الإعلام والدعوة “تكامل في الرسالة والهدف”/ د. إبراهيم نويري
الإعلام شقيق الدعوة ورافدها الأول، لذلك يحرص الدعاة والعاملون في حقل التوجيه والترشيد والتربية على استخدام أدواته وتقنياته المعاصرة التي أتاحتها وسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة والإفادة منها؛ ذلك أن وصول الخطاب الدعوي بكلّ مستوياته ومضامينه المتنوّعة إلى أكبر عدد ممكن من المتلقين، يُصبح أمراً متاحاً بفضل استثمار هذه الوسائل والأدوات والمُعدّات والمنجزات.
ومما لا شكّ فيه أن هذه الوسائل والتقنيات، من شأنها أن تفرض تحديات جديدة على الدعاة، يأتي في طليعتها الحرصُ على تقديم قيمنا وهُوّيتنا وتعاليم ديننا، ومبادئ حضارتنا، في صورة تليق بمكانتنا الدينية والحضارية والتاريخية.
إن إعداد برامج العمل الإعلامي الدعوي المنظّم المتبصّر، الكفيل بتنوير المجتمع الإسلامي المتفهّم لدوره ورسالته وأهدافه، يتطلّب خبراتٍ عالية التكوين، كما يقتضي جهوداً متواصلة وتكاملاً وتعاوناً بين العاملين في الحقل الفكري والاعلامي والتربوي؛ ونحن نرى أن المنطلقات التالية من شأنها أن تُسهم في رسم معالم العمل الإعلامي الذي نطمح إليه خلال مرحلة المتغيّرات الحضارية التي نشهدها حالياً في هذه الانعطافة من واقعنا المعاصر:
ــ ضرورة انطلاق العمل الإعلامي من القيم والمفاهيم الإسلامية، فكما أنه يجب على التربية بمناهجها وخططها وبرامجها المتنوّعة أن تصوغ القيم والمفاهيم التربوية والإعلامية، وتضعها في إطارها الصحيح، فإن تربية النشء تربية إسلامية تغرس فيه القيم الإسلامية الصحيحة الراشدة، وتنمّي فيه منازع ودوافع الخير، وترفد الضمير الإسلامي وتدعمه، يُعدّ من أبجديات الإعلام الإسلامي الداعي إلى تكوين الإنسان المسلم الرسالي المتكامل المتوازن في نمط تربيته ومعماره الفكري، وآفاق طموحاته النبيلة الخيّرة.
ــــ إعادة تنظير المبادئ والأسس الإعلامية من منطلقات إيمانية صافية، وتطويعها للتطبيق العلمي بإرادة قوية، وطموح غير محدود.
ـــ الاستيعاب الأمثل والأقوم لتقنيات وسائل الإعلام الحديثة علماً وممارسةً، ولا ينبغي أن يقف الاستيعاب الجيّد عند هذا الحد، بل يجب أن يتعدّاه إلى فنون الإعلام ومهاراته وعلومه المختلفة.
ـــ صبغ المضمون والمحتوى الإعلامي بالصبغة الإسلامية؛ والتقليل قدر الإمكان من أساليب الوعظ المباشر، مع حسن استخدام وتوظيف الفنون الإعلامية الحديثة لاجتذاب المتلقي، مشاهداً كان أو مستمعاً أو قارئاً أو متفاعلاً بطريقته الخاصة.
ــــ التركيز على فنون وأساليب نشر وتعليم اللغة العربية وأدائها لإيجاد حس لغوي وأدبي رفيع لدى المشاهد والمستمع والقارئ.
ـــ الاهتمام الجاد بالجانب الترفيهي “الترويحي” الهادف، من خلال برامج ومَشاهد وصفحات يُعنى بإعدادها متخصّصون، وذلك لإيجاد البديل الموضوعي الملتزم بقيم الإسلام وآفاقه الرحبة اللّامحدودة.
ـــ العناية بالبرامج والمشاهد الموجّهة للطفل والأسرة والمهنيين وأصحاب الحِرف والمهارات المختلفة.
ــــ ضرورة مواكبة المستجدّات في كلّ المجالات، وتقديم الرؤية الإسلامية الوسطية الصحيحة، من باب عدم ترك الناس في حيرة أو انبهار أمام بعض ما يُستجدّ من وسائل أو مفاهيم أو سلوكيات في الحياة المعاصرة.
ـــ التصدي للأفكار الهدّامة كالإرهاب والتطرّف والتنطّع والغلو، وكذلك الأفكار الدخيلة التي تنتمي إلى منظومة الغزو الفكري والثقافي والمفاهيمي والسلوكي و الوجداني.
- إن الإعلام والدعوة في مجتمعات العالم الإسلامي من شأنهما أن يتكاملا في الدور والرسالة والهدف، من أجل تحصين قيم الإنسان المسلم المعاصر، وإعزاز طاقته الروحية والفكرية، كي نضمن استمرار فعّالية الدور الذي يؤديه في مختلف مجالات وميادين الحياة المعاصرة، التي باتت تتّسم بالمزيد من الصعوبات والأوهاق والتعقيدات.