العلماء والأهواء!!!
أ.د: عبد الحليم قابة/
لا يسع العالم الرباني (المؤتمن على الدين، والذي أمر الله ورسوله بالاقتداء به والتعلّم منه) عندما تتعارض أهواء البشر مع أحكام رب البشر، إلاّ أحد مواقف ثلاثة لا رابع لها، إذا أراد النجاة عند الله والسلامة من العذاب والهلاك: – إمّا أن يصدع بالحق بصراحة ووضوح، ولا يخاف في الله لومة لائم، ويتحمل نتائج ذلك، إذا غلب على ظنه الصبر والثبات، وهذا شأن الكبار. – وإما أن يتكلم بتعميم للبيان للأحكام، وتورية في الإنكار، بحيث يؤدي واجب التبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون تعيين للأشخاص والهيئات، ودون تصريح صريح، ويجتهد في تحقيق مقاصد الشريعة وغاياتها، والتعاون مع من يسعى لتحقيقها، فيسلم غالبا، وقد يلحقه الأذى كما هي سنة الله مع الأنبياء والأولياء والعلماء، فلا مندوحة له على الصبر والرضى والثبات، وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب. وهذا شأن مَن يُعدّون من المجاهدين الأبرار. ممن هم دون الصنف الأول في المرتبة والكمال. – وإما أن يسكت – إن لم يتعيّن عليه الكلام – ولا يتكلم بإقرار الباطل أبدا، ولا بموافقة المبطلين، ويؤثر السلامة – إن تركوه وشأنَه – ويرضى بأدنى درجات التكليف وسُبل النجاة، ويسأل الله أن لا يؤاخذه بتقصيره، وأن يرحم ضعفه. وهذا شأن الضعفاء من العلماء، والآخذين بالرخص منهم، والعاملين بقوله تعالى “فاتقوا الله ما استطعتم» و «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» وهو شأن الأعم الأغلب منهم في هذه الأزمان. أما الكلام الباطل، وإقرار الباطل، والدعوة إلى الباطل، والتصريح بمشروعية الباطل، ومشاركة المبطلين، وإرضائهم على حساب رضى رب العالمين؛ فمنكرٌ كبير، وذنبٌ عظيم، لا رخصة لأحد فيه، وعاقبته وخيمة، وعقابه شديد. وهذا شأن من انقلب على عقبيه، وانتكس وارتكس، والعياذ بالله، وهو لا محالة من الهالكين، إلا أن يتوب توبةً نصوحا، ويصلح ما أفسد، ويعمل صالحا، ويثبت على ذلك حتى يلقى الله مع الثابتين، الهادين المهديّين. -قال تعالى: « فَمَن تابَ مِن بَعدِ ظُلمِهِ وَأَصلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتوبُ عَلَيهِ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ” – وقال صلى الله عليه وسلم: (من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) نسأل الله الثبات على الحق والعزيمة على الرشد.