شعاع

المؤتمر العالمي للعلامة الإمام عبد الحميد ابن باديس * (الفكــــرة والتنفيــــذ )

يكتبه: حسن خليفة/

 

 

 

ليس هذا حلما من الأحلام، وإنما هو هدف من الأهداف التي ينبغي السعي لتحقيقها في سياق الاهتمام بشخصية العلامة الإمام عبد الحميد ابن باديس وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين عموما (ماضيا وحاضرا ومستقبلا)، مع التركيز، في الاهتمام، على الجانبين الدعوي والإصلاحي (التغييري) في منهجه وعمله، على مدار عقود من الزمن ومناسبة هذا الكلام هـي زيارة الشيخ الدكتور حسن الحسيــني الباحث والكاتب والداعية المعروف، والذي زار بلادنا على مدار نحو أسبوعين (في فترة سابقة من الشهر الماضي)، التقى فيها بالجزائريين شرق الوطن وغربه ووسطه، وزار، في عدد من المدن والأحياء، المدارس القرآنية والمؤسسات الدعوية، وعقد مجلس سماع» الأربعين البخارية» وآراء الرجل (الحسيني) في ابن باديس، وما قدمه في شأنه (البرنامج التلفزيوني ـ كتاب «أيام ابن باديس» ـ وتسمية معهد شرعي في الهند باسمه، وعدد آخر من الأعمال المحترمة …) إلى جانب اهتمامه الدقيق والواسع بشخصية ابن باديس وعمل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وقد زاد اهتمامه أكثربابن باديس والابراهيمي وغيرهما هذا هو الذي يدعونا إلى الإعراب عن هذه الرغبة (الهدف) والتي تتمثل في دعوة لعقد مؤتمر عالمي كبير.
أـ يكون للداعية الفاضل الدكتور حسن الحسيني دور في دعوة جمع من العلماء والدعاة الذين اهتموا بفكر ابن باديس ومنهجه وبجهاد جمعية العلماء الدعوي والإصلاحي والديني والثقافي (وما أكثرهم)؛ من حيث التواصل معهم وعرض الفكرة عليهم، ومدارسة الجوانب التي تحتاج إلى تعميق نظر وإلى إحاطة وتوسّع؛ خاصة منها ما يتعلق بالجوانب الدعوية ـ الإصلاحية، وبتواصله معهم وتدارس بعض تفاصيل المؤتمر وفقراته ومحاوره وجلساته..
ب ـ يأتي دورجمعية العلماء وشركائها في الوطن (خاصة الجمعية الدعوية ـ ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف ـ ووزارة الثقافة ـ ووزارة المجاهدين ـ ووزارة التربية وغيرها، والمجال مفتوح لكل من يريد الإضاءة والإسهام في عمل علمي عالمي؛ فابن باديس ملك للجزائريين جميعا.
وبذلك يتحقق نوع من الإجماع الوطني في أهمية هذه الشخصية العلمية والدينية الكبيرة، وقد سبق لرئيس الجمهورية أن قدّم التقدير وأشاد بدور رائد النهضة الجزائرية الحديثة، في أكثر من مناسبة، ومن ذلك خطابه في تركيا ..
ج ـ وأما ما يجب التأكيد عليه هنا فهو جملة ملاحظات:
1ـ يمكن أن نزعم أن هناك ملامح تفرّد وتميز وإبداع في منهج ابن باديس التغييري العام ، لا تكاد تشاركه فيها أي حركة إصلاحية أو دعوية في مختلف أرجاء العالمين العربي والإسلامي .
2ـ أن التركيز على منهج الإصلاح والتغييرهو الهاجس الأكبر الذي يجب أن يكون «همّ» العلماء والدعاة والمثقفين والإعلاميين والسياسيين ، بل همّ كل النخب العالمة والمثقفة في العالم الإسلامي (وتحديدا منه العالم العربي) الذي يرزح تحت وطأة التخلف والتأخر، بل وتسجل أقطاره مزيدا من الانتكاس والانحطاط، على أكثر من مستوى، مما يوجب ا لاهتمام بـ «أصول» التغيير وقواعده، على نحو علمي منهجي دقيق وصارم .
3 ـ إن الدراسة المقارنة لحركات التغيير والدعوة والإصلاح هو أصل في البناء الثقافي الجاد ؛ ليس لأن التاريخ يجب أن يكون دائم الحضورفي حياتنا وبرامجنا الحاضرة فحسبُ، بل لأن المقارنة والموازنة من شأنها أن تكشف عن جوانب القوة والعظمة والتفرّد في حركة الجهاد الفكري والدعوي التي قادها ابن باديس وصحبه، وصنعوا من خلالها واحدا من أهم أمجاد العرب والمسلمين في العصر الحديث، وهو استقلال الجزائروتحقيق نهضتها، وانعتاقها من ربق النمط الغربي الاستدماري الاستيطاني، وهي مسألة ليست هيـّنة ولا بسيطة في موازين الانجاز وتحقيق النجاح .
4ـ ولأن احتذاء النموذج الناجح وتوسيع رقعته من دلائل التوفيق ودواعي النجاح في التجربة الحاضرة جزء من منظومتنا الاسلامية الراشدة؛ فقد وجب الوقوف على «ملامح» القوّة والتميّز والنجاح والتفوق في تجربة ابن باديس وجمعية العلماء .وليس أليَق لذلك ولا أنسبَ من اجتماع العلماء (من مختلف المشارب الفكرية والتوجّهات والتصوّرات الثقافية والعلمية)…ليطرحوا ما لديهم وبالتالي يتم التوصّل إلى الحقائق انطلاق من دراسات علمية تأصيلية مقارنة تكشف أسرار هذه التجربة الجزائرية النموذجية في الإحياء الديني والثقافي والعلمي والتربوي.
5 ـ مشاركة كل أطياف المجتمع الجزائري، ممثلا في الهيئات الرسمية والجمعوية والهيئات الفكرية (الجامعات ـ المراكز البحثية ـ الخ ) يعطي ـ بالفعل ـ صبغة التشارك في هذا الميرات العظيم للمجتمع الجزائري، ممثلا في جمعية العلماء خاصة وتيار الحركة الوطنية عامة الذين جاهدوا بحق من أجل أن تكون الجزائر جزائر الثوابت والهُوية والقيّم والمنظومة الفكرية المتجانسة والتصوّرات الجامعة للنسيج الجزائري كله…ولا نبالغ إذا قلنا إن هذا هو المشروع المجتمعي الجزائــري الكبير الذي ينبغي أن تُسترخص من أجله كل الأمور؛ لأنه أبو المشاريع التي ستقودنا ـ حتما ـ إلى النهضة الشاملة المتكاملة الأركان، وتخرج مجتمعنا إلى النور والاستقامة والهداية والرُشد والرشاد، بعد التيــه الكبير الذي تاه فيه مجتمعنا على مدار عقود طويلة في متاهات الإيديولوجية الشرقية (الشيوعية والاشتراكية) والإيديولوجيات والغربية : الرأسمالية المتوحشة والرأسمالية القاتلة والرأسمالية الفاسدة المفسدة، والعولمة المدمّرة للقيّم وغيرها من التيارات الوافدة التي هلكت الأرض والعرض والناس والاقتصاد والمجتمع كله…
كما أن من ملامح التفوق في تجربة ابن باديس تلك القدرة على تجميع نسيج المجتمع الجزائري بمختلف مشاربه، وجهاته، وألسنته (لهجاته)..فإن في ذلك عبقرية يجدها الدارسون لتراث الشيخ ابن باديس ومن معه من الأعلام والعلماء كالإبراهيمي والميلي، والعقبي والتبسي ومالك بن نبي وغيرهم من الصفوة الصافية والنخبة النقية الراشدة، عليهم رحمات الله تبارك وتعالى .
إذن ..الخلاصة:
ندعو إلى مؤتمر علمي عالمي عن منهج الدعوة والإصلاح لدى ابن باديس وجمعية العلماء.
التوقيت: يكون تاريخ انعقاده موافقا لتاريخ التأسيس (شهر ماي 2023) لثلاثة أيام
ـ تشارك فيه كل الهيئات والجمعيات الجزائرية، وتشرف عليه جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
ـ بمشاركة عدد من أعلام الفكر والثقافة والعلماء والدعاة من عدد من أقطار العالمين العربي والإسلامي.
ـ يختار له مكان مناسب كقاعة المحاضرات في الجامع الأعظم أو أي قاعة كبرى (قاعة مؤتمرات)، ويكون هذا الصنيع نوع من الوفاء لشخصية ابن باديس النهضوية العالمية ، وسعي لاستكشاف ملامح القوة في تجربته الغنية الأثيرة، والله المستعان.
* عرضتُ الفكرة على أكثر من أخ وأكثر من جهة وأبادر إلى تسجيلها وبيانها في هذه السطور آملا أن تجد، رجع الصــدى المطلوب .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com