شعاع

آفاق كبيرة لعمـل إصلاحي متميــز

يكتبه: حسن خليفة/

 

أحببتُ أن أجعل هذه الكلمة من شعاع ، هذا الأسبوع ، حول آفاق كبيرة وهامة ، بل ورائعة ترفد العمل الدعوي/الإصلاحي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، في كثير من الشعب الولائية ،إن لم أقل في كل الشعب الولائية، ومعها الشعب البلدية والفروع .
وأعني بالآفاق هنا المجالات التي يمكن «اقتحامها» والعمل فيها ، مما هو متوفر ومتاح في ساحاتنا الوطنية، في مختلف المجالات ، وحتى نكون أكثرتدقيقا وأقرب إلى التصور العملي، دعنا نستعرض هذه الأمور:
1- لقد سبق أن أشرنا في مرات متعددة إلى أهمية التعاون في مجالات العمل الدعوي ـ الثقافي ـ الخيري، مما تقوم به الجمعية ، مع شركاء آخرين سواء في ذلك القطاع الرسمي ، أو القطاع الأهلي(الشعبي) : جمعيات، هيئات ، مؤسسات إلى آخره. وحرصا منّا جميعا، أبناء الجمعية وغيرهم، على تعزيز منسوب التعاون والتآزر، أشرنا إلى أهمية الزيارات (للتعارف والتقارب، ومن بعده يأتي التعاون)…لعدد من الهيئات /المديريات : كالشؤون الدينية والأوقاف، التربية، الثقافة، الشباب والرياضة، التكوين المهني ، الحرف والصناعات التقليدية، التضامن، الإعلام والاتصال ..إلخ .
2ـ في كل من تلك الهيئات والمديريات ثمة جانب يمكن التعاون فيه بين جمعية العلماء وتلك الهيئة (المديرية)، وسنفصل في ذلك بعد قليل .
3ـ يحقق ذلك التقارب المفضي إلى التعاون المثمر بعدا مهمّا وكبيرا في مجال الصلاح والإصلاح ، وإذا كان الصلاح يعني (في مفهومه ):
الحصول على حالة مستقيمة نافعة؛ فإن «الإصلاح «يعني: جعل الشيء على تلك الحالة (المستقيمة) أكبر وقت ممكن، والإصلاح ضد الإفساد والصلاح ضد الفساد، فكلما كان هناك فساد وإفساد وجب أن يكون هناك صلاح وإصلاح، وهذا واجب العلماء والمصلحين والدعاة والأساتذة والخبراء والمفكرين، وكل فرد ـ أو مجموعة ـ من أبناء المجتمع تهيأ لها أن تكون في مقام الصلاح ، وجب أن ينتقل صلاحها إلى عمل واجتهاد ليتحول إلى «إصلاح» يجفف منابع الفساد، ويحاصر مصادر الشـرّ والرذيلة ، ويعمق منظومة القيم والفضائل في المجتمع.
4ـ ولو استعرضنا بعضا من تلك الآفاق لوجدنا أنه في إمكان علماء وصلحاء ودعاة الجمعية، بل أبناء الجمعية وبناتها على إجمال يمكن أن يجدوا في ذلك التعاون ما يعينهم على تعميق حقيقــة ما يسعون إليه ومن أجله، بعد رضوان الله تعالى، وهو تهيئة المجتمع للصلاح والاستقامة والخير.
من ذلك مثلا :
أـ مع الشؤون الدينية والأوقاف : يمكن العمل بجد واجتهاد ، يدا بيد، على رفع التحديات المتعلقة بالخطاب الديني، والعمل على جعله (الخطاب الديني ـ الدعوي) مؤثرا وفعّالا ومثمرا، ولذلك عشرات من الأوجه والصيّغ، نذكر منها: الأيام العلمية، القوافل الدعوية، إحياء المناسبات الدينية والوطنية على نحو خاص ومميز، المسابقات والمنافسات بكل أنواعها، الدورات التكوينية ، محو الأميةومنها محو الأمية الدينية ؛ حيث يجهل مجتمعنا في معظمه مباديء الدين وأسسه ويجهل الكثير من العلوم الشرعية التي لا يقوم الإيمان إلا بها وعليها .
فلو صدقت النيات وتداعت الإرادات لكان التعاون مع هذا القطاع (الديني الحضاري ) وحده كفيلا بتحقيق أفضل وأجمل النتائج في التعريف بالدين وتعاليمه وأركانه، وحمل الناس بحبّ ومودّة ورفق، على أن يكونوا أقربَ إلى دينهم وأكثر التزاما بتعاليمه وفضائله لتحقيق السعادة في الدارين معا .وهذا ليس أمرا صعبا ولا شاقّا ، بل هو ميسّر، يكفي فيه التقاء الإرادات من الطرفين الجمعية وإدارات الشؤون الدينية وبسط الحديث واقتراح برنامج سنوي ….مع استعراض للإكراهات الكبرى، والقضايا التي تحتاج إلى اهتمام أكبر من غيرها.
ب ـ ومثل ذلك يمكن أن يقوم في مجال التربية ؛ حيث تحتاج المنظومة إلى تضافر الجهود لتجاوز المشكلات الكثيرة المؤرقة في المنظومة، فتتعاون الهيئة الرسمية ممثلة في مديريات التربية مع الجمعية (في شعبها ) في مجالات التكوين، والتأطير، وبحث الصيغ الأكثر ملاءمة لطبيعة التعليم في كل طور من أطواره (من التحضيري ـ إلى الثانوي) كما تتعاون أيضا في مجال ما يسمّى دروس الدعم، أو التعليم التكميلي، ولا ريب أن هناك صيغا كثيرة متنوعة في هذا المجال، يمكن بنقاش موضوعي جاد أن نصل إلى صيغ تعاون وتآزر. ولعليّ أضربُ هنا مثلا بسيطا ؛حيث تم التعاون بين الجمعية وبين عدد من مديري المؤسسات التربوية، قبل مدة، وتمثل هذا التعاون في لقاء نقاشي تكويني في مجال التأهيل، وطُرح موضوع مهم جدا هو «المدير القائد «أو كيف تكون مديرا قائــدا، وبعد جلسات تبيّن للجميع أن هناك امكانيات كبيرة في التعاون بين الجمعية، من خلال أطرها وكوادرها ومنهجها في التكوين وبين قطاع المنظومة التربوية بما يحمل فائض قيمة للجانبين، مدارسة ومناقشة وتكوينا وتدريبا..وأمثال هذه الصيغ كثيرة تحتاج الى إرادة حقيقية ، أبسط مثال على ذلك : هو تهيئة تلاميذ الامتحانات (الرابعة ـ والبكالوريا ) نفسيا ويبداغوجيا فالجمعية لديها تجاريب مهمة في هذا المجال حققت ثمرات طيبات، وأيضا محاربة الانحراف والإدمان والمخدّرات وغيرها؛ حيث يمكن للجمعية بزيارات مؤطرة للمؤسسات التربوية أن تقدم ما يجب للتلاميذ والتلمــيذات، وسيصبّ ذلك في الصالح العام الذي هو صالح أبنائنا وبناتنا .
ج ـ المجال الآخر، والذي لا يقل ّ أهمية ،هـو مجال التكوين خاصة بالنسبة للبنات والنساء عموما، فإن الجمعية لديها رصيد مهم في هذا المجال التكويني، حيث تخرّج مئات من المتخرجات (اللائي يخضعن للتكوين لمدة تصل الى سبعة أشهر) في مجالات كثيرة، مما له علاقة بالمهن النسائية (خياطة ، طرز، تفصيل، طبخ، حلويات، حلاقة، تصنيع الملابس، وغير هذا كثير من التكوينات)…وتحتاج الجمعية في هذا المجال إلى شهادات معترف بها من طرف المصالح المختصة (التكوين المهني ـ غرفة الصناعات التقليدية..) فلو أن الشعب الولائية اجتهدت جميعا في هذا المجال وتعاونتْ مع الجهات المعنية لحققت أهدافا طيبة، تعين من تم تكوينهنّ على الحصول على شهادات يستطعن بها ممارسة النشاط المناسب لهن ، بضمانة جهة مختصة ومعترف بها..وهذا والحمد لله متحقق في كثير من الولايات ويسير، في شكل تعاون رائع ومثمرومفيد .
د ـ كما يمكن التعاون مع مديرية التضامن والنشاط الاجتماعي من دعم النساء والفتيات المتكوّنات الحاصلات على دبلوم في مجال الاهتمام والاختصاص (في الجمعية ) …الحصول على دعم متعدد ومتنوّع الأشكال كالحصول على «ماكينات خياطة» أو آلات لها علاقة بمجال الطبخ والحلويات ، أو حتى قروض ميسّرة (دون فائدة) من بعض الوكالات التي تدعم الأنشطة الحرّة للسيدات والفتيات، خاصة من ليس لهنّ عائل كالأرامل واليتيمات الخ .وأتحدث هنا عن أمر لمسته بنفسي في زيارات إلى عدد من الهيئات : كالتكوين المهني، غرفة الصناعات التقليدية، محور الأمية، التضامن والنشاط الاجتماعي..
والواقع أن الناقص في المسألة كلها هو انخراط الإخوة ـ وحتى الأخوات ـ في هذا المجال التعاوني، والتقرّب من الهيئات المختصة ، كل في مجاله ، لتحقيق منسوب أعلى وأجمل في مجال إصلاح المجتمع .. وللحديث بقية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com