ما معنى «لا يؤمن الإنسان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»؟
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/
الســــــــــــؤال
قال السائل: كثيرا ما نسمع في دروس الوعظ هذا القول:{لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه} هل هذا حديث شريف؟ وما معنى أن المؤمن لا يكون مؤمنا حتى يحب للناس ما يحبه لنفسه؟ وهل إذا تعادى اثنان وكرها بعضهما ينتقض إيمانهما؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: قال السائل: هل هذا حديث شريف؟: هذا حديث كثير الفوائد، عظيم المقاصد، ونقول للسائل: نعم، إنه حديث شريف. فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:[لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ] (مسلم:71/45) ومعنى أنه حديث، أنه خبر صادق مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:[لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ] وإذا لم يثبت الخبر بأنه قول، أو فعل، أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم، لا يقال عنه حديث. وقد علمتم أن تعريف الحديث في اصطلاح المحدثين: {هو أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخِلقية والخُلُقية}. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قال السائل: كيف أن المؤمن لا يكون مؤمنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ معناه لا يؤمن الإيمان التام، أي أن الذي يكره أو يعادي المؤمنين ولا يحب لهم الخير، لا يكون إيمانه كاملا، فإيمانه ناقص. قال النووي في شرح الحديث:{قال الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ مَعْنَاهُ لَا يُؤْمِنُ الْإِيمَانَ التَّامَّ وَإِلَّا فَأَصْلُ الْإِيمَانِ يَحْصُلُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْمُرَادُ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَاتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنَ الْخَيْرِ}(2/16).
ثالثا: قال السائل: وهل إذا تعادى اثنان وكرها بعضهما ينتقض إيمانهما؟ فهما مؤمنان، ولكن كما علمت أن إيمانهما ناقص، وإذا كانا متهاجرين فالذي يهجر أخاه عن قصد عداوة ومقاطعة فهو في حرام ومعصية حتى يتوب، ويصالح أخاه. ففي الحديث عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:[لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ] (مسلم:25/2560) وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:[لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ](مسلم:23/2558)