من أعمــــال الأستاذ الصادق ســلام
أ د. عمار طالبي/
كتب أولا مقدمة الدرة الفاخرة للإمام أبي حامد الغزالي، وقد ترجم هذه الدرة مستشرق ألماني وهو ليسيان جوتيه، وهو جزء من بحث قدمه إلى كلية الفلسفة بجامعة لايبزيج Leipzig لنيل درجة الدكتوراه في سنة 1877، نقل الكتاب من اللسان العربي إلى اللغة الفرنسية ونشرته دار هيريتاج Heritage éditions وهو مختص في اللغات السامية، وطبعه قبل هذا في جنيف عام 1878، وهو من مواليد كولوني Cologny قرب جنيف في 17 أوت 1850، مسيحي بروتستانتي، درس في جنيف الدراسات القديمة كما بدأ دراساته في اللاهوت في خريف 1909، وما يتصل بالآخرة، وهو أمر يتعلق بالغيب، وردت نصوص قرآنية كثيرة في هذا الشأن، وخاصة في السور المكية والسنة الصحيحة، ورسالة الدرة الفاخرة صحت نسبتها إليه بلا شك، اعتمد المترجم على عدة نسخ مخطوطة.
ويذكر الصادق سلام أن الغزالي ألف هذه الدرة في آخر أيامه، وأنه في كتابه ميزان العمل في الأخلاق أشار إلى سعادة الآخرة، وأن الغزالي أشار أيضا في هذا الكتاب الذي ألفه قبل كتاب إحياء علوم الدين إلى كتاب أرسطو في الأخلاق إلى نيقوماخيا L’ethique à Nicomaque وأن البحث في هذا لا يمكن أن يصل صاحبه إلى إثبات الحكم الأخير يوم القيامة، بل إن ذلك مستحيل، كما أشار الأستاذ صادق سلام إلى ما قام به المستشرق كرا دو ڤو Carra de vaux من تحليل لكتاب إحياء علوم الدين الذي قدمه في المؤتمر العلمي الدولي للكاثوليك سنة 1989، ويرى الصادق سلام إعادة طبع هذه الرسالة وترجمتها إلى القارئ الفرنكفوني فهي نص مهم في أن تجعل كاملة في برنامج تربوي إسلامي مسلمو فرنسا في حاجة ماسة إليها.
وغيرت هذه الطبعة اسم محمد صلى الله عليه وسلم من Mohamed إلى Muhammad، وانتقد مزاعم المترجم في تأثير الديانة اليهودية في عمل الغزالي، هذا وأنه عمل متسرع في هذه المقارنة، وكان يظنه فيلسوفا بكتابه مقاصد الفلاسفة، الذي ظن الأروبيون أنه في فلسفته الخاصة، مع أنه يستعرض فيه الفلسفة اليونانية كما قرأها لدى الفارابي وابن سينا.
وقد أحسن في اختياره لإعادة نشرها ليفيد منها القارئ الذي لا يحسن العربية في بلاد الغرب.
ومن أهم ما يشتغل به اليوم، وقبل اليوم أعمال الإمام الغزالي وخاصة كتاب إحياء علوم الدين:
Vérification des sciences religieuses.
حلل هذا الكتاب الأستاذ c.h.Bousquet وتقديم الأستاذ الصادق سلام نشر Héritage éditions.
وقد اهتم بهذا الكتاب المصلحون في عصر النهضة أمثال محمد عبده، ورشيد رضا، والمصلح الكبير الشيخ شهاب الدين مرجاني (1818-1889) حيث أعاد طبعه ليستعين به فيحركته الإصلاحية فيما كان يسمى تركيا الروس Turquie de Russie في ذلك العهد، ثم جاء كما يذكر الصادق سلام في مقدمته سعيد أفندي في عهد السلطان عبد الحميد الثاني حينما أراد أن يؤلف كتابا في الأخلاق Adab Al-Akhlak فاعتمد على كتاب إحياء علوم الدين واستلهمه في تأليف رسالته في الأخلاق وعنوانها:
Al-Akhlak al hamide.
وقد ترجمت من اللغة التركية قام بالترجمة السيد ديكورديمنش Decourdemanche ونشرت الترجمة في الثمانينات، في مجلة تاريخ الأديان وأعيد نشرها
éditions Bachari في سنة 2004 مع تقديم الأستاذ صادق سلام، كما ذكر أن عالما من علماء القرويين، وهو زاجيلي من القرن الرابع عشر أنه كتب رسالة في أخلاق الزواج، ونشرت ترجمة هذه الرسالة إلى الفرنسية مع مقدمة الصادق سلام في طبعة بوراق: Bouraq سنة 1996 اعتمد فيها على فصول من كتاب إحياء علوم الدين للغزالي ويذكر أن جماعة التبليغ التي أسست في الهند عام 1927 من قبل الشيخ إلياس من مريدي الطريقة التشتية Techtyia وكان مرجعه كتاب الإحياء، وهم أصحاب الخروج في سبيل الله، وخاصة الفرع الفرنسي من التبليغ مطبقين للكتاب الرابع منه، وهو وجوب تعليم الإسلام في المناطق الريفية.
وقد قام حيدر بامات (1890-1965) المسلم المقيم بباريس الذي كان يهتم بحركة التجديد التي تأثرت بالشيخ شهاب الدين مرجاني، قام بنشر كتابه
«Visages de l’Islam» وذكر فيه أهمية مؤلفات الغزالي وخاصة كتاب إحياء علوم الدين Rénovation des sciences religieuses
فهو خاطب فيه الناس المتوسطي الثقافة من جمهور المسلمين ولم يكن موجها للمثقفين والفلاسفة والمتكلمين فقط، وقد نشر هذا الكتاب بالجزائر إثر قيام نجم الدين مامات بمحاضرة في جامعة الجزائر في السبعينات، ونقل أقوال المستشرقين في الثناء على الغزالي، كما أن حكمت هاشم عني بالدراسات الغزالية الذي جعل في رسالته الثانية لنيل الدكتوراه، بحث فلسفة الأخلاق عند الغزالي، وترجم كتاب ميزان العمل للغزالي إلى الفرنسية، وقدم له ماسينيون Massignon ونشر سنة 1944 كما أعيد نشره سنة 2017 مع تقديم تحليلي، قام به صادق سلام كما قام Louis Gardet بترجمة نص غير معروف للغزالي عنوانه: «qu’est-ce-que l’homme» وذلك سنة 1944 في مجلةIBLA بتونس كما ألفCarra de vaux عن الأخلاق لدى الغزالي: morale de Ghazali.
وبهذا النص الذي نشره لوي غاردي فند أفكارل المستشرقين وأثبت وجود «إنسانية في الإسلام».
وكان زكي مبارك ناقش رسالته عن الأخلاق عند الغزالي تحت إشراف ماسينيون، وفي العهد ذاته كان محمد حمودة بن ساعي يُعدّ رسالة عن «الضمير الخلقي لدى الغزالي» وكان مالك بن نبي يصف ابن ساعي بأنه أستاذه وهو متأثر بابن باديس، وضمن الإصلاح الذي يسميه مالك بن نبي: الإصلاح الكارتيزياني Islah Cartésien كما أن الأستاذ سلام قدم لكتاب الغزالي «الرد الجميل لإلهية عيسى بصريح الإنجيل» الذي ترجمه إلى الفرنسية فارس الشدياق (بيروت 1937) فأعاد نشره راديو العالم العربي باريس 1989.
كما أنه كتب مقدمة أخرى لترجمة جزئية من كتاب إحياء علوم الدين وهو «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» الذي ترجمه ليون برشيه Léon Bercher وأعيد طبعه بمساعدة عبد الله بن منصور في Créadefسنة 1994.
وفي السنين الأخيرة عني Lyess Chacal بالدراسات الغزالية، وطبع كتابا عنوانه: المسلم المثالي حسب الإمام الغزالي L’idéal musulman selon Ghazali.
طبع البراق سنة 2001 وبدراسات أخرى (المرجع السابق ص9).