“الإرهاب الإسلامي الذي يزعمون…!” أسطورة هو أم حقيقة؟/ محمد العلمي السائحي
لا يختلف اثنان على أنّ الإرهاب آفة ما مثلها آفة، وأنّ التصدي له ومقاومته واجب يقع على عاتق الجميع، مسلمين كانوا أو غير مسلمين، ذلك لأنه مثل النار إذا شبت في جهة لا تلبث أن تمتد إلى جميع الجهات، فلا أحد يجادل – إذن – في خطر الإرهاب، وما يتسبب فيه من خسائر في الأرواح والممتلكات، ولكن الذي نختلف فيه ولا نتفق عليه، هو نسبة الإرهاب للإسلام وقصره عليه وحده، ونرى وصم الإسلام به يرمي فقط إلى إيجاد مبرر يتيح للقوى الدولية التسلل إلى البلاد الإسلامية تحت مظلة محاربة الإرهاب، فالإرهاب الإسلامي أسطورة لا حقيقة، ولا شأن للإسلام بالإرهاب، لا من قريب ولا من بعيد، وأن الإرهاب الذي نشهده اليوم هو إرهاب مفتعل وموجه ومتحكم فيه، وأنه فعلا يستخدم كذريعة توظف لبسط النفوذ، والهيمنة على العالم الإسلامي وقدراته، يشهد لذلك وقائع وأمور كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:
ــ أن هذه الظاهرة لم تطرأ على مسرح الأحداث إلاّ بعد دحر أفغانستان للغزو السوفياتي على يد طالبان سنة 1989م.
ــ أن “التواجد الإرهابي” يتزامن دوما مع التواجد الأمريكي، حيث توافق مع الغزو الأمريكي للعراق، كما أن انتقال “الإرهاب” إلى الشام استتبع التدخل الأمريكي في الشام، تحت مظلة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
ــ وبالمثل فإن التدخل الفرنسي في مالي تم تحت مظلة التصدي لـ”إرهاب القاعدة”، وما تولد عنه من حركات جهادية فيما يزعمون.
ــ ومن اللافت للنظر أن “الإرهابيين” في البلاد الإسلامية، يعتمدون دائما على تكتيكات قتالية غربية، ويستخدمون أسلحة ووسائل لوجستية أمريكية في أغلبها.
ــ من المدهش حقا أن ظاهرة “الإرهاب” أول ما أسفرت عن نفسها ظهرت في
كل من مصر والجزائر والمغرب ثم الشام والعراق، وهي دول محورية في العالم العربي شرقه وغربه، وهذا ما يدفع إلى الاعتقاد إلى أن هذه الظاهرة زرعت زرعا، لضرب استقرار هذه الدول لإضعافها خدمة لسناريو معين.
ــ ومن الغريب أيضا أنه ما إن يتم تفكيك تنظيم إرهابي في مكان ما من البلاد الإسلامية وخاصة في البلاد العربية، إلا أعقبه ظهور تنظيم جديد، أشرس منه وأقوى، فلما ضربت “القاعدة” في العراق أعقبها مباشرة ظهور “داعش”.
بناء على ذلك كله تتظافر الشكوك، ويعضد بعضها البعض الآخر، لتؤكد بما لا يدع مجالا للتردد في الحكم على أن الإرهاب الذي يشهده العالم الإسلامي ويكتوي بناره، ما هو إلا ظاهرة مفتعلة، وصناعة غربية بحتة، هدفها الأول والأخير ضرب استقرار العالم الإسلامي برمته، ليتمكن من تفكيكه وتجزئته، مما يتيح السيطرة عليه، والتحكم فيه، دون التعرض لمقاومة مكلفة؛ ولا يخفى على أحد أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق جورج بوش )الأب والابن(، استغلت حادثة ضرب البرجين في )11/09/ 2001م( لغزو أفغانستان بقصد القضاء على طالبان مخافة أن تستغل موقع أفغانستان الجغرافي المحاذي لكل من إيران وباكستان، وأن تنسق معهما ما ينتج عنه تشكيل قوة ضاربة يمكن أن تهدد نفوذ الغرب في تلك المنطقة.
كما استدرجت العراق لغزو الكويت، لإيجاد ذريعة مقبولة لغزوه، وتفكيك قواته المسلحة التي كانت تشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل خصوصا؛ وكانت هذه الإدارة بحاجة ماسة لتبرير بقائها في المنطقة بعد تحرير الكويت، فاختلقت شماعة الإرهاب، لتجد مبررا للقضاء على المقاومة الوطنية العراقية تحت غطاء محاربة الإرهاب من جهة، ومن جهة ثانية، إيجاد ظروف ملائمة لتجزئة وتقسيم العراق بحجة التدافع بين السنة والشيعة، والأكراد والتركمان، والمسيحيين والمسلمين. ومما يؤكد هذه النّية المبيّتة لتفتيت العالم العربي والإسلامي، أن ما حدث في العراق هو عين ما يحدث في الشام، ويعمل على تنفيذه في ليبيا أيضا، ففي الشام تدعم أمريكا العنصر الكردي بهدف تقسيم سوريا، وهي تعرقل التوافق في ليبيا عن طريق تشجيع صنيعتها هناك “خليفة حفتر”، والهدف أن تنقسم ليبيا وتتشظّى إلى أجزاء، يحارب بعضها بعضا، ذلك لأنها تطمح لأن تجد لها موطأ قدم في إفريقيا، والمغرب العربي هو بوابتها إليها.
فـ”الإرهاب” إذن نسب ظلما وزرا إلى الإسلام، والإسلام بريء منه براءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب عليهما السلام، إنما هو صناعة غربية؛ بل هو صناعة أمريكية على وجه الدقة، ولا شيء آخر، ونسبته إلى الإسلام هو من قبيل “رمتني بدائها وانسلت”.