الحدث

20 سمـــــــة للإمـــــــام النّاجــــــــح

إبراهيم بن ساسي/

الإهداء
بمناسبة اليوم الوطني للإمام أهدي هذا العطاء لجميع أئمتنا الفضلاء عربون حبّ ودعاء.

توطئة
بإمكان المرء أن يفجر طاقاته من موقع وجوده في حدود اختصاصاته
خصوصاً الإمام الخطيب بما يصنعه من حياة مضيئة تشعّ نوراً وهداية لفرص تُتاح له دون غيره حين تجتمع إليه الأفئدة والأرواح في الجُمع والخطابات.
له تُشدُ الرّحال والزيارات استفتاء واسترشاداً وبفضل موقعه يتبوأ منزلة علمية واجتماعية تؤهّله للتّأثير الإيجابي تعليماً للجاهل وتقريباً للجافل وتهيئة للنفوس يخفف لوعاتها وروعاتها ويحدّ من جموحها وجنوحها يزرع فيها الأمل وحبّ العمل والثقة.
● وممّا يؤهل الإمام لهذه الأدوار الريّادية التزامه بجملة سمات أهمّها:
● الربّانية والصدق وتحرير الولاء لله تعالى شعاره قول بارئه: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
● اعتقاده أنّ دعوة الله واجبة وأنّ صدقاته الجارية تكمن في تبليغ معارفه وعلومه، وهو ما يُسألُ عنه يوم القيامة (وعن عمله ماذا عمل به) فالعارف يُلجم بلجام من نار لفرط تقصيره أو تخلّيه عن مهمة التّبليغ خصوصاً حين يقصده طالب العلم الرّاغب في التوجيه.
● الإحاطة بالعلوم الشّرعية والاستزادة من أصولها وفروعها حفظاً وشرحاً وأحكاماً وتأصيلاً.
● النّزول إلى مجتمعه ومحاكاته مواكباً واقعه ملامساً نبضاته وخفقاته لينتصب معالجاً بالوعظ والتوجيه فيكون البلسم الشافي والدواء الكافي بيده مفاتيح المعضلات يساهم في عمليات الصلح والتقريب وفك النّزاعات.
● الابتعاد عن كلّ تهوين وتهويل فلا يعطي للحبّة ما للقبّة ولا للقبّة ما للحبّة وربّما استسمن ذا ورم أو نفخ في غير ضرم، وهو مطالب أن يتحقّق قبل أن ينطق.
● أن يكون الإمام مميّزا في تلاوته مراعياً لأحكامِ التّرتيل دقيقاً في اختيار الآيات ليشدّ الجالس والسّامع
وأن يختار الشّواهد مع مراعاة التّأصيل في السّرد وذكر المراجع وهو ما تقتضيه أمانة التّبليغ والإسناد.
● الحرص على دراسة علم النّحو والإملاء حتى لا يُعابَ عليه رفعٌ في محل النّصب أو العكس، وأن يلمّ بفنون الأدب والبلاغة وأصول الخطابة ولطائف الشّعر والرقائق ليشدّ القلوب ويحقّق المرغوب كقول الإمام البنا:[ دقائق الليل غالية فلا ترخّصوها بالغفلة].
وقول مالك بن دينار:[ لم يبق من رَوْح الدّنيا إلاّ ثلاث لقاء الإخوان والتّهجد بالقرآن وبيت خال يذكر فيه الله تعالى].
وقول القائل:
شعب بغيــر عقيــدة ورق تـذريه الريّـاح
من خان حيّ على الصّلاة يخون حيّ على الكفاح
● عزّة النفس والبعد عن تأثير الكبراء والأعيان، فلا يطمع في عطاء قد يخرسه عن قول الحق وتبليغه.
● الابتعاد عن كلّ تجريحٍ للأفراد والهيئات والمؤسّسات يكفيه التّلميح بدل التّصريح والإشارة بدل الإثارة.
● مواكبة أحداث وطنه ومناسباته وذكر بلده في دعائه دون أن ينسى أمّته الإسلامية ومضطهديها من المظلومين والمنكوبين خصوصاً في أرض الرّباط فلسطين.
● استعمال الحركة والإشارة مع فنيّات الخطاب والتّحكّم في رفع الصوت وخفضه والتأثّر، ويبدو ذلك في قسمات الوجه وبريق العينين.
● الفطنة والذّكاء حتى لا يكون إذاعة مجّانية لغيره، فيتحوّل المنبر المقدّس إلى مركز إعلانات وربما إشاعات!
● مراقبة ما يصدر عنه من أقوال وأفعال فهو مصدر القدوة في الدّين والخلق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} وليحذرْ كلّ شبهة تحتوشه، وليصغِ لقول الكيلاني: [يا مُلَّح الأرض لا تفسدوا فإنّ الأرض إذا فسدت لا يصلحها إلاّ الملح].
● تذكّر المناسبات وتواريخ الأحداث إذ يحسن به أن يعرِّج على مناسبات وطنه ملتمساً الدّروس والعبر، مذكّراً بالنّتائج تساعده يقظته وسعة اطّلاعه وعظيمُ اهتمامه،
فالإمام النّاجح لا يفتر عن قراءة صفحة من كتاب أو خبر موثوق من موقع فلا يتناول موضوعاً إلا وقد أحاط بخلفياته حتى يخاله السّامع باحثاً متخصصاً وناقداً بصيراً.
● مراجعة الخطيب لحديثه بعد تسجيله أمر جميل يمكّنه من التّصحيح والاستدراك.
● تزكية النّفس بلهجات الذّكر وترانيم الشّكر وسبحات الفكر ينعكس عليه إيماناً وإشراقاً فلا ترى في بريق عينيه أو تسمع من فلتات لسانه أو تقرأ في قسمات وجهه سوى حبٍّ لله ورسوله مستحضراً قول السّكندري: (لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله).
● التّطلع إلى عالم التكنولوجيا والاتّصال وما يزجر به من كنوز وعطاءات فيستفيد منه في البحث والتّحقيق والتّأصيل والإثراء.
● اختيار الأفاضل من جلسائه وندبائه ممّن يسترشد بهم ولو اهتدى إلى أسرة تربوية أو هيئة دعوية تقاسمه الهموم فذلك المبتغى.
● مراعاة الخطيب للشّرائح التي يخاطبها بما في ذلك الجنس
والمستوى والبيئة فيعطي لكلٍّ حظّه ومجاله.
● الحرص على الأخذ بأسباب الزّينة والأناقة واللّباس ليتوِّج الإمام نقاء المخبر بأناقة المظهر من غير إفراط أو تفريط فترتاح العيون لمرآه وتأنس النفوس للقياه.
وهو ما ينبغي أن يتحلّى به العلماء والدُّعاة والأئمة بما يؤهلهم لصناعة التأثير والتغلغل في مسارب العقول والأفئدة قال الله تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ}
وصدق الشّاعر حين قال:
حـسن ثيابك ما استطعت فإنها   زين الرّجـال بها تعـزّ وتُكرم
ورثـيث ثوبك لا يضرُّك بعدما   تخشى الإله وتتّقي مــا يحرم
■ بهذه الدّرر يستطيع الإمام أن يصنع الحياة ويربّي النّفوس الجامحة، فلا تثمر سوى يواقيتَ خيرٍ وحبٍّ وثقةٍ وجميلِ إيمانٍ وإحسانٍ، ولن يتأتّى له ذلك إلاّ بالصّدق والعمل الجاد.
أمّا من ينام ملءَ جفنيه ويضحك ملءَ شدقيه ويأكل ملءَ ماضغيه فهيهات هيهات أن يكون في صفّ المجاهدين والدعاة العاملين والله أكبر ولله الحمد.
■ وكلّ عام وأئمّتنا بخير

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com