مساهمات

خاطرة عن الأوضاع السليمة

أ.د: عبد الحليم قابة/

في الوضع السليم، تسند كل الأمور إلى الكفاءات المخلصة، فتصلح أحوال الناس، وتتيسّر أموهم، لأن من سيقودونهم أهل لما أنيط بهم.
ولا تسند المسؤوليات بالمحابات وبالرشاوى والوساطات إلى المتردية والنطيحة وغير الأَكفاء من الناس، فتفسد أحوال الناس، ويُقادون إلى الهلاك؛ لأن من يقودونهم ليسوا أكفاء.
في الوضع السليم، تزرع الثقة بين الحاكم والمحكوم، وبين الموظف والمدير، حتى إذا ما صدرت تعليمات بادر الناس لتطبيقها، والمنافحة عنها وإعانة المسؤول في إقناع الناس بالتفاني في تطبيقها؛ لأنهم يثقون في إخلاص مسؤوليهم وكفاءتهم واقتدارهم.
وليست الأمور مبنية على عدم الثقة والشك والتهمة؛ بحيث لو صدرت أي تعليمة ولو كانت في صالح الناس، فإنهم سيخالفونها ويستهزئون بها.
في الوضع السليم، يُستشار أهل كل ميدان وتخصص قبل صدور أي قرار، لتُضمن السلامة والصحة والنجاح.
وليس إملاء القرارات دون مشورة أصحاب التخصص والخبرة، لتكون النتيجة فشلا بعد فشل، أو فتح جبهات للصراع بين مؤيد – مصيب أو مخطئ – ومعترض – مصيب أو مخطئ.
في الوضع السليم، تكون شريحة المثقفين نافعة جدا لتطور الأمة واستقرارها ونهضتها، سواء بموافقتها لقرارات المسؤولين الأكفاء المخلصين، إذا رأوها رشدا وصوابا، أو بمعارضتهم لها إذا كانت تبدو لهم خطأ وانحرافا؛ لأن موافقتهم تزيد السلطة الراشدة قوة إلى قوتها، ومعارضتهم ترَشّد المسار، وترجع القطار إلى سلامة المسار.
وليس كما في كثير من البلدان- للأسف الشديد – يعدّون المثقف عدوًّا لهم؛ لأنهم لا عقول لهم ولا دين.
في الوضع السليم، يُراعى في التخطيط والتنفيذ دينُ الأمة، وولاؤها، وانتماؤها، وما ينفعها في آخرتها أولا، وما ينفعها في دنياها ثانيا؛ لأن هذا من أوجب الواجبات على الحكام والمحكومين، وأَولى الأولويات عند المسلمين عامة، وعند الشعب الجزائري المسلم خاصة.
وليس الدين والآخرة وذكر الله، في آخر قائمة اهتمامات الناس. والعياذ بالله.
هذه خواطر عن الأوضاع السليمة التي ينبغي أن نكون عليها.
فهل نحن كذلك؟ وهل من أمل في أن نكون كذلك؟، وهل من مساع جادة لأن نصبح كذلك؟
وأستعجل بالجواب، فأقول: للأسف، نحن – في كثير من الجوانب – لسنا كذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولكن الأمل في أن نكون كذلك موجود وليس بمفقود، والحمد لله رب العامين،
وأما المساعي فنسأل الله أن يتقبل من سعى ويسعى أو سيسعى لذلك بكلمة طيبة، أو بمنشور هادف، أو بدرهم ينفقه في ذلك، أو بموقف ينصر فيه الساعين لذلك، أو بقرار حكيم يصدره للوصول إلى ذلك، أو بتشجيع المضحين لتحقيق ذلك.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

* جامعة أم القرى

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com