كلمة حق

رحلتي العلمية إلى استانبول2/2

أ د. عمار طالبي/

وتناول ا.د عماد الدين خليل أستاذ التاريخ المتمرس بالعراق موضوع: “ضرورات الفقه الحضاري”، أما الذي تفرد بالحديث عن فلسفة الجمال وعنوان بحثه: “التماهي الجميل: فلسفة الفن ومقاصد الشريعة” وهو الوحيد الذي تفرد بربط الجمال بمقاصد الشريعة فهو أ. د إدهام محمد حنش وهو أستاذ بكلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية من العراق.

وكذلك الأستاذ الدكتور: فرست مرعى إسماعيل أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة زاغو: جمهورية العراق فإنه تناول نصا يتحدث عن “ظهور الإسلام من كتاب تاريخ مارديو نسيوس التلمجري ” دراسة تحليلية مقارنة وهو نص مكتوب باللغة السريانية، يبطل كثيرا من ادعاءات المستشرقين وختم المؤتمر بقراءة التوصيات وأخذ الصور التذكارية.
وهذا المؤتمر كما ترى عالج موضوعا مهما في زماننا هذا المضطرب الذي يحتاج منا أن نجدد أنفسنا ومناهجنا في الفكر والعمل، وكان الدكتور حارث سليمان الضاري والد الدكتور مثنى الضاري من سلالة قبيلة زوبع من بطون شمر، وكان جده الشيخ الضاري بن محمود (1920-1848) بالعراق وهو الذي قتل الكولونيل الانجليزي لجمن، فاهتزت لمقتله لندن، وكانت هذه القبيلة تقطن قضاء غريب تقع على بعد نحو 25 كلم غرب بغداد، وقرب مدينة فلوجة المجاهدة بنحو 30 كلم شرقا، وبها سجن أبو غريب المشهور.
ومن أشهر زعماء هذه القبيلة الشيخ الضاري ظاهر المحمود أحد قادة الثورة العراقية ثورة 1920 فهو جد الدكتور حارث سليمان واشتهرت القبيلة بنخوتها القديمة (معن) وبموقفها العظيم في هذه الثورة.
صدر الحكم بإعدام الشيخ الضاري بن ظاهر بن محمود عام 1928 فتوفي بعد أن بلغ 80 من عمره رحمه الله.
والراجح أن الشيخ حارث الضاري ولد في آيار 1941.
درس في مسجد القرية ثم في مدرسة التربية الإسلامية وهي تابعة لجمعية التربية الإسلامية التي أسسها العلامة أمجد الزهاري ثم نقل إلى الفلوجة إلى مدرسة الشيخ عبد العزيز السالم السامرائي (1973-1917) التي يعترف بشهادتها جامع الأزهر بمصر، ودرس في بغداد في جامع مرجان بشارع الرشيد ودرس على يد الشيخ فؤاد الآلوسي ودرس على يد الشيخ عبد المالك السعدي كبير علماء بغداد.
وسافر إلى مصر 1962 ودرس في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف وحصل منها على الليسانس ثم الماجستير ثم الدكتوراه من جامعة الأزهر عام 1978 وعلم في كلية الإمام الأعظم إلى أن نال درجة الأستاذ الأول وعمل أستاذا في جامعة اليرموك بالأردن وفي الإمارات العربية المتحدة بدبي وفي جامعة عجمان في إمارة الفجيرة ثم عاد إلى العراق عام 2003 وتقاعد عام 1997 وهو عضو اتحاد المؤرخين العرب .
ألف عدة كتب المعروف منها خمسة وحوالي 25 بحثا أكاديميا، شارك في مؤتمرات وندوات علمية كثيرة، وهو رجل مستقل لم ينتسب في حياته إلى أي جهة سياسية أو حزب سوى أنه انتمى إلى هيئة علماء المسلمين في العراق بعد احتلال العراق سنة 2003 وفي يوم 25 سبتمبر سنة 1997 غادر وأسرته العراق إلى الأردن عن طريق البر وأصبح مدرسا في جامعة اليرموك بمدينة أربد وذلك بكلية الشريعة ثم انتقل إلى كلية الدراسات الإسلامية في دبي.
وهو منذ شبابه كان مهتما بما يحدث في فلسطين وما وقع لمصر من العدوان الثلاثي، ومقاومة المصريين متأثرا بشيخه محمد فؤاد الألوسي في اهتمامه بالشأن السياسي ثم ذهب لنصرة بلده العراق، وهو ما يزال أستاذا في جامعة عجمان في إمارة الفجيرة بالإمارات العربية المتحدة وأخذ ينشط في رابطة العلماء العراقيين بالخارج التي أسسها مع عدد من زملائه وتلاميذهم في الإمارات العربية ودعا إلى ضرورة المواجهة والمقاومة، وأصدر فتوى مع عدد من علماء العراق ودعوا إلى الدفاع عن العراق، ووزعت على نطاق واسع في العراق، ثم كتب منشورا ووزع أيضا.
طلب إلغاء عقده مع الجامعة للدخول إلى العراق فغادر الإمارات في آخر شهر جوان سنة 2003 واتجه إلى عمان بالأردن ومنها إلى العراق برا، وصل إلى قرية والد الشيخ سليمان الضاري في أبو غريب يوم 2003/07/01 واتصل بهيئة علماء المسلمين بالعراق التي انضم إليها حين تشكيلها وزار مقرها في منطقة الأعظمية ببغداد وأعد البيان رقم (1) يوم 2003/7/16 وأعلنه للناس على منبر جامع أم القرى في 2003/7/18. وعقد تجمعا فألقى فيه خطابا سياسيا في تجمع هذه الهيئة ببغداد وعبرت الهيئة عن موقفها من تشكيل مجلس الحكم الانتقالي الذي كونته قوة الاحتلال بتقسيم الشعب العراقي إلى طوائف، وهو ما قام به الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر بتاريخ 2003/7/13 ثم وقع حله في 2004/7/13 وانتقل إلى جامعة الدول العربية لمقابلة عمر موسى الأمين العام يرأس وفدا من العلماء وشخصيات من خارج الهيئة، وحذر من التغلغل الإيراني في العراق وأطلق الشيخ حارث الضاري لاءاته الخمسة:
لا للاحتلال، لا للعملية السياسية، لا للدستور القائم على المحاصصة الطائفية، لا لتقسيم العراق، لا لتغييب هوية العراق العربية الإسلامية، واعتبر الحزب الإسلامي العراقي أن هذه تشدد ومغالاة من الشيخ لأن هذا الحزب قبل هذه العملية السياسية والتعامل مع الاحتلال.
صدرت مذكرة حكومية باعتقال الشيخ حارث الضاري وهو الأمين العام للهيئة في 17 نوفمبر 2006 وتراجعت عنها بسبب ما قام من مظاهرات واحتجاجات شعبية.
وقام النظام الإيراني وإدارة الاحتلال الأمريكي بتفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء، في 22 فيفري 2006 لإشعال نار الحرب الطائفية والحرب الأهلية في عهد حكومة إبراهيم الجعفري، وحمل الشيخ مسؤولية هذا التفجير حكومة إبراهيم الجعفري واعترف الجنرال جورج جيسي رئيس قيادة الأركان المشركة الأمريكية في العراق بذلك.
وأصبح الشيخ حارث الضاري يلقب بشيخ المقاومة العراقية وكانت حكومة نور المالكي متضايقة جدا من مقاومة الشيخ وحاول أن يكفه عن هذه المقاومة وأن يستوعبه عدة مرات ولكنه فشل في ذلك. إنه المقاوم الجريئ الذي يدافع عن أمته ووطنه، كما فعل جده محمود في مقاومته للانجليز في ثورة العشرين العراقية.
وقد زارنا في الجزائر في مقر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وقلنا له إننا منكم وإليكم ومعكم للدفاع عن الأمة أمة العراق التي هي أمتنا.
إنه ضد الطائفية والعرقية ويرى وجوب انسحاب الجيش الأمريكي من العراق وانتقل إلى رحمة الله في فجر يوم الخميس 12مارس 2015 عما يقارب أربعا وسبعين عاما إثر مرض السرطان العضال، وعانى منه ما عانى صابرا محتسبا.
توفي في مستشفى استنابول وصليت عليه صلاة الجنازة في جامع السلطان محمد الفاتح بمدينة استنابول.
ثم نقل جثمانه إلى عمان فسار الآلاف في جنازته_ وصلوا عليه في جامع الحسين الكبير بعمان ودفن الجمعة 13 مارس 2015 بمقبرة سحاب بعمار الأردن ورثاه شاعر العراق الكبير عبد الرزاق عبد الواحد ومما قال:
عزيز إن تروح أبا مثنى   وتصبح كالغريب اليوم عنا

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com