شهادة الحِيازة وإثبات الملكية في المصرف الاسلامي
الشيخ نــور الدين رزيق/
ليست الغاية من هذه المقالة المساس بتجربة المصارف الإسلامية، ولكنها من قبيل التوجيه والإرشاد والنصح، وأساس ذلك قول الله تبارك وتعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُون} ([آل عمران: 104] ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (رواه مسلم)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» (رواه مسلم).
وتأسيساً على ذلك فإن المقصد الأساسى من طرحنا لهذا الموضوع هو توضيح أنواع عقود البيوع وبيان المنهي عنه شرعاً لتجنب الباطل منه حتى يطبق شرع الله عز وجل بدون تحريف، ومن جهة أخرى بيان مدى ليونة وتطور الفقه الإسلامي في باب المعاملات، مسايرة لواقع الناس دون تعد وتخط للحدود الشرعية المرسومة، وكما يقول العلامة عبد الحميد بن باديس عليه رحمة الله عن هذه الوضعية: «نتجدد ولا نتبدد».
ونأمل أن يهتم القائمون على أمر المصارف الإسلامية بالضوابط الشرعية والإرشادات والنصائح، كما يجب عليهم التدقيق والمراجعة وندعو الله أن نكون جميعاً من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، خاصة في معاملة كثر حولها الأخذ و الرد وهي:
عندما يَحُوز المصرف الاسلامي على السيارة أو البضاعة بشهادة حِيازة يصدرها له البائع (وكالة بيع السيارات مثلا) ويطلب البنك بعد ذلك من المشتري دفع القسط الأول من المبلغ الاجمالي لثمن بيع السيارة، هذه الصيغة غير معنية بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) رواه الترمذي (1232) والنسائي (4613) وأبو داود (3503) وابن ماجه (2187) وأحمد (14887). وصححه الألباني في «إرواء الغليل» (1292) لأنه حاز البضاعة بمعنى انتقلت الملكية الى البنك.
واستند المالكية ومن وافقهم من العلماء بإقرار التملك بالحيازة ووضع اليد لمدة معلومة إلى جملة من الأحاديث منها ما أخرجه أبو داود والترمذي بسند صحيح من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له»، ولما رواه البخاري من حديث عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها». وقضى بذلك عمر في خلافته، ولما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحاط حائطاً على أرض فهي له»، وصححه ابن الجارود.