ذكرياتي مع المرحوم الدكتور عبد العزيز بوباكير قبل أيام من رحيله
سعدي بزيان/
عرفت د. عبد العزيز بوباكير منذ سنوات طويلة، فكان لنا أكثر من لقاء في جامعة الجزائر، وفي جمعية الجاحظية، سواء في عهد المرحوم الطاهر وطار، مؤسس الجمعية، أو خليفته د. محمد التين رحمهما الله معا، وكان أبرز وأهم لقاء هو ذلك الذي جمعني وإياه والإعلامي محمد يعقوبي في “جامعة بوضياف” مسيلة، وفي قاعة عبد المجيد علاهم، وكانت المناسبة هي اللقاء الإعلامي مع طلبة كلية الإعلام في الجامعة، وكنا نحن الثلاثة ضيوفا على الكلية لتقديم تجربتنا الإعلامية كقامات في الإعلام الجزائري للطلبة في مسيلة ليسترشد بها ويستفيد منها هؤلاء الطلبة، البعض منهم تخرج والبعض على أبواب التخرج، فقد تحدث محمد يعقوبي في البداية عن مسيرته الإعلامية في جريدة “وقناة الشروق” وصولا إلى تجربته مع جريدة “ومجلة الحوار” كما تحدث د. بوباكير عن تجربته في “الخبر الأسبوعي” كما قدم تلميحات عن كتابة مذكرات المرحوم الشاذلي بن جديد، وكشف عن معلومات حول الشاذلي لم يكن الناس يعرفونها. وكانت المناسبة ناجحة إلى حد بعيد. وبعد رفع الجلسة وتناول طعام الغداء، عاد محمد يعقوبي إلى العاصمة لظروف العمل، في حين توجهت أنا والدكتور عبد العزيز بوباكير إلى بوسعادة، حيث قضينا ليلة ممتعة في فندق رفيع المستوى، وفي الصباح بعد الفطور جلسنا في حديقة الفندق وساد الجلسة الحديث عن الثقافة والسياحة، وفي الصباح توجهنا معا لزيارة متحف “إتيان ديني” ومسكنه، وقدم لنا مدير المتحف شروحا مستفيضة عن حياة ديني في بوسعادة وكيف سحرته الصحراء واختار البقاء والعيش الدائم في بوسعادة إلى درجة أنه أوصى بدفنه في هذا البلد.
اكتشفت خلال هذه الرحلة بأن د. بوباكير يعاني من مرض مزمن، وأن صحته لا تبشر بخير، وأن إدمانه المبالغ في التدخين وتناول القهوة بصورة غير عادية عجلا في تدهور صحته. وقد فوجئت ذات يوم بعد أن ودعته أمام منزله عند عودتنا من بوسعادة، وتواعدنا على أن نلتقي قريبا ليسلم لي صور الرحلة ولأن للقدر مواعيده التي لا تتأخر فقد غادرنا دون أن نلتقي مرة أخرى، وكنا ونحن في طريق العودة سلم لي نسخة من كتاب له صدر مؤخرا عن الأمير عبد القادر الفارس والإنسان “مقالات وترجمات” وهكذا الدنيا لقاء وافتراق.
ساعة تحلو وأخرى لا تطاق. رحم الله عبد العزيز بوباكير وجعل مجهوداته في ميزان الحسنات
“إنا لله وإنا إليه راجعون”.