العلاج المعرفي والسلوكي حل لاضطرابات التوتر والقلق
د.خالد شنون */
يذكر أن الحياة النفسية هي سند كبير في التوافق لدى الشخصية إلا أن هذه الأخير قد تكون ضحية التوتر والقلق الذي يعبر عن اضطراب سلوكي ووجداني عواقبه ليست بالسهلة ما لم يتمالك المفحوص ذاته ويسترجع توافقه النفسي والاجتماعي.
ويذكر علماء النفس المختصون في علم النفس المرضي والاكلينيكي أن الاضطراب ومعدل التوافق في سمات الشخصية والسلوك غير مستقر لدى الفرد إلا أن الفرق الذي يستدعى التدخل هو الرقم الذي يعبر عن درجة القلق أو التوتر الذي ينتاب الفرد بين الحين والآخر.
وهنا يتوجب التذكير بأن المجتمعات الراقية انتبهت إلى العامل النفسي بشدة وجعلته ضمن أولويات الصحة العامة في المجتمع فجعلت أساليب التدخل والكفالة ذات بعد وقائي أكثر منه علاجي وتمكنت من ضبط متغيرات لها علاقة بالمحيط الذي يتماشى ومطالب النمو حيث يذكر أن هذا الأخير يتميز بقوانين لا يجوز الاستهانة بها إذا ما استهدفنا بناء الفرد المتوافق مع ذاته ومع المجتمع. الفرد الذي معدل صحته العامة والنفسية مرتفع ويوحي بآفاق مستقبل بعيد عن الأمراض النفسية.
ولعل التكفل والعلاج وفق التصورات الحديثة في مجال الصحة النفسية والإرشاد توصي بضرورة تبني العلاج المعرفي وكذا السلوكي بعيدا عن استعمال الأدوية والمهدئات في ضبط سلوك الأفراد وتجنيبهم التوتر والقلق العالي المستوى الذي يترتب عنه أمراض عضوية عديدة هي مصدر أمراض العصر.
وينطلق العلاج المعرفي من أن معظم سلوكياتنا ذات بعد مفاهيمي وتصورات تركن في ذهن الفرد وهنا ينبه الباحثون والعلماء إلى الخرائط المعرفية التي تعبر عن العمليات المعرفية التي تعد مصدر حركية العقل أو السلوك كما تحدث العلماء أن لدى الفرد عوائق معرفية وتفكيرا غير منطقي ينتابه وقد يزيد من حدة القلق والتوتر غير المبرر لديه مما يستدعي هنا وقفة عند التصورات المعرفية ورصيد الفرد من المعرفة تجاه المواقف والسلوك عامة. وعلى ذلك الأساس يكون العلاج معرفيا بتصحيح التصورات والمعتقدات التي من شأنها إعادة ترتيب العمليات المعرفية في ذات الفرد وكم من توتر وقلق كان على أشياء تافهة وتعظيم لأشياء لا تستحق ذلك بل وانحصار في الذات بعيدا عن الآخرين مما جعل القلق والتوتر يكبر بسهولة وبرهافة بنية معرفية لدى الفرد.
أما العلاج السلوكي فهو مبني على القاعدة مثير-استجابة سواء في تفسير السلوك السوي أو غير من السلوكيات غير المرغوبة المعبرة عن توترات واضطراب وعليه فمحطة العلاج هنا مبنية على قانون التعلم والأثر والتعزيز والإزاحة في التصرف تجاه مثيرات القلق والتوتر. وكل من العلاج المعرفي والعلاج السلوكي أضحى يعتد به ويلعب دورا كبيرا في تحصين الأفراد من حدة الاضطرابات السلوكية والانفعالية ومن شأن مؤسسات التنشئة الاجتماعية والتربوية والإعلامية أن تخدم سياقا ينطوي على هذين المحورين في رعاية سلوك الأفراد بل وعلى مؤسسات الصحة والاصغاء ومرافقة الأفراد في المجتمع أن تبرر خيارات العلاج خاصة في مجال الإرشاد النفسي والتربوي الذي أضحى يعتد به أكثر في المجتمع وخلايا الإصغاء.
* جامعة الجزائر