شعبة عين ولمان بولاية سطيف تنظم الملتقى الوطني التاسع:”القطاع الثالث في الجزائر – تحديات وتطلعات”
تغطية: ياســيـــن مبروكـــــي/
يُعد القطاع الثالث – الجمعيات، المنظمات غير الحكومية غير الربحية، المؤسسات الخيرية والوقفية ومؤسسات المجتمع المدني – قوة اقتصادية واجتماعية أساسية وشريكا فعّالا ومُكمّلا ومساندا للقطاعين الأول والثاني – العام والخاص – يعمل على سدّ ثغراتهما، يعالج قصورها وتقصيرهما، يتحمّل معها أعباء البناء والتنمية والحفاظ على المكاسب الوطنية، ويستوعب كثيرا من ألوان البرّ، الخير، الفردية والجماعية بذلا ومصبًّا، قائما على الأعمال والبرامج التطوعية- العلمية، الثقافية والاجتماعية– ويُنظّمها ويُوجّهها الوجهة السديدة، كما أن له آثاره الإيجابية على النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتربوي والفكري، ويُقَوّي عُمَد الإصلاح، وأساس السير في اتّجاه هذا المسعى؛ توفّر أجواء حراك علمي استراتيجي راشد على الآماد القصيرة والمتوسطة والبعيدة، لأنه يمتلك كل فرص ومقومات النجاح حاضرا ومستقبلا، كما أثبت نجاعته ماضيا من خلال التطوع، التبرع، الزكاة والأوقاف. والفرصة اليوم سانحة لاستعادة هذا القطاع مكانته اللائقة به، وأن يُفعّل دور مؤسساته العلمية والخيرية والانتقال بها إلى الاحترافية لتتمكن من استثمار عوامل قوّتها النظرية والمادية والبشرية، وتفعيل كلّ عناصر النجاح كالتشريعات والإمكانيات البشرية والمادية المتاحة، والتي بمقدورها تحسين صورة الجزائر محليا وجهويا ودوليا، خاصة في ظل القوة المعنوية الجامعة المستفادة من ديننا، والباعثة على التضحيات لأجل وثبة حضارية منشودة، والدافعة لتطوير الوسائل بما يحقق مقاصد الدولة بجملة قطاعاتها. إن السعي الدؤوب للعمل بالمفهوم الواسع للقطاع الثالث يتطلب الحزم والعزم والجدية في العمل وفق استراتيجية مؤسسية كصناعة إسلامية راسخة لتقديم خدمات شاملة وواعية تفوق التصورات والتوقعات، كما كان في العصور الزاهرة للحضارة الإسلامية، حيث كان القطاع الخيري هو القطاع الأول أو الثاني سواء من حيث حضوره الواقعي الذي تجلى في حجم رأسماله وأعماله وشراكته التنموية وتحريكه لرأس المال الفكري والاجتماعي والقيام ببرامج التنمية الشاملة المختلفة والمتنوعة، وتلبية جميع الاحتياجات والرغبات الإنسانية والاجتماعية الأساسية من تعليم، صحة، ثقافة، رعاية دينية قيمية وتربوية ومهنية وبيئية وإعلامية وتكنولوجية أم من غيره من أوجه العناية بمفردات هذا القطاع.
نظمت يوم السبت 05 ذو القعدة 1443 هجرية الموافق ل 04 جوان 2022 شعبة بلدية عين ولمان بولاية سطيف بالمركز الثقافي مفدي زكرياء فعاليات الطبعة التاسعة للملتقى الوطني الذي تمّ تسطير القطاع الثالث في الجزائر “تحديات وتطلعات” عنواناً له، بمشاركة أساتذة متخصصين في المجال وبحضور أعضاء من المكتب الوطني السادة طارق بن الشين رئيس لجنة الشؤون القانونية، والأستاذ نور الدين رزيق أمين مال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والدكتور فاروق الصايم رئيس لجنة التربية ونائبه الأستاذ السعيد بن بريكة والأستاذ موسى باأحمد رئيس لجنة التنظيم والدكتور حسن خليفة عضو المكتب الوطني مراقب الغرب، وسجل الملتقى حضور الرئيس الشرفي لشعبة ولاية سطيف الشيخ أحمد ظريف وبعض رؤساء الشعب الولائية والبلدية القادمين من مختلف ولايات الوطن.
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية للسيّد رئيس بلدية عين ولمان الذي رحب بضيوف مدينة عين ولمان مشيدًا بدور المكتب البلدي لشعبة جمعية العلماء واستمراريتها في تنظيم هذا الملتقى للمرة التاسعة، متحدثا عن جملة من المبادئ والآليات التي تخص القطاع الثالث ودوره في النظام المجتمعي المنظم والهادف، وفي كلمته بالمناسبة قال رئيس شعبة ولاية سطيف الشيخ موسى ميلي أن هذا الحدث يُعد واحدًا من أهم الأنشطة التي تعرف بها المنطقة وتقليداً راسخاً حافظ القائمون عليه وعلى تطويره وتحسينه وإشراك الفاعلين والمختصين من كلّ الجهات وفي مختلف المجالات في تثبيته وتطبيق مخرجاته وتوصياته، وفي موضوع الملتقى قال: بأنّ القطاع الثالث “القطاع الخيري” يلعب دوراً هاماً في الاقتصاديات المعاصرة مستدلاً بدراسة أجريت في أمريكا أنّ القطاع الثالث ساهم بأكثر من 09 بالمئة من الناتج الاجمالي المحلي حيث صرفت مداخيل هذا القطاع على قطاعات اقتصادية واجتماعية ممّا جعل الخبراء والاقتصاديين والباحثين يهتمون بهذا القطاع لتحقيق التنمية المستدامة مشيراً إلى أنّ للقطاع الثالث أهمية كبيرة في مجال الخدمة الاجتماعية فمؤسسات المجتمع المدني تتمتع بأهمية لا يستهان بها في ظلّ تحديات المرحلة الراهنة، وعلى مستويات عديدة خاصة ما تعلّق بتقديم الخدمات الاجتماعية للشباب وإدماجهم في العملية التنموية لإنجاحها.
ونيابة عن الشيخ عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الموجود حالياً خارج الوطن، حيث قدم الأستاذ طارق بن الشين عضو المكتب الوطني كلمة ترحيبية بالمناسبة مؤكداً فيها على دور جمعية العلماء المسلمين في هذا المجال -محور الملتقى – والأهداف التي تعمل من أجل الوصول إليها حيث تصب في مجملها في خانة العمل الخيري والتطوعي والإنساني، مبرزاً أهمّ المحطات العملية للجمعية في هذا الميدان المكمل للقطاع الحكومي والقطاع الخاص، وأُحيلت الكلمة للسيّد مدير الشؤون الدينية بولاية سطيف الأستاذ سليم لرقم الذي قال: بأنّ الجهود متواصلة وحثيثة من أجل دعم وحث أفراد المجتمع على الانخراط في هذا القطاع وفق الضوابط القانونية وباستشارة أهل المجال مع ضرورة وضع الخطط الاستراتيجية والتشغيلية التي تساهم في وضع الفريق على السكة ودوام النشاط حتى ولو رحل مؤسسوه.
وترأس الجلسة العلمية الأولى رئيس الملتقى الدكتور عبد الفتاح داودي الذي طرح إشكالية الملتقى التي تمحورت حول مفهوم القطاع الثالث في الجزائر، وما هي مسوليته الاجتماعية، وما هي تحدياته وآفاقه؟ مقترحا جملة من المحاور التي تصب في معالجة الموضوع وهي على النحو التالي: الأسس الفكرية والثقافية لفعالية القطاع الثالث
– حقيقة القطاع الثالث وموقعه في قطاعات التغيير والإصلاح
– لرصد التاريخي للقطاع الثالث، عرض التجارب وتقويمها
– الألهمية الاستراتيجية للقطاع الثالث، القطاع الثالث ودوره في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالجزائر.
– القطاع الثالث والمسؤولية الفردية والاجتماعية
– وقع القطاع الثالث في الجزائر (عرض وتقييم)
+ التحديات والعقبات التي تعترض مسيرة القطاع الثالث في الجزائر
– مأسسة العمل التطوعي والخيري
– الآفاق المستقبلية للنهوض بالقطاع الثالث في الجزائر
– عرض تجارب عملية رائدة.
وتوالت المداخلات للأساتذة في الجلسة الأولى بداية مع الدكتور عمار جيدل -جامعة الجزائر – بمداخلة بعنوان الأسس القيمية والحضارية للقطاع الثالث، ثمّ الدكتور حسن خليفة -جامعة قسنطينة – بمحاضرة بعنوان: الجيل الخامس في العمل التطوعي الخيري، ليقدم الأستاذ نور الدين رزيق عرضا حول تجربة لجنة الاغاثة في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وفي المداخلة الرابعة قدم الدكتور فريد بن يحي -خبير اقتصادي – استراتيجية صناعة الأفكار والابتكار في القطاع الثالث والرابع، ليختتم الدكتور بدر الدين زواقة -جامعة باتنة – الجلسة الأولى بمحاضرة عنوانها العمل التطوعي والقطاع الثالث رؤية مؤسسية.
وفي الجلسة الثانية التي شملت عروضا منتقاة لتجارب ناجحة في المجال تطرق الدكتور نور الدين قيدوم -جامعة باتنة – إلى دور مراكز الفكر في العالم في صناعة السياسات العامة “ماذا عن الجزائر”، ثمّ عرضة تجربة مركز الشهاب للبحوث والدراسات من طرف رئيسه الدكتور علي حليتيم، وتمّ عرض تجربة كافل اليتيم ببريكة من طرف رئيسها الأستاذ عبد القادر بغدادي، وعرفت الجلسة عرضا لنشاط لجنة الاغاثة في شعبة ولاية سطيف قدمه الأستاذ بلقيدوم.
وخلص الملتقى في الأخير إلى جملة من التوصيات ذات الأهمية التي تصب في تفعيل القطاع الثالث والدور المنتظر منه في سبيل خدمة المجتمع والإنسانية، وشكر في الختام رئيس الملتقى الحضور والضيوف على أمل اللقاء في الطبعة العاشرة في ملتقى عين ولمان الوطني.
التوصيـــــــات – تثمين البحث في موضوع القطاع الثالث والعمل من خلال ورشات تكوينية تعزز البحث والاجتهاد في هذا الموضوع مستقبلا في العديد من الشعب الولائية. – التنسيق بين مختلف الجمعيات الجادة الناشطة في حقل العمل الخيري. – نشر ثقافة الخير والعمل الخيري بكل الوسائل الممكنة. – الدعوة إلى اعتماد طرق وصيغ مبتكرة في مجال العمل الخيري وبناء برامج تساعد على تفعيل دور المجتمع المدني. – دعوة الهيئات الرسمية للتفاعل الإيجابي مع الهيئات العاملة في المجال الخيري والاجتماعي. – الحرص على التمكين للقيم الباعثة على الانخراط في الحيز العام في كل مؤسسات صناعة الوعي. |