وراء الأحداث

المخزن وغواية الاستثمار في الخيانة والعار !

أ. عبد الحميد عبدوس/

تتلاحق زيارات وفود المحتل الإسرائيلي إلى المغرب بوتيرة ملفتة تدل على مدى عمالة نظام المخزن المغربي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ومدى تمسكه بتمتين تحالفه العسكري والأمني مع العدو الصهيوني.

ففي 19جويليه 2022 زار رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال لفيف كوخافي، المغرب على رأس وفد أمني والتقى بالوزير المغربي المنتدب المكلف بالدفاع، والمفتش العام للقوات المسلحة الملكية، ورئيس شعبة المخابرات المغربية.
وفي شهر جوان الماضي (2022) زارت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أيليت شاكيد المغرب وصرحت أن «إسرائيل تؤكد دعمها لسيادة المغرب على إقليم الصحراء» ، كما أعلنت عن توقيع اتفاقية يتم بموجبها جلب اليد العاملة المغربية للعمل في دولة الاحتلال، أي المساهمة في بناء المستوطنات الصهيونية فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة بيد عاملة مغربية، وفي شهر أوت من العام الماضي (2021) زار رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي ووزير الخارجية آنذاك يائير لابيد المغرب وهدد الجزائر من داخل أراضي المغرب، حيث قال خلال مؤتمر صحفي:« نحن نتشارك بعض القلق بشأن دور دولة الجزائر في المنطقة». في شهر نوفمبر 2021 زار وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس المغرب، ووقع اتفاقية عسكرية بمئات الملايين من الدولارات تشمل التبادل المعلوماتي والاستخباري وإقامة قواعد عسكرية للتصنت والاستعلامات والتنسيق وتبادل المعلومات، وتسهيل حصول المغرب على المعدات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وبيعه رادارات ومنظومات دفاعية ضد الحوامات من إنتاج سكاي- لوك. بالإضافة إلى ذلك، جرت بلورة مشروع لتحسين طائرات أف 5 القديمة التابعة لسلاح الجو المغربي. ولم يكن اقتناء نظام المخزن لهذه الترسانة العسكرية الإسرائيلية موجها لاستعداد النظام المغربي لتحرير أراضيه المحتلة في سبتة ومليلية من طرف إسبانيا، بل إن نظام المخزن حول قواته الأمنية إلى كلاب حراسة لمنع المهاجرين الأفارقة من دخول المستعمرات الإسبانية، ووظف قدراته العسكرية للسيطرة وقمع الشعب الصحراوي المكافح، ومازال المغرب يصوب نواياه العدوانية تجاه جارته الجزائر، ولذلك سأل مدير المديرية العامة لمراقبة الأراضي المغربية، وزير الأمن الإسرائيلي عما إذا كان بإمكان إسرائيل استخدام أقمارها الصناعية لتقديم معلومات استخبارية عن الجزائر. حتى أن رئيس الهيئة الشعبية العربية لمناهضة التطبيع، أحمد خليفة، اعتبر زيارة وزير الحرب الصهيوني للمغرب التي تستهدف بالدرجة الأولى الجزائر بمثابة «ضربة جديدة للأمن القومي العربي».
في عام 2014، اشترى المغرب ثلاث طائرات من دون طيار من إنتاج الصناعة الجوية الإسرائيلية، وهذه الطائرة من دون طيار قادرة على البقاء في الجو 45 ساعة، والتحليق على علو 35 ألف قدم، وبعكس المسيّرات غير المزوّدة بالسلاح، المعدة لجمع المعلومات الاستخباراتية والرصد أو الهجوم، ثم العودة إلى قواعدها، فإن مسيّرة هاروب تعتبر سلاحاً متجولاً أو مسيّرة انتحارية. ونجاح المسيّرة في مهمتها معناه تدمير الهدف وتدميرها هي أيضاً، وإذا لم يحدث ذلك، فتعود إلى قواعدها. وفي إطار التعاون العسكري بين نظام المخزن ودولة الاحتلال الإسرائيلي تم التوقيع على اتفاقية تؤسس لإنتاج الأسلحة والطائرات بدون طيار (الدرون) على الأراضي المغربية.
وفي شهر أفريل الماضي (2022) أقدم نظام المخزن على اغتيال 03 سائقين من الجزائر وموريتانا على مقربة من الحدود الموريتانية – الصحراوية بواسطة سلاح يعتقد أنه «درون « من صنع الصهاينة . وقد أدان في حينها بيان وزارة الخارجية الجزائرية ما اعتبرته «عمليات الاغتيال الموجهة باستعمال أسلحة حربية متطورة من قبل المملكة المغربية، خارج حدودها المعترف بها دولياً، ضد مدنيين أبرياء رعايا ثلاث دول في المنطقة». كما اشترى نظام المخزن من إسرائيل نظام التجسس المسمى «بيغاسوس»، وفي شهر جويلية من العام الماضي (2021) ذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسيّة أن تحقيقا لمنظمتي «فوربيدن ستوريز» و «العفو الدولية»، أظهر أن آلافا من أرقام الهواتف الجزائرية، يعود بعضها إلى مسؤولين سياسيين وعسكريين كبار تم التجسس عليها من قبل المغرب بواسطة نظام بيغاسوس . وعبرت الجزائر عن قلقها العميق «من قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربيّة، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى بيغاسوس ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين».
غير أن عمالة نظام المخزن المغربي لدولة الاحتلال الإسرائيلي وخيانة القضية الفلسطينية لم تبدأ بعد تاريخ توقيع اتفاقية التطبيع في ديسمبر 2020، ولكنها تمتد إلى أبعد من ذلك، فبمناسبة زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي للمغرب كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية طبيعة العلاقة القديمة والمتجذرة بين مملكة المخزن المغربي ودولة الاحتلال الصهيوني فكتبت: «لإسرائيل والمغرب تاريخ طويل من التعاون الأمني والاستخباراتي، إذ شغل الموساد مكتباً له في الرباط، وبعد حرب 1967 باعت إسرائيل المغرب فائض السلاح الذي كان لدى جيشها من إنتاج فرنسي، في الأساس دبابات ومدافع، كما زار مستشارون عسكريون المغرب لمساعدته ضد «جبهة البوليساريو» التي كانت تحارب من أجل استقلال الصحراء الغربية». وفي أكتوبر 2016 كشف الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال شلومو غازيت أن إسرائيل حصلت بفضل تواطؤ الملك المغربي الراحل الحسن الثاني على تسجيلات القمة العربية الخاصة التي عقدت في المغرب عام 1965 لبحث جاهزية العرب لمحاربة إسرائيل. وأكد الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن هذه التسجيلات كان لها فضل كبير في أن كشفت لإسرائيل «عدم وجود جاهزية عربية حقيقية للحرب معها، كما ساعدتنا على كيفية تحقيق الانتصار على مصر من خلال اكتشافنا أن الجيش المصري في حالة ترهل وليس مستعدا لخوض الحرب».
وإذا كان المسؤولون في نظام المخزن المغربي قد باعوا شرفهم للمحتل الصهيوني وخانوا قضية أمتهم العربية والإسلامية بطعن الفلسطينيين، حتى وصل الأمر بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) إلى حد تشكيل مجموعة صداقة نيابية بين المغرب ودولة الاحتلال الإسرائيلي، بعد أيام قليلة فقط من الحادثة المأساوية التي هزت العالم، وتمثلت في مقتل الصحافية الفلسطينية من قناة «الجزيرة» شيرين أبو عاقلة، فإن العديد من المغاربة الشرفاء ما زالوا يعتبرون قضية فلسطين قضيتهم القومية والإسلامية المقدسة ويدافعون عنها بكل الوسائل المتاحة ويعبرون عن رفضهم للتطبيع واستمرار نضالهم ضد الخيانة فقد احتج عدد من النشطاء والمواطنين المغاربة أمام البرلمان المغربي على زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، واعتبروا حلوله بأرض المغرب «جريمة تطبيعية جديدة ضد الشعب المغربي والفلسطيني وشعوب الأمة». كما وصفوا الاستقبال الرسمي للجنرال الصهيوني في المغرب بمثابة «شراكة معه في دماء الشهداء الأطفال في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة الذي شهد ارتقاء 4 طفلات مغربيات شهيدات قبل عام فقط في العدوان الصهيوني خلال رمضان 2021، بما يجعل السلطات المغربية في موقع خذلان وتفريط في دماء مغربية بريئة، وفي موقع مهين وشنيع قانونيا وأخلاقيا وسياسيا».

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com