الفتوى رقم:253/ محمد مكركب
الموضوع: حكم من تزوج إحدى المحارم ( أخته من الرضاع) ولم يكن يعلم.
السؤال
قال السائل: تزوجت امرأة من بنات جارنا، وفق كتاب الله وسنة رسوله، ولم أكن أعلم أنها رضعت معي من امرأة. ثم جاء رجل فأخبرني أن أمه أرضعتنا نحن الثلاثة: أنا وهذه الزوجة التي تزوجتها، وهذا الرجل الذي أخبرني، وأنه وأمه لم يسمعا بزواجي من قبل، فما العمل؟ وإذا كان حمل من هذا الزواج الفاسد بمن يلحق الولد؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: هذا العقد فاسد، لأن الأخت من الرضاع يحرم الزواج بها، لقول الله تعالى:﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾(النساء:23)
والعقد الفاسد يفسخ حينا بعد التثبت، ولا إثم على المخطئ، ويفرق يبنهما، وتعتد في بيتها التي كانت تسكن، كسائر المطلقات، حيث يكون العقد غير صحيح، إذا خالف الأحكام الشرعية، كالزواج بالأخت أو إحدى المحارم، وكالزواج بزوجة الغير أو بالمعتدة.
وعقد الزواج الفاسد أو الباطل في العقود سيان، أي أن الباطل والفاسد بمعنى واحد، وإذن فالزواج الباطل أو الفاسد هو ما حصل خلل في ركن من أركانه أو شرط من شروط صحته، وهو كل زواج اتفق الفقهاء على عدم مشروعيته، كالزواج بإحدى المحارم من نسب أو رضاع أو مصاهرة، وهذا هو موضوع الفتوى في مسألتنا محل الاجتهاد.
ومن الزواج الباطل على سبيل المثال أيضا: زواج المتعة، وزواج المرأة الخامسة، وتزويج المرأة نفسها بدون ولي. ويترتب على الدخول بالمرأة في الزواج الباطل: وجوب المهر، وثبوت حرمة المصاهرة بالدخول، أي: (بالوطء)، ووجوب العدة، ويبدأ حساب العدة من وقت الفرقة بينهما، وثبوت النسب للولد بأبيه إن كان العقد مختلفاً في فساده، وكذا إن كان متفقاً على فساده، كما يأتي بيانه في الفقرة الثانية إن شاء الله. ففي الرسالة:[ ولا نكاح بغير صداق ولا نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل ولا النكاح في العدة ولا ما جر إلى غرر في عقد أو صداق ولا بما لا يجوز بيعه وما فسد من النكاح لصداقه فسخ قبل البناء فإن دخل بها مضى، وكان فيه صداق المثل، وما فسد من النكاح لعقده وفسخ بعد البناء ففيه المسمى، وتقع به الحرمة كما تقع بالنكاح الصحيح] والله أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: إن كان ولد من زواج فاسد لحق به عملا بالحديث:[ الولد لصاحب الفراش، وللعاهر الحجر]. إذا تمت الفرقة بين زوجين من زواج فاسد بعد الدخول، ثم حملت المرأة وولدت قبل مضي أقصى مدة الحمل من تاريخ الفرقة، ثبت نسب الولد من هذا الرجل. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.