تلزم الفتاة بعد البلوغ بالصلاة واللباس الشرعي، فور تحقق البلوغ
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulama.fatwa@gmail.com/
الســــــــــــؤال
قالت السائلة: بنتي في سن البلوغ، وهي تصلي وتترك، وتلبس كما كانت قبل البلوغ السروال، دون أن تلبس فوقه معطفا، ولا عباءة، فأمرتها بالحرص على إقامة الصلاة، ولبس الثياب الساترة، فقال لي والِدُهَا مازالت صغيرة ربيها شيئا فشيئا، حتى تقتنع!! وسؤالي: متى تُلزم الفتاة باللباس الشرعي، والمحافظة على الصلاة.؟ أم نتركها حتى تقتنع؟
الجـــــــــــواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: أن الإنسان ذكرا كان أو أنثى إذا بلغ الحلم، ومعنى أن يبلغ الطفل الحلم، أن يصير الابن رجلا، وذلك عندما تظهر عليه علامات البلوغ، وعندما تصير البنت امرأة عندما تظهر عليها علامات البلوغ، وذلك معروف. وغالبا ما يكون سن البلوغ للأنثى مابين سن:10 إلى:15. وغالبا ما يكون سن بلوغ الذكر مابين 13 إلى 15سنة.
والبُلوغ: في اللغة: الوصول، وفي لغة الشرع: انتهاء حد الصغر في الإنسان ليحكم عليه بالتكاليف الشرعية، وحينها يلزم وجوبا بكل التكاليف، والغلامُ يصير بالغاً بالاحتلام أو الإنزال، أو 15 سنة. والجاريةُ تصير بالغة بالاحتلام أو الحيض، فإن لم يوجد فحين يتم لهما خمسَ عشرة سنةً، أقصى حد، قال القرطبي: {قال الأوزاعي والشافعي وابن حنبل: خمس عشرة سنة بلوغ لمن لم يحتلم. وهو قول ابن وهب وأصبغ وعبد الملك بن الماجشون وعمر بن عبد العزيز وجماعة من أهل المدينة، واختاره ابن العربي. وتجب الحدود والفرائض عندهم على من بلغ هذا السن} (القرطبي:5/35) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قالت السائلة: {متى تُلْزَمُ الفتاة باللباس الشرعي، والمحافظة على الصلاة} لقد علمت مما سبق أن الفتاة إذا بلغت سن البلوغ، إذا ظهر عليها الحيض، أو بلغت السن الخامس عشرة. سيكون حكمها حكم المرأة المكلفة، ويصير واجبا عليها القيام بكل الواجبات التي أمر الله تعالى بها، ومما أمر الله تعالى به: الصلاة، لايسمح للفتى البالغ، والفتاة البالغة، بترك وقت من أوقات الصلاة أبدا. ومما أمر الله تعالى به، وكلف به النساء، اللباس الشرعي الخاص بالمرأة. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (الأحزاب:59) وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ (النور:31)
والرجل مكلف بأن يلبس لبسة الرجال، لما يكون كافيا لستر العورة، وتمام صورة الهيبة الرجولية، وعلامة التواضع والوقار. والمرأة مكلفة بستر جميع البدن، ما عدا الوجه والكفين. ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ والذي يظهر بالضرورة، في واقع المعاملات والحياة المعيشية هي الوجه واليدان. واللباس المشروع هو لباس التقوى. قال الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (الأعراف:26) ويحرم على الرجل أن يلبس لباس النساء للتشبه بهن، كما يحرم على المرأة، (وعلمتم أن البنت بعد سن البلوغ هي امرأة بكل المعنى الاصطلاحي لغة وتكليفا) يحرم عليا أن تلبس لباس الذكور، كالسراويل، دون أن ترتدي ثوبا فضفاضا فوقه. بمعنى يجوز للمرأة لبس السروال، البانطلون، إذا كان تحت الثياب لايظهر، أي تحت الجلباب. ففي الحديث. عن أبي هريرة، قال:[لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ] (أبو داود:4098) وجبت اللعنة على المترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زيهم وهيأتهم. وعن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ] (أبوداود:4097) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائلة: (فقال لي والِدُهَا مازالت صغيرة ربيها شيئا فشيئا، حتى تقتنع،!!) لَمَّا أمرت ابنتها باللباس الشرعي بعد البلوغ، وألزمتها بإقامة الصلاة، قال والد الفتاة: اتركيها حتى تقتنع!! والجواب هو أن اعتراضه خطأ، وقوله: (حتى تقتنع) غلط في غلط. قال الله تعالى وهو يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام ومعه كل المؤمنين: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (سورة هود: 112) لوتُرِك الناس حتى يقتنعوا، لظلوا على أهوائهم، ولكن الله أمر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، بأن يأمروا الناس بما شرع الله، وأن يحكموا بينهم بما أنزل الله تعالى. وأن لايتركوهم لأهوائهم. قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (سورة الجاثية:18) فلا يجوز للفتاة بعد البلوغ ترك الصلاة، ولا يجوز لها لبس السروال كالرجال، إلا ماكان تحت الجلباب، وعليها باللباس الشرعي. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.