حاجتنا إلى إصلاح المصلح
أ. لخضر لقدي/
ما يجري في عالمنا الإسلامي أوقع صدمة عنيفة في عقل المسلم ووجدانه,فهو يلاحظ علماء يحدثونه عن حرمة الظلم والإضرار بالغير، ثمّ ينقلب هؤلاء على أعقابهم فيسكتون عما يحدث لإخوانهم المسلمين في فلسطين وفي الهند والصين وفي بعض بلدان أوروبا.
وما يحدث من انحراف ومن تحريف وتزوير لحقائق الدين وبيناته.
والأجدر والأولى بهولاء صون قدسية الدين عن أشكال الاستخدام والاستغلال الذي يسيء لِلْعَالِمِ أولا وللدين ثانيا.
والمؤسسة الدينية أسرة ومسجد ومدرسة وزاوية وجمعية,ومؤسسة رسمية وأخرى أهلية.
ومن الظلم البين تحميلها ما لا طاقة لها به، فقد كيد لها منذ عهد اللورد كرومر البريطاني الذي وضع مع غيره مخطط سياسة القضاء على مقومات العالم الإسلامي.
وجرى تنفيذ الخطة لجعل المؤسسة الدينية -تعليما وثقافة وتوجيهها وإعلاما – مميعة مقيدة مسلسلة، محصورة في النطاق التجميلي الذي لا يبني فردا ولا ينشىء أمة ولا يعيد مجدا.
والمطلوب من المؤسسة الدينية بجميع فروعها نشر تعاليم الدين الإسلامي وصقل مقومات الشخصية الإسلامية، والدفاع عن الحريات الشخصية والجماعية، وتحقيق الأمان والطمأنينة والاستقرار للأوطان، ورسم حدود فِعل الفرد في مجتمعه بما تسن له من واجبات,وتكفل له من حقوق.
وليس مجال الحديث الآن عن الأسرة والمسجد والمدرسة والزاوية والجمعية، فهي مازالت على ما يعتريها من نقص,وما يشوبها من خلط صمام أمان ومركز إشعاع، ومن الخطإ القول هَلَكَ النَّاسُ.
وإنّما الحديث عن المؤسسة التي تتولى التوجيه العام والفتوى، والاجتهاد في النوازل وما يلم بالمسلمين، فهي مدعوة للحفاظ على الدين وحفظ ماء الوجه، والتمتع بالصدقية التي تشد الناس إليها، وتقنعهم بالأخذ باجتهاداتها، وبالتالي سد الطريق أمام المتطرفين والمفرطين على حد سواء.
والدين وحي السماء لا يجوز العبث به ولا بيعه ولا استخدامه منصة للقنص ولا للانتقاص.
وعليها أن تبتعد على فتاوى الصراع السياسي، وأن تسمو إلى روح الأخوة الإسلامية، وأن لا يكون الدين تبعا للهوى، وإرضاء لرغبات ومصالح جهات معينة.
وأن تطرد من صفوفها العناصر السيئة والمهزوزة والمتواطئة والمتخلّفة والفاسدة والغامضة والجاهلة والعميلة وما شاكلها.
فهؤلاء يسيئون لأنفسهم ولتاريخهم بل ولتاريخ العلماء أجمعين.
وإصلاح المؤسسة الدينية والغيرة عليها يجب أن يكون محل اهتمام جميع من يحب الخير لدينه ووطنه.
وبغير هذا فالخوف من انتظار طوفان يتحدث فيه الخيرون فلا يوجد من يسمع لهم.