حوار

حوار مع رئيسة جمعية: ” نور للمرأة والأسرة والطفل بالجزائر العاصمة”

حاورتها: أمال السائحي/

 

إن العمل الخيّر هو الرابطة بين المؤسسات والمجتمع بأسره .. كلنا يعلم بأن المجتمع وكل أجزاء الوطن بحاجة إلى المؤسسات والجمعيات التي ترعى كل الفئات المحتاجة، وتقوم على تأمين احتياجاتها، وتقدم لها خدماتها، وتدرس مشكلاتها، وتقدم لها المعونات المادية والمعنوية. إن للعمل الخيري للمرأة المعاصرة مكانة عظيمة وأي مكانة، وذلك أن أمتنا قد حملت على عاتقها مسؤولية أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها، قال تعالى في محكم تنزيله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب/ 73. واليوم تستضيف جريدة البصائر الأسبوعية لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، السيدة دليلة حسين، رئيسة جمعية: “نور للمرأة والأسرة والطفل” لنتعرف عن قرب عّما تقدمه هذه الجمعية من نشاطات تربوية للمجتمع ككل..

 

هل لك سيدتي أن تعرفي قراء البصائر على جمعية نور للمرأة والأسرة والطفل؟ وكيف بدأت النواة الأولى وكيف كانت الانطلاقة؟
-في أول الأمر بدأت معلمة قرآن في المدارس الخاصة والمساجد أنا وصديقتي، لتلتحق بنا نساء أغلبهن جامعيات أستاذات ومتعلمات، انخرطنا في العمل الجمعوي كخطوة لتجسيد ما تعلمنا من دروس القرآن ..
لم نستطع أن نحقق أهدافنا التي كنا اتفقنا عليها، فقررنا أن ننشئ جمعيتنا بأهداف نراها ضرورية حتى نصل إلى ما نصبو إليه، فكانت جمعية نور للمرأة والأسرة والطفل.
ماذا عن نشاطكم في جمعية نور للمرأة والأسرة والطفل؟
-نشاطنا في الجمعية يمس القضايا الحساسة للمرأة كيف تعيش عصرها وكيف تحافظ على دينها وموروثها الثقافي، وتكون قوية وفعالة، تحافظ على كيانها وكيفية اختيار شريك حياتها، وكيفية تربية أبنائها على القيم، منتجة، تحقق التوازن الإيجابي في المجتمع..
حتى يتربى الطفل وينشأ في محاضن نقية مع أولياء أسوياء، بلا عنف ولا عقد ويكبر على قيم مثلى ويعيش طفولة نقية صافية، يتعلم وينجز، وتنفتح أمامه الآفاق لمستقبل زاهر..
أنشطتنا أيضا تخص الأسرة اللبنة الأساسية لبناء مجتمع مستقر ومتماسك…
نعتمد في كل ذلك على برامج متخصصة ومشاريع واعدة، أيضا نقدم دورات، ندوات، محاضرات، لمختلف الشرائح، معارض خاصة بالأسرة المنتجة (برنامج كفاف) خرجات علمية وترفيهية للأطفال والشباب، أعمال خيرية وحملات تطوعية مناسباتية وقارة، نواد، تأهيل زواجي، بحوث ودراسات، وكذلك مشاركات إعلامية، حتى تكون الفائدة أعم.
ماذا عن أبرز التحديات التي تواجه المرأة الجزائرية خاصة والمرأة العربية بصفة عامة؟
-التحديات التي تواجهنا كثيرة وممكن إجمالها في بعض النقاط، النظرة الدونية للمرأة ومعاملتها التي لا تقدر مكانتها التي رفعها إليها الإسلام، فهي مهما بلغت من درجات التعليم تبقى دائما خائفة وتعيش على الهامش، مهما كانت متميزة تتحرج من صورة تؤخذ لها، أو فيديو يصور لها لتنشر علما أو فائدة وتعتبر ظهورها عورة وشيئا غير لائق، مع العلم أن كل المؤثرات اللاتي ظهرن كان للصورة الأثر الأكبر في جعلهن يصنعن محتوى مهما كان رديئا وهداما ويصلن إلى أعداد مهولة من المتابعات والمتابعين..
العقليات البالية المتوارثة في أسرة تجعل الزوجة تابعة ليس فقط لزوجها بل لكل أفراد عائلة زوجها فيحد ذلك من فعاليتها، وإن قاومت تتأذى بشكل كبير.
تفشي ظاهرة العنف الذي يجعل منها ومن الطفل فريسة سهلة، لزوج أو أخ أو أب يعطيه المجتمع كل الصلاحيات ليطغى، والمطلوب منها دائما أن تسكت وتصبر لتحافظ على أسرة مهددة، أو تكون ابنة مطيعة أو أختا تحت السيطرة..
العنف الذي أصبح يهدد كيان الكثيرات ويصل حتى إلى القتل ولا رادع…
تحديات أخرى اقتصادية خاصة للمطلقات والأرامل اللاتي يكون أزواجهن محدودي الدخل أو يعانين الإهمال الأسري، تحديات بخصوص الثقافة التي بدأت ملامحها تتفسخ في عالم الانفتاح على الآخر والتكنولوجيا التي أصبحت تهدد كل جميل ورثناه، وكان سببا في تكوين الشخصية الجزائرية المسلمة، وإعطاء الامتداد والبعد التاريخي…
تحديات كبرى، ومسؤولية أكبر، في إعادة الاعتبار للمرأة ودورها الذي هو منوط بها، وحدها تستطيع أن تواجه التحدي من أجل استقرار الأسرة وبالتالي استقرار وازدهار المجتمع.
هل تقوم المرأة المسلمة بدورها الاجتماعي في تنمية المجتمع كما يجب؟
-للأسف الشديد تخلت الأسرة عن دورها الأساسي فقد ضيعت ملامحها وباتت تبحث عن الحياة الرغدة السهلة، وتخلت عن مسؤوليتها، وراحت تزاحم الرجل في مسؤولياته، فأضافت أعباء إلى أعبائها، وتركت للرجل ــ إن لم يكن بطالاــ فقط الوظيفة، وتحملت عبئ التسوق، وتصليح ومتابعة الأشغال بالمنزل والصيانة، ومتابعة الأطفال في الدراسة والمراجعة لهم، زيادة على ما يتطلبه المطبخ والبيت من تنظيف وتدبير، أخذت كل الأعباء، ولم ترحم نفسها، ومن بعد ذلك تشكو من عدم تحمل الزوج مسؤولياته..
وظهر جليا عدم التوازن، حتى أصبح الشاب يبحث عن امرأة “ترفده” لديها منصب محترم وبيت وسيارة ليتزوجها، حتى وإن كان لا تعليم لا حرفة ولا بيت ولا سيارة له، انقلبت الموازين وأصبح الأمر في غاية الخطورة.
إن المتداول عبر منصات شبكات التواصل عن حركة الفيمينيست يشهد على أنها تمتهن التغرير بالشباب من كلى الجنسين، فما دوركم فيما يتعلق بحماية هذه الفئة؟
-دورنا أن نعيد الأمور إلى نصابها تكون المرأة مع مواكبتها لكل ما هو مفيد وضروري للعصر تحافظ على مكانتها ودورها الحقيقي في مجتمعها المسلم البعيد عن التفسخ والتغريب، نعتمد في ذلك كل الوسائل المتاحة من برامج ومشاريع وكلمة طيبة ونشر الوعي ونستعين بالمتخصصين في الجوانب الشرعية، الاجتماعية، القانونية، النفسية وحتى الصحية والاقتصادية والثقافية على العموم نربطها بتاريخها وأصولها ونطلق لها العنان في الانتفاع بكل جديد مع الحفاظ على القيم السامية.
دورنا مهم ويتطلب جهدا وتفانيا في العمل وإخلاصا وإرادة فولاذية، فسرعة التحولات لا ترحم وكل تأخير فيه خطر وخيم، علينا أيضا أن نعمل على أن تتضافر الجهود لهذه الغاية النبيلة، التي أصبحت مستعصية على ذلك، فاللهم يسرا وتسهيلا من عندك.
الكثيرات منكن ربات بيوت فكيف استطعتن أن توازنّ بين نشاطكن في الجمعية وبيوتكن؟؟
-الحمد لله إدراكنا لخطورة الوضع، جعلنا نرتب عملنا الجمعوي كأولوية أولى نعتبر أنفسنا في استنفار، ديننا وبلدنا يحتاجنا ونعلم تماما أن هذا جهاد ولا يمكن أن نولي الأدبار.
لا بد من الزحف في الاتجاه المعاكس للزوابع والأعاصير التي تضرب وجودنا وتهدد كينونتنا، فبناء الأمة يحتاج منا تضحيات جساما، ولا يجوز أن نتخلى عن مسؤوليتنا.
هل لديكم بصمة في منع الشباب من امتطاء البواخر للذهاب إلى أوروبا؟
-بخصوص الهجرة على قوارب الموت، فإنّنا نتصدى لها بكل ما نستطيع، هناك حالات خاصة لنساء يلجأن إلينا لثني أبنائهن عن امتطاء هذه القوارب المميتة فنحاول ثنيهم ونبذل ما نستطيع….
هناك برامج للشباب لإعادة ربطهم بهويتهم وحب بلدهم وخدمته…هناك إرادة حقيقية، لكنها تبقى محاولات بسيطة تحتاج منا إلى مجهودات أكبر، وطرق مبتكرة، ووسائل مادية، وطاقات بشرية، وبرامج علمية متخصصة، والله ولي التوفيق.
هل لجمعيتكم اهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة؟
-نعم نهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، التوحد، متلازمة داون، المكفوفين، الإعاقة الحركية حسب ما نستطيع دائما نسعى للخير.
هل المرأة في جمعية نور للمرأة والأسرة والطفل قارئة لأسبوعية البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين؟
-نعم نقرأها.
هل لجمعيتكم اهتمام بالمرأة الريفية؟ وما هي النشاطات الموجهة لترقيتها؟
-عندنا مشروع تربية النحل، العسل ومشتقاته، نشجع المرأة الريفية على تربية الدواجن، الأرانب، تحقيق الاكتفاء الذاتي في زراعة الخضروات.
من تسميتكم لجمعيتكم نفهم أنكم تولون الطفل اهتماما خاصا فما هي نشاطاتكم الموجهة له؟
-نهتم بالطفل لأنه المستقبل، ولأنه الحلقة الأضعف، أنشأنا خلايا إصغاء لنستمع لمعاناة المرأة والطفل وعادة ما يكونان عرضة للعنف، نريد طفولة آمنة لهذا أنشأنا نادي الطفل، نعلمه فيه القرآن، القيم، والأخلاق الحميدة، ونعتمد على ذلك طرق حديثة مبتكرة في إطار جميل ومربية متخصصة.
هل لجمعيتكم اهتمام بالأطفال ضحايا التسرب المدرسي؟ وما هي البدائل التي تقدمونها لهم لتجاوز تعثرهم ذلك؟
-بخصوص ضحايا التسرب المدرسي نحاول أن نوعيهم بخطورة ما أقدموا عليه، لنتمكن من إقناعهم بالعودة إلى المقاعد الدراسية، أو مواصلة الدراسة بالمراسلة وإن تعذر إدماجهم في التكوين للحصول على مهنة أو التمكن من حرفة تؤمن لهم حياة كريمة..
تبقى تطلعاتنا كبيرة …نصبو إلى تغيير الرداءة وهذا منا جهد المقل، لكنه كل ما نملك والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com