اتجاهات

ومن التشيّع ما أضلّ

عبد العزيز كحيل/

ما من مسلم محبّ لدينه مهموم بشؤون أمته إلاّ ويتمنى أن يلتئم شمل المسلمين على اختلاف مكوناتهم المذهبية والفكرية ليكونوا صفا متماسكا قويا أمام التحديات الضخمة التي يتحتم عليهم مواجهتها، من الاحتلال الأجنبي إلى التنمية مرورا بالعولمة وما تقتضيه من غزو ثقافي وارتهان سياسي، والمكوّن الشيعي عنصر مهمّ في الجسم الإسلامي علّقت عليه كثير من الأطراف آمالا كبيرة بعد ثورة إيران ليتحوّل – كما كنا نتمنى – إلى ركن قوي في بناء الأمة، وقد كنتُ في شبابي معجبا بجهود التقريب بين الشيعة والسنة على أمل تغليب القواسم المشتركة على جزئيات الاختلاف، وعذري أني أعيش في بيئة سنية خالصة، كنت أظنّ أن ما نقرِؤه عن مخالفات عقدية فكرية وسلوكية لدى الشيعة هو مجرد أمور تاريخية لم يعد لها وجود وأن الطرف الشيعي جادّ في رغبة التقريب مثل الطرف السني، ثمّ توالت الأحداث وتبيّنت الحقائق بعد انتصار آية الله الخميني ثم بروز حزب الله اللبناني واحتلال العراق وصولا إلى الثورة الشعبية في سوريا، إذ سقطت جميع الأقنعة بعد أن أصبح للشيعة دول وحكومات ومراكز قوة فتركوا التقية وأسفروا عن وجوههم وعن توجههم الطائفي المذهبي، وتأكد للجميع أن الإسلام مجرد شعار للتعمية على هذا التوجّه أو للدلالة عليه، بعدها لم يجد أشدّ المدافعين عن التقريب في الصفّ السني بدّا من التسليم بالحقيقة والانسحاب من تلك الحركية العبثية التي طالما استغلّها الشيعة للاستفادة الأحادية، وعلى رأس هؤلاء الشيخ القرضاوي رحمه الله الذي تراجع عن موقفه من التقريب وأعلن ذلك صراحة وكشف ألاعيب الشيعة.
دين الشيعة يتلخّص –في الواقع – في سبّ الصحابة -رضي الله عنهم – واتهام الرسول صلى الله عليه وسلم – ضمنا – بالفشل في تربية ذلك الجيل لأنهم ارتدوا جميعا بعد وفاته، لم يثبت منهم على الإسلام إلا أقل من عشرة نفر، هل رأيتم فشلا ذريعا في التربية مثل هذا؟ حاشا لرسول الله وصحبه! وما زالوا يرددون – بألفاظ متقاربة – شعار الفاطميين «من لعن وسبّ فله دينار وإردب»، أي يكافئون من يسبّ رجال الجيل القرآني الفريد، وخاصة أبا بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم، وها هي قنواتهم الفضائية لا تفعل سوى هذا، أما المحور الرئيس الثاني فهو تأليه علي والحسين رضي الله عنهما، ويتأكد أيّ مبتدأ أنهم يفضلون – في الواقع وحتى في تنظير بعض فصائلهم – الإمام وابنه على الرسول صلى الله عليه وسلم ويزعمون أنهما يتصرفان في الكون، لذلك يتضرعون إليهما ويطلبون منهما قضاء الحاجات، كما هو سائد عندهم إلى اليوم في جميع أماكن تواجدهم، ومن أنصع الأدلة على ذلك تفضيلهم كربلاء والنجف على مكة والمدينة وعاشوراء على عرفة كما ورد في كتبهم المعتمدة وأقوال شيوخهم التي يمكن متابعتها في قنواتهم كل يوم.
شغلهم الشاغل هو دائما «الانتقام للحسين» أي –بلغة واضحة – تأجيج العداوة ضد المسلمين أهل السنة والجماعة، وقد أعدموا صدام حسين ليس كفرد ولكن كرمز لأهل السنة، وقامت الاحتفالات آنذاك في العراق وإيران ومناطق الشيعة في أفغانستان وباكستان ولبنان على هذا الأساس، وأعلنوا أنهم انتقموا للحسين من النواصب!
والحقيقة أن الشيعة يرفعون شعار الحسين وهم أسوأ من يزيد، نظامهم في إيران لا علاقة له بدين الله، إنما هي طائفية فارسية بحتة ومذهبية شيعية مقيتة.. يعلنون أن عدوهم الأكبر هو أمريكا لكن في الواقع يتخذون أهل السنة كعدوّ أزلي، إلى درجة أنه منذ ثورة الخميني والأقلية السنية هناك تعاني معاناة شديدة من التهميش والتضييق والتحرش، وطهران هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها مسجد لأهل السنة، ولم يتولّ مسلم سني واحد مسؤولية في «الجمهورية الإسلامية!!»، وليس لأهل السنة ممثل في البرلمان في حين يوجد فيه ممثلون لليهود والوثنيين، أما في العراق فمعاناة أهل السنة لا تنتهي منذ الغزو الأمريكي وتسليم الحكم للطائفة الشيعية
ولابدّ من الإشارة إلى أن نقطة قوة الشيعة الآن هي –بالدرجة الأولى – ما عليه أهل السنة من استبداد سياسي يؤيده الكهنوت الديني(ولا أقول علماء الدين، معاذ الله) يقهر الشعوب ويعطي عن الإسلام أبشع صورة، وهذا ما أغرى بعض الشباب هنا وهناك من الميل إلى التشيّع تحت الدعاية القوية المتواصلة على أكثر من صعيد، حتى من بعض الوجوه التي تعلن الانتساب لأهل السنة وهي تروّج الأطروحات الشيعية.
بقي التساؤل: ماذا يجني المتشيعون من تحوّلهم؟ لا شيء سوى الانتقاص من عقائد الإسلام الثابتة ورموزه الخالدة، كثيرون بهرتهم قوة إيران – قوة لا ننكرها وبراعة في التعامل مع الجوار والعالم بما يخدم مصالحها- في حين خرّبت السعودية سوريا واليمن وخذلت أهل السنة في العراق ولبنان وكل مكان، غير أن بغضنا لنظام ما لا يجعلنا نرتمي في أحضان خصمه.
احذروا التشيّع المتستّر: أفراد – في الجزائر تحديدا- يعلنون أنهم من أهل السنة ويبثون الفكر الشيعي وينتصرون له بمزاعم نقد التراث والتاريخ، بناء على قاعدة التقية المعروفة عندهم والتي تدل على الجُبن والمراوغة، حاشا آل البيت الأطهار أن يكونوا على هذه الأخلاق الذميمة.
ويحتار المرء من تهويل أمر عاشوراء على يد هؤلاء وأولئك مع أنها لم ترد في القرآن، أما السنة فأشارت إلى نجاة موسى لا إلى موت الحسين، ويقتصر أمرها على الصيام المندوب.
ولا تنسوا زواج المتعة، ربما هو الذي يجذب البعض إلى التشيّع.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com