد الهادي الحسني، إلى جانب رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية عنابة ونواب المجلس الشعبي الوطني وبعض رؤساء بلديات الولاية، وبمشاركة ثلَّة من الأساتذة والمختصين في تاريخ الثورة التحريرية وتاريخ الجزائر وأعلامها.
وبعد الاستماع لتلاوة عطرة من الذكر الحكيم للشيخ «خير الدين قوري» والوقوف للنشيد الوطني «قسما» مع أفراد الكشافة الإسلامية الجزائرية والاستماع لنشيد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين «شعب الجزائر مسلم»، رحب رئيس مكتب ولاية عنابة لجمعية العلماء السيّد سمير زريري بالحضور والضيوف الذين قدموا إلى عنابة لتأطير نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين خلال مرحلتي الحركة الوطنية والثورة التحريرية، وتلته كلمة السيّد جمال الدين بريمي والي الولاية الذي جاء في كلمته «إنّ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من أهم قلاع المقاومة الثقافية المتعددة المعالم والأشكال، وعلى سبيل الذكر وليس الحصر، يمكننا إبراز بعض جهودها ونشاطاتها في الحركة الوطنية والثورة التحريرية من خلال إنشاء تعليم مواز للتعليم الرسمي الفرنسي، إذ يتفق المؤرخون على أن جمعية العلماء قد لعبت دورا أساسيا في نشر التعليم العربي الاسلامي حتى أنها أسست إلى غاية 1955 أكثر من أربعمائة مدرسة عصرية بلغ عدد المعلمين فيها قريبا من 700 معلم وتلاميذها زهاء 75 ألف تلميذ»
وأضاف «أنشأت جمعية العلماء الصحف لنشر الوعي والتعريف بالقضية الوطنية والتمكين لها في نفوس الوطنيين الجزائريين، وقد بذلت صحف جمعية العلماء والصحافة الجزائرية عامة مجهودات جبارة في تحصين المواجهة السياسية والثقافية ضد الاستعمار حيث اضطلعت الصحف العربية بمهمة خلق ثقافة وطنية باللغة العربية باعتبارها الوسيلة الوحيدة لاستعادة الشخصية الجزائرية».
الكلمة الثانية في الجلسة الافتتاحية للدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي ثمّن جهود القائمين على شعبة عنابة وجهودهم الحثيثة من خلال هذا الملتقى الهام حول نشاط الجمعية في مرحلتي لحركة الوطنية والثورة التحريرية، مؤكد على أنّ جهود رجال الجمعية خلال أكثر من ربع قرن سبق الثورة صبت في رَصِّ الصفوف وتنوير العقول من خلال حركة إصلاحية نيرة ممنهجة مسّت العديد من المجالات بدءًا بالفرد وصول إلى المجتمع، وبفضل الله سبحانه وتعالى تمّ في الأخير تحريك النّفوس وتحضير الجموع لبدء الثورة التحريرية التي توجت باستقلال الجزائر عام 1962.
وفي مداخلة له في الجلسة الافتتاحية قال الأستاذ محمد الهادي الحسني نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أنّ من يقول بأنّ الجمعية لم تشارك في الثورة ناكر وجاحد ويحتاج إلى مراجعة طريقة تفكيره وتفكره، فكيف لثورة شارك فيها الشعب الجزائري قاطبة بعد أكثر من مئة سنة من الاستعمار مورست فيها كلّ الوسائل لطمس الهوية والقيم والمبادئ الجزائرية العربية الإسلامية الواحدة الموحدة، وما دليل هؤلاء حول المضايقات التي طالت رؤساء وقادة الجمعية ونشاطها خلال مرحلتي الحركة الوطنية وحتى الثورة حيث تمّ تجميد نشاطها وقتل الكثير من قادتها وتخريب مقراتها ومدارسها، وفي ختام الجلسة الافتتاحية سلّم والي ولاية عنابة تكريمًا بالمناسبة لرئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق قسوم ونائبه الشيخ محمد الهادي الحسني.
الجلسة العلمية الأولى
ترأس الجلسة العلمية الأولى الأستاذ محمد الطاهر حماز رئيس لجنة التراث والثقافة في مكتب جمعية العلماء بولاية عنابة، وشارك فيها الدكتور محمد بن ساعو «جامعة لمين دباغين سطيف» في مداخلة تحت عنوان: «رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والثورة التحريرية مجالات الاسهام وطبيعة التأثير»، وممّا جاء في المداخلة بالأدلّة إسهامات الجمعية في النقاط التالية «تزويد الثورة برجال ميدانيين، القضاء والتلعيم، الدعاية والإعلام تأطير المنظمات الجماهيرية والاتصالات، الدعم الدبلوماسي، الوساطة وتسوية الخلافات» كما تطرق لأبرز الشخصيات ودورها الفعال خلال الحركة الوطنية وإبان الثورة التحريرية المباركة.
وفي المداخلة الثانية تطرق الأستاذ سمير زريري رئيس مكتب جمعية العلماء بعنابة ورئيس مخبر الدراسات التاريخية التابع لجمعية العلماء إلى «إسهامات جمعية العلماء ضمن مرحلة الحركة الوطنية من خلال الوثائق الأرشيفية الفرنسية 1931_1954» مستندا في ذلك إلى 1500 وثيقة أرشيفية فرنسية، تحتوى على جملة من الحقائق والبيانات والاحصائيات التي تتعلق بنشاط جمعية العلماء وقادتها ومن بين هذه الوثائق تطرق الأستاذ زريري إلى بعض النماذج والتي تتعلق بحركة ونشاط الشيخ البشير الابراهيمي في الجزائر وخارجها، ونماذج أخرى تتعلق بمدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والتي اعتبرتها فرنسا الاستعمارية معاقل للوطنية الجزائرية، وأشار إلى وثائق أخرى تتعلق بإعلام جمعية العلماء وصداه المحلي والعربي والدولي ويتجلى ذلك في جريدة البصائر على وجه الخصوص، كما تناول وثيقة أخرى يطالب فيها الشيخ عبد الحميد ابن باديس الاستقلال عن فرنسا وذلك سنة 1937، كما أظهر بعض الوثائق الأمنية التي تبين إرسال جمعية العلماء لبعثات طلابية إلى الخارج، وفي وثيقة أخرى تبين رفض الجمعية في سنة 1949 لحضور احتفالات دعا إليه الرئيس الفرنسي، ونجد أيضا وثيقة توضح أن الجمعية تعتبر المتجنس بالجنسية الفرنسية مرتد ولا يدفن في مقابر المسلمين، ومما جاء في سلسلة الوثائق التي عرضها الأستاذ زريري هي أن الإصلاحيون يعتبرون أكبر خطر على العلاقات الفرنسية الجزائرية.
الجلسة العلمية الثانية
ترأس أشغال الجلسة العلمية الثانية الدكتور صلاح الدين رويبي وشارك فيها الدكتور جواد عبد اللطيف بمداخلة تحت عنوان «نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ضمن الثورة التحريرية من خلال الوثائق الأرشيفية الفرنسية 1954_1961 «مستندا إلى وثائق مخبر البيان للدراسات التاريخية حيث تحدث بإسهاب على رجال وأعلام جمعية العلماء خلال الثورة التحريرية ودورهم الفعال في المساهمة فيها والانضمام إلى صفوف جيش التحرير الوطني وفيه من عمل في مراكز أخرى تتمثل في دعم المجاهدين داخل المدن وضمان مستوى عال من الاتصال بين مختلف الجهات بعيدا عن الادارة الفرنسية التي كانت تترصد لكل خارج عن طاعتها وداعم للثوار في جبال الجزائر الشامخة، ومن بين العلماء الذين وردت أسماءهم في تقارير الاستخبارات الفرنسية والجهات الأمنية والإدارية الاستعمارية نذكر الشيخ العربي التبسي والشيخ أحمد خير الدين والشيخ بن الشيخ عباس والشيخ سلطاني عبد اللطيف والشيخ النعيم النعيمي والشيخ أحمد حماني والشيخ أحمد بوشمال.
وفي المداخلة الثانية تطرق الدكتور الصالح بن سالم «جامعة برج بوعريريج» إلى النشاط الثوري لفرع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ببرج بوعريريج حيث قدم عرضا حول هذا الفرع الذي نشأ سنة 1931 وتفرعت عنه فروع إلى أن وصلت الأربعة عشية الثورة المباركة، حيث ساهم هذا الفرع في تزويد الثورة برجال مفعمين بروح الإسلام ومتشبعين بالوطنية ومؤمنين باستقلال الجزائر، مبينا الجهود المبذولة في إطار التربية والتعليم ومدرسة التهذيب العريقة خير دليل على ذلك.
وفي المداخلة الثالثة في الجلسة العلمية الثانية تحدث الأستاذ مالك حداد مسؤول التنظيم في شعبة ولاية عنابة ومدير موقع عبد الحميد ابن باديس الإلكتروني عن « ابن باديس الأب الروحي للثورة التحريرية وملهم عقيدة جبهة التحرير» مبينا الرؤية الثاقبة لرئيس جمعية العلماء ورائد الحركة الإصلاحية في الجزائر منذ بداية القرن التاسع عشر، موضحا إيمان الشيخ ابن باديس بأن تحرير الجزائر واستقلالها لا يتأتى إلا بإعداد جيل متعلم واع متشبع بالإسلام والوطنية والقناعة التامة بمواجهة الاستعمار بمختلف أشكاله وألوانه، حيث أن الثورة الفعلية انطلقت قبل عقود للتوج في الأخير بسنوات سبعة اختتمت باستقلال الجزائر سنة 1962.
الورشة التفاعلية المفتوحة
ومن بين فقرات الملتقى ورشة تفاعلية مفتوحة نشطها الإعلامي بالتلفزيون الجزائري أحمد طالب أحمد وشارك فيها الشيخين عبد الرزاق قسوم ومحمد الهادي الحسني، فتح فيها المجال لأسئلة الحضور واستفساراتهم بخصوص نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ضمن مرحلتي الحركة الوطنية والثورة التحريرية 1931_1962، وتميزت هذه الفقرة باهتمام كبير من الحضور بتاريخ الجزائر وجمعية العلماء وتفاعلهم مع مداخلات الشيخ محمد الهادي الحسني بأسلوبه التاريخي الفريد وكرهه الشديد للإستعمار الفرنسي وأساليبه الشنيعة في محو وطمس هوية الجزائر والجزائريين، من جانبه أجاب الشيخ عبد الرزاق قسوم أكاديميا وتنظيميا على مختلف الأسئلة المطروحة.
توصيات الملتقى
_ جعل الملتقى تقليدا سنويا مع مراعاة تنوع الموضوعات المتعلقة بالحركة الاصلاحية لجمعية العلماء
_ تثمين كل الجهود العلمية الواردة مع الملتقى وما شابهه من أعمال تتقاطع والمقاصد المنصوص عليها في القانون الأساسي لجمعية العلماء
_ دعم مشاريع نخبر البيان للدراسات التاريخية التابع للمكتب الوطني لجمعية العلماء من خلال الانتساب إليه
_ التنسيق مع الجامعات ومراكز البحوث ودور النشر خدمة لأهداف المخبر « جمع المزيد من الوثائق ورقمنتها وتحليلها ومن ثمة نشرها»
وختم الملتقى في حدود 14.00 بتكريم مختلف المساهمين والمشاركين في هذا الملتقى النوعي المتميز والذي فتح المجال أمام شعبة ولاية عنابة لتنظيم ملتقيات علمية أخرى مماثلة في شتى المجالات التاريخية والتربوية والإجتماعية والدينية …
ونشير في الأخير أن مداخلات الأساتذة والمشاركين في الملتقى سيتم نشرها كاملة في العدد القادم من جريدة البصائر ضمن ملف خاص، كما سنخصص في الأعداد القادمة ملفا آخر حول جهود مكتب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بعنابة وفروعها البلدية وأهم مدارسها وبرامجها المستقبلية التي يرتقب أن تكون أكثر إشعاعا في ظل وجود تشكيلة متمكنة متكونة تؤمن بفكر جمعية العلماء ورسالتها.