هجران المسلم أخاه المسلم حرام
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/
الفتوى رقم:586
الســــــــــــؤال
قال السائل: لي خال، أخذ مال أمي ظلما، أخذ حقها من الميراث، وظلا متقاطعين حتى ماتت، ولايتكلم مع أبي، فقال لي أخي تعال نزوره ولا نهجره، فزرناه، ولم يستقبلنا، فهل علينا إثم إذا لم نزره بعد هذا؟ وفعلا نحن لانحبه لأنه ظلم أمنا، فما هو العمل؟ وهذا الأمر أتعبنا فانصحنا ووجهنا جزاكم الله خيرا، إننا نخاف أن تظل العداوة بين أولادنا؟.
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: نقول لمن لايزالون يظلمون بعضهم في الميراث بأن تقسيم التركة يجب أن يكون كما أمر الله تعالى، ويقوم بذلك الموثق ومن يعلم العلم الشرعي في فقه الميراث في الدوائر الرسمية، ولا يجوز لواحد من العائلة أن يقسم كما يشاء حسب هواه، بل لابد من العمل بالقرآن والحديث، وما أجمع عليه العلماء. قال الله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (النساء:11) وفي الحديث. عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لِأَوْلَى رجل ذكر] (البخاري: 6732)
ثانيا: من شعر بظلم في تقسيم الميراث يعود إلى أهل العلم ويسأل كيف يتصرف، ولا يخاصم أقاربه ولا يعاديهم، فعلى السائل أن يعلم بأن المسائل والقضايا لاتحل بالشنآن، والعداوة والهجران، وإنما بقيم الإيمان، بالسماحة والغفران، فيا عباد الرحمان، يا أهل القرآن، قال الله تعالى:﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ (الشورى:40)
ثالثا: المقاطعة والهجران بين المسلمين حرام ولا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه، الشقيق، ولا أخاه في الإيمان. ففي الحديث. أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام] (رواه البخاري:6065) ورواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر رقم 2559. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: ما فعله أخوك حيث أشار عليك بزيارة خالك فهو عين الصواب، فلا تتركوا الشيطان يظل يفرق بينكم، واسألوا الله الهداية لكم ولخالكم، واسألوا المغفرة لأنفسكم ولأمكم، وكلنا نستغفر الله ونتوب إليه. وعندما لم يستقبلكم خالكم كان ذلك خطأ منه فلا تقابلوا أنتم الخطأ بالخطأ. بل المؤمنون يردون على سوء الناس، بالإحسان، قال الله تعالى في صفات أولي الألباب الذين يدخلون الجنة. ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ.﴾ (سورة الرعد:22)
خامسا: يسأل السائل عن التوجيه والنصيحة فكل ذلك في كتاب الله سبحانه وتعالى، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى. ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (الأنفال:1) وفي الحديث. [لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا] (البخاري:5991) أقول للسائل فلا تنووا المقاطعة والهجران، ومن قطعكم لا تقابلوه بالمقاطعة، واصبروا، وزوروا خالكم وإن ردكم، ولم يستقبلكم فزوروه. لكم الأجر، ولا تتكلموا فيه إلا بخير، والمسلم يعفو، ويصفح، ويسمح.
وأقول للسائل: تعلم من جواب النبي للرجل الذي سأله عن حال مثل حالك. فعن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال:[لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ] (مسلم:2558)والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.