شعاع

في أهمية المكان (المقرات) لتحقيق أهداف الجمعية وإطلاق المناشط الدائمة والمنتظمة

يكتبه: حسن خليفة/

 

أحببتُ إثارة هذا الموضوع في هذه المساحة القصيرة لشعاع هذا الأسبوع، وكلّي أمل أن نتجه ـ جميعا ـ إلى تحقيق هذا الهدف النبيل الكبير الراشد وهو الاهتمام والحرص على توفير مقرات مناسبة لشُعب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في كل مكان، سواء تعلق الأمر بالشعب الولائية، وذلك أولى وأدعى لـلسعي والاجتهاد واستفراغ الوسع، أو في الشُعب البلدية والفروع.
والمقرّ ـ المكان ـ هو المنطلق الذي تنطلق منه كل الأنشطة، ومن خلاله تُطلق البرامج والخطط التشغيلية، وكل الأعمال والمناشط التي تريد الشعبة أن تقدمها على طريق النهوض العلمي والتربوي والديني والحضاري ..للمجتمع والأمة، إنما يتم من خلال وجود مقرّ وسيع مناسب متعدد الاستعمالات، مستوعب للأنشطة والفعاليات .
ومـع اجتهاد وجهاد وانتظام وعمل دائب لتلك الشعب، يمكن تقديم أعمال كبيرة نافعة مهمة.
وأذكرفي هذا السياق عددا من الشعب الولائية التي وفقهـا الله تعالى إلى توفير مقرات مناسبة، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر، فهناك شعب: سطيف، باتنة، سكيكدة ، البرج ، قالمة، تلمسان ..الخ .
هذه الشُعب تمتلك مقرّات مهيـأة ومناسبة، وواسعة، وقد كان ذلك شُغلا شاغلا لهيئاتها (المكتب الولائي ـ الشعبة الولائية ) لأن رؤيتها وتصوّرها للعمل الدعوي الثقافي الإصلاحي ، وقبل ذلك تصوّرها لطبيعة العمل في الجمعية ينبني على أن المقرّ ضرورة من الضرورات لعمل جادّ ومثمر.
ومن دون المقرّ يصعب إدارة شؤون الشعبة، ويتعذر ـ بشكل أكبرـ إقامة الأنشطة والبرامج والفعاليات الضرورية للتعريف بالجمعية وتقديم النفع العام للمجتمع في أي مجال من المجالات؛ فدون مكان يجتمع فيه الناس، وتقام فيه المحاضرات والندوات وسائر الأنشطة يكون من الصعب تصوّر الانطلاق وتحقيق الفعالية.
وفي كل الأحوال أضرب هنا مثلين بمقرّين:
ـ الأول سطيف: فشعبة سطيف، من خلال مقرّها الولائي في حيّ دالاس، أو من خلال مركز الشهاب وهو الأبرز والأنشط…كان لها دور محوري في كثير من المناشط التي يتابعها الإخوة والأخوات وأنصار الجمعية ومحبوها وقد كتب في ذلك أساتذة وكتّاب حتى من خارج الجمعية وشهدوا للشعبـة بالفعالية والاجتهاد والانتظام والتألق.
ويمكن القول إنه بوجود مقرّ في مستوى مركز الشهاب بطوابقه الثلاثة، وبقاعاته الفسيحة (وبالأخص قاعة المحاضرات الكبرى)، والقاعات الأخرى الرديفة، والمكتبة … أمكن تنظيم تلك الحُزَمُ من الأنشطة النوعية المتنوعة (ثقافة ـ أدب ـ فكرـ فقه ـ تربية وتعليم ـ لغات ـ ورشات ـ تكوينات ـ محو أمية ـ تحفيظ القرآن ـ أمسيات قرآنية ـ احتفائيات الخ ) خاصة وأن هندسة فكرية نوعية كانت وراء توزيع تلك الأنشطة على مدار اليوم والأسبوع والشهر.
ويمكن الإقرار أنه بالرغم من بُعد المكان (مركز الشهاب) عن وسط المدينة فإن ديناميكية كبيرة منتظمة حققت التعريف بالمكان واجتذبت إليه مختلف الفئات العمرية من الجنسين للاشتغال المنظم المنتظم.
هذا ويقوم مقرّ الشعبة نفسه بدور لا بأس به في مجالات تسيير شؤون الشعبة (إداريا وتنظيميا) علما أن الشعبة الولائية في سطيف تضم أكثر من أربعين شعبة بلدية وفرعا، كما تحوز على نحو 140 ناديا ومدرسة، بعشرات المربيات والمعلمات في التحضيري والتمهيدي والتعليم القرآني.
ـ الثاني تلمسان : التي تمتلك شعبتها مقرّا (تاريخيا) فسيحا رائعا، بقاعاته، ومكتبته، وفضاءاته، وهو ما ساعد وسيساعد أكثر في إطلاق الكثير من الفعاليات المختلفة (الثقافية ، الاعلامية ، التنظيمية، التكوينية…) وهو المطلوب في كل الأحوال من الإخوة في هذه الشعبة وفي كل الشعب.
وهنا ملحوظات أسوقها من خلال معاينتي الشخصية، فـخلال زياراتي إلى العديد من الولايات لاحظت اهتمام بعض الشعب بمسألة المقرّات على نحو جدّي واضح فعّال، وسجلتُ ملاحظات إيجابية في كل من باتنة التي كانت في مقرّ وسيع ومناسب،كان يستوعب الأنشطة المختلفة من الاجتماعات إلى التكوين والتدريس، واللقاءات الجهوية الخ .وقد انتقلت الشعبة إلى مقرّ جديد جيد ووسيع أيضا( حي ّ كموني) ، وهو قادر على استيعاب الأنشطة المختلفة وتقديم المنافع في كثير من المجالات للناس، وتعزيز النواحي الإدارية والتنظيمية في تسيير الشعبة .
ونفس الملاحظة عن شعبة سكيكدة التي يسّر الله لها عددا من المقرات، ومنها مقرّ مستقل للجنة الإغاثة. وقد أفادت من ذلك بتحريك النشاط وتحسين الأداء وتقوية الحركية في مختلف المجالات، كما هو مشهود فيما يُنشر عن فعالياتها الدائمة. وقد عبّر لي عن ذلك الإخوة المشرفون على الشعبة نفسها …مـا يجعل المقرّ ـ كما سبقت الإشارة ـ حجر الأساس والانطلاق في عمل منتظم ذي فعالية ومردود مثمر في آجال قريبة، بحول الله وقوته .
وتجب الإشارة هنا إلى أن مسألة المقر(وأهميته) ينبغي أن تُدرس من أكثر من جانب:
1ـ إمكان الحصول على مقرّ مناسب من جهة إدارية (السلطات المحلية)، خاصة بمعرفة المقرات الشاغرة في الولاية (عاصمة الولاية)، ومقتضى الأمر هنا أن تكون الرؤية التي تسير بها الشعبة واضحة المعالم ؛ حيث تجعل من «التعاون» مبدأ من مباديء العمل والنشاط في تلك الجهة، وهذا يقتضي التعارف وزيارة الهيئات الرسمية ـ الإدارية وغيرها ـ في الولاية (المنطقة)، والحمد لله سمعة الجمعية طيبة وناصعة البياض.
2 ـ بالاجتهاد في الحصول على مقرّ بدعم ومساعدة أهل الإحسان والفضل والخير يكون في شكل هبة أو غيرها، وهذا متحقق في الواقع، والعروض من أهل الخير والصلاح قائمة دائما، والخير في الأمة لا ينتهي.
3 ـ باستئجار مقرّ مناسب متكامل، بسعر مدروس، يكون على سبيل الاستغلال والاستثمار، وهذا مما تشير إليه قوانين الجمعية.
4 ـ باستئجار مقرّ على أن يكون في شكل مؤسسة عاملة (مدرسة ـ معهد ـ فضاء متنوع النشاط) أي يحقق بعض المداخيل التي تسمح بدفع قيمة الاستئجار، وتغطية المصاريف الأخرى (كهرباء، ماء، أجور العاملين، ومصاريف أخرى…)
5 ـ قد تكون هناك صيّغ أخرى لتحقيق هذا الهدف الكريم الكبير (الحصول على مقرّـ أو أكثر) وبالطبع مقتضى الحال السعي والاجتهاد مع بذل الوسع، ويسبق ذلك وجود «رؤية» واضحة في مجال العمل ، واستيعاب كلّي لأهداف وغايات الجمعية.
وأخيرا قد يقول قائل: هناك شعب تملك مقّرات ولكنها «نائمة» ولا تعمل …وهذا حديث آخر قد نثيره في المستقبل. وبالفعل فإن المقرّ وحده لا يكفي ولكنه ضروري لمن يملكون الرؤية، والعزم والإرادة، والهمّة. نسأل الله السداد والإخلاص في القول والعمل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com