على بصيرة

نحو قمة عربية علمائية

أ.د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

أسدل الستار منذ أيام، على حدث سياسي بالغ الأهمية، احتضنته الجزائر، وهو انعقاد القمة العربية، وما صاحب ذلك من أجواء وأصداء. واليوم، وبعد أن نُزعت الأعلام، وهدأت الأنغام، وخفت صليل الأقلام وعاد القادة إلى الآكام، يأتي دور العلماء والمؤرخين ورجال الإعلام، ليسلطوا الضوء على دور الحكّام. لقد خرج القادة العرب من قمتهم بتوصيات، نترك للمؤرخين والسياسيين مهمة تقييمها والحكم على تبعاتها وإمكانية تطبيقها.

لكن يهمنا، أن نطلق مبادرة أخرى قد لا تقل أهمية عن رسالة القادة العرب، وقد تكون مكملة لها، ومتوجة لأعمالها وهذه المبادرة هي امكانية عقد قمة عربية علمائية، في أي قطر عربي، ولم لا تكون الجزائر؟
إن الدافع الذي يدفعنا إلى إطلاق هذه المبادرة هو أن العلماء، هم أهل الحل والعقد، وأنهم ورثة الأنبياء، وهم المصابيح المضيئة في كل مجتمع، وبالتالي فهم يملكون من التأثير في المجتمع أكثر مما يملكه الساسة.
كما أن العلماء، لا تحكمهم التحفظات السياسية، والبروتوكولات الدبلوماسية وبالتالي فهم أقدر على تناول جميع القضايا التي تستبد بالعقل العربي.
لذا فإن الاجتماع العلمائي العربي على أعلى مستوى، سيكون وسيلة لتعميق آثار التوصيات السياسية وتفصيل الموجز من المنجزات السلطوية.
ونود أن نؤكد في هذا المستوى من المبادرة على إحاطتها بكامل الضمانات حتى يكتب لها النجاح، وتحظى بالدعم الشعبي والقانوني، والشرعي.
ومن هذه الضمانات الكفيلة بجعل الجماهير تلتف حول المبادرة العلمائية ما يلي:
1- شمولية المبادرة، بحيث تضم كل العلماء العرب في كل البلاد العربية، دون أي تهميش أو إقصاء.
2- استقلالية العلماء في الإنتماء، وفي حرية الفكر، وفي القدرة على معالجة كل القضايا العالقة.
3- الشجاعة في إخضاع كل ما يعانيه الإنسان العربي للتحليل، واقتراح الحلول القابلة للتطبيق، بعيدا عن أي تحزب أو تخندق، أو غلو أو تطرف.
4- الانطلاق مما وصل إليه القادة العرب كتوصيات، واتخاذها منطلقا للذهاب إلى أعلى ما يصبو إليه المواطن العربي من طموح نحو العدالة، والاستقرار، والسلم، والأمن، والأمان، والإيمان. وفي ضوء هذه العوامل الضامنة لتحقيق نجاح المبادرة، يمكن التساؤل عن أهم القضايا التي يجب أن تحظى بالعناية من طرف العلماء، في تشخيصهم للداء، والبحث عن الدواء؟
يمكن القول بأن رسالة العلماء العرب في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة العربية تتمثل في إيجاد الحلول لتجاوز المشاكل العالقة التالية:
1- تسليط الضوء على واقع العلماء والمثقفين، والمفكرين، الذين يعانون من غياهب السجون، والقمع، وتكميم الأفواه، مما يتطلب الوساطة لدى الحكام لإطلاق سراح المعتقلين، وهم يعدون بالآلاف.
2- بذل المساعي الحميدة بين الدول لإزالة أسباب العنف الدائر بين بعض الأشقاء، والتوتر الذي يحول دون الوئام والسلام بين الشعوب العربية.
3- العمل على إيقاف الحروب العبثية الدائرة بين الأشقاء كما هو الحال في اليمن، وفي ليبيا، وفي السودان وغيرها من البلاد العربية.
4- إعادة وحدة الصف العربي المتصدع بسبب ما عانى ويعاني من التدخل الأجنبي في خصوصيات بعض البلدان العربية.
5- تدقيق وتعميق الموقف العربي الواضح والصريح من قضية التعامل مع العدو الصهيوني المشترك، وامتلاك الشجاعة في إلغاء كل أنواع التعاون معه تحت أي غطاء وأي عنوان.
إن هذه العوامل لو قدر لعلماء الأمة أن يشخصوها، وأن يعالجوها، لسوف يجنبون أمتهم، محنة التشرذم، ويجعلون أمتهم تفرض وجودها، على العدو المتغطرس، وأمام العالم الذي لم يعد يؤمن إلا بالقوة المادية والقوة العلمية، سبيلا لإثبات الوجود.
ولكي يتمكن العلماء، في قمتهم المنشودة من تحقيق هذه الأهداف، مطلوب من الجميع كل من موقع مسؤوليته أن يكون لديهم القابلية لذلك، بالوعي المطلوب لتحقيق وحدة الفصائل، وقيم الشمائل، والتخلي عن ذهنية الشعوبية وفكرة القبائل.
إننا –إيمانا منا- بامتلاك الجميع أمراء وعلماء، للحد الأدنى من القومية العربية الكفيلة برأب الصدع، والتوبة من الذنب، نطلق هذه المبادرة.. وننتظر ردود الفعل من جميع القوى الحية، لجعلها ممكنة التحقيق، مع إثرائها بالنصائح والتوجيهات، لوضع آليات التنفيذ، والضمانات الكفيلة بديمومة ما يتم الوصول إليه، والدفع به إلى المزيد من التقدم والرقي.
نقول هذا ونحن مؤمنون، بأن أمتنا تملك كل القدرات والإمكانات الكفيلة، بجعل المستحيل ممكنا، بشرط واحد وهو أن تتسلح كل فئات المجتمع العربي، بالوعي المطلوب، والاستعداد المرغوب.
وليكن شعارنا قول القائل: 
يا علماء الدين يا ملح البلد   من يصلح الملح، إذا الملح فسد

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com