فكرة بنك القرض الحسن
الشيخ نــور الدين رزيق /
كان ابو الدرداء كثير الاقراض و قليل الصدقة، فهو المؤسس الاول لفكرة بنك القرض الحسن، وعمدته في ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة. (رواه ابن ماجه، ص 347، والحديث صححه الشيخ الألباني)
فأنت أيها المسلم إذا أسلفت رجلاً سلفاً، إذا أعطيته مالاً ديناً -مثلاً- 10.000دج فكأنك تصدقت 5000دج سترجع إليك، فلو أسلفتها لرجل مرة أخرى له أو لغيره، كان لك أيضاً أجر نصفها صدقة، فصار لك أجر المال كله صدقة لك والمال سيرجع إليك، وهذا يبين فضل إقراض الناس وفك أزمة المحتاجين بالإقراض.
ثم ان القرض الحسن أفضل للفقير من تقديم مساعدة له، كما أنه يساعده على العمل والإنتاج ليصبح عنصراً منتجاً وفاعلاً في المجتمع بدلاً من أن يظل مستهلكاً ومنفقاً فقط.
قال الشوكاني رحمه الله:
«وَفِي فَضِيلَةِ الْقَرْضِ: أَحَادِيثُ وَعُمُومِيَّاتُ الْأَدِلَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْحَدِيثِيَّةِ، الْقَاضِيَةِ بِفَضْلِ الْمُعَاوَنَةِ، وَقَضَاءِ حَاجَةِ الْمُسْلِمِ، وَتَفْرِيجِ كُرْبَتِهِ، وَسَدِّ فَاقَتِهِ: شَامِلَةٌ لَهُ.
ان إقراض المسلمين باب من أبواب القربات العظيمة، ولو أدرك أصحاب المال هذا الفضل لسارعوا إلى إقراض الغير، فهو باب لتفريج الكرب، وباب للتيسير على المُعسرين، وباب لعون العبد، فيُجهز المسلم بهذا العمل زادًا لتفريج الكرب في الدنيا ويوم القيامة؛ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّرَ على مُعسرٍ في الدُّنيا يسَّرَ اللَّهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ، ومن سَترَ على مُسلمٍ في الدُّنيا سترَ اللَّهُ علَيهِ في الدُّنيا والآخرةِ، واللَّهُ في عونِ العَبدِ، ما كانَ العَبدُ في عونِ أخيهِ» (الترمذي)، والإقراض باب للثراء السريع في الدنيا والآخرة، فلو أقرضَ شخصاً مبلغ مائة دج لمدة شهر فكأنه تصدق بمبلغ ثلاثة الاف دج، ولو أمهل وأنظر المعسر شهرًا آخر فكأنه تصدق بمبلغ تسعة آلاف دج، ففي الشهر الأول ثلاثة وفي الشهر الثاني ستة! الله أكبر، فالله ذو الفضل العظيم، ولذا فمَن توافرت له فرصة إقراض الغير فليغتنم الفرصة بإحسان وحسْن خُلُق، ولنعلم أننا أشد حاجة للأجر ممَّن في حاجة للمال، وكلنا فقراء لله تعالى.