عملية عفرين: هل من تحولات جدية في الوضع السوري؟/ عبد القادر قلاتي
بدخول تركيا عسكرياً في منطقة عفرين السورية، تكون القضية السورية، قد بدأت تدخل في سياق سياسي جديدة، يعيد الكثير من الحسابات التي تبدو وكأنها محسومة على أرض الواقع، خصوصاً وأنَّ النِّظام السوري -بعد أن سلَّم مفاتيح القيادة للإدارة الروسية، وتخلص من كلّ التبعات السياسية والقومية (باعتباره حامي حمى القومية العربية الموهومة)- أصبح مرتاحاً لما آلت إليه الأوضاع في سوريا، فقد اقتنع حتى من كان مع الثورة أن الخروج على النّظام ضرب من الخيال والمغامرة المكلفة جداً.
لا شك أنَّ هذه العملية ستطرح خيارات جديدة، وقد تدفع المنطقة إلى جملة من التحولات السياسية الخطيرة، التي نأمل من خلالها الوصول للنهاية المرجوة من ثورة عادلة قادها الشعب السوري من منطلق التغيير، دون النظر لأيّ حسابات أخرى، لكن النِّظام السوري وتحالفاته المشبوهة مع الدول الكبرى (روسيا والصين وإيران)، حوَّل البلاد إلى ساحة من الحرب المفتوحة.
لا تبدو لعملية عفرين أي فاعلية في تغيير الوضع على الارض السورية، فتركيا بقيادة الزعيم طيب رجب اردوغان، تقول أن “مهمتها لا تستهدف الأكراد في سوريا، بل عناصر حزبيْ العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي والمليشيات التابعة له، وأنها ستتم بمشاركة فصائل من الجيش السوري الحر، حيث أكدت كل من “فرقة السلطان مراد” و”جيش النصر”، و”الجبهة الشامية” استعدادها للمشاركة في هذه المعركة”.
وتنضوي هذه المجموعات ضمن فصائل “درع الفرات” المدعومة من تركيا، وتعتبر هدفها من خوض معركة عفرين هو استرداد القرى العربية التي تسيطر عليها مليشيات الحماية الكردية الانفصالية وحماية الأراضي السورية منها، واسترداد حقوق الشعب السوري المسلوبة من النِّظام وغيره.
لكن هل من تحولات فعلية قريبة تعيد للذاكرة السورية شيئاً من الأمل ومعاودة الارتباط بفكرة الثورة؟ قد تكون الاجابة سابقة لأوانها، فالنتائج لا تظهر الان والجيش التركي يقوم بمهمته في تطهير المنطقة من مسلحين يحملون ايدولوجية مغلقة، يدافعون بها عن مطالب مستحيلة في ظلّ الأوضاع الحالية، ويخدمون -بقصد أو بدون قصد- النّظام السوري المعادي لأبسط القيم الإنسانية وفي مقدمها حقوقهم في سوريا كأقلية تطالب بها -أي بحقوقها السياسية واللغوية – منذ سنوات طويلة.