مؤسســة عبــد الرحمــن شيبـــان للتربيـــة والتعليــــم ببرج بو عريريج
منارة الاقتداء في مسار مشروع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
تقرير: عبد القادر قلاتي –ياسين مبروكي
تصوير: عبد الغني بلاش
تحقيقا لرؤيتها الإعلامية وتجسيداً لرسالتها في توثيق جهود شُعب جمعية العلماء المسلمين عبر التراب الوطني، وإبرازاً لهذه الجهود المتميّزة والمتعددة، تواصل هيئة التحرير في جريدة البصائر عملها بالتواصل مع جميع شعب الجمعية لتحقيق هذه الأهداف وتوثيقها ونشرها على اوسع نطاق لابراز الجهود المبذولة وتعميمها لتكون رافداً حقيقاً وواقعياً تستند إليه كلّ الشُعب في تكريس معنى القدوة في العمل الإسلامي الراشد والمحتسب، تجسيد لقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[فصلت33] ومن هنا كان اختيارنا لشعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ولاية برج بوعريريج، لقناعتنا بدورها الرائد في خدمة أهداف ومشروع جمعية العلماء في ظلّ التحديات التي تمر بها بلادنا.
كان الانطلاق من العاصمة من المقر الرئيسي والتوجه نحو ولاية البرج، حيث كان في استقبالنا فضيلة الشيخ التهامي بن ساعد رئيس الشعبة ومدير مدرستها الخاصة (عبد الرحمن شيبان)، الذي رحّب بنا أجمل ترحيب إلى جانب الطاقم الإداري والتربوي الذي تداعى للترحيب بنا وتقديم المعلومات والإجابة عن جملة الأسئلة التي حملناها للقائمين على هذا الصرح الرائد والمبشر بغد مشرق لجزائر الأصالة والتقدم، حيث التربية والتعليم هما المفتاح الحقيقي لولوج هذا الغد المنشود.
بعد جلسة الترحيب والاستقبال قام الشيخ التهامي بن ساعد بتقديم ملخص شامل لمسار مشروع المدرسة النموذجية، حيث توقف عند فكرة المشروع والعراقيل التي كانت تقف أمامهم إلى أن أصبح واقعاً ملموساً ومجسداً على أرض الواقع، وكان الافتتاح كما ذكر الأستاذ بن ساعد يوم الأحد 29 جمادى الآخر 1441هـ الموافق لـ 23 فيفري 2019، حيث حضر مراسيم الافتتاح رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الدكتور عبد الرزاق قسوم، ورئيس شعبة الجمعية الأستاذ التهامي بن ساعد، ووالي ولاية البرج، والدكتور عمار طالبي، نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والأستاذ الهادي الحسني، والشيخ محمد مكركب، وثلة من المشايخ والدكاترة، إلى جانب أسرة الشيخ عبد الرحمن شيبان، وأعضاء من المكتب الوطني: الأستاذة اعتدال دبابش، رئيسة لجنة المرأة والأسرة، والأستاذ محرز بن عيسى رئيس لجنة الشباب والطلبة، وغيرهم، كما حضرت الهيئات الرسمية والمدنية والأمنية والعسكرية لولاية البرج.
وقد وصف الشيخ قسوم -يومها – هذه المدرسة بأنهَّا: “وسام يُعلّق على جبين القائمين بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين لهذه الولاية”، داعياً شعب الجمعية إلى الاقتداء بهذا النّموذج ليشمل الولايات الأخرى، ولتكون مدرسة جمعية العلماء المسلمين المنهج التعليمي والتربوي الذي لابد أن يعمّ في المؤسسات التربوية.
وشرح الأستاذ بن ساعد أهم محطات سير العملية التربوية التي تقوم عليها المدرسة إدارياً ومالياً، وبيداغوجياً التقسيمات التي رأت إدارة المدرسة وضعها كآلية مرنة لسير العملية التعليمة في هذه المؤسسة الفتية، وأضاف الأستاذ التهامي بن ساعد، بأنّ رسالة المدرسة “تتمثل في تأمين البيئة الخصبة لتجسيد مقومات التربية الرشيدة وتحقيق أفضل السبل للتعليم الناجح وفقا للمناهج الرسمية المعتمدة”، كما أشار إلى مجهودات القائمين والمساهمين في إنجاح هذا المشروع التربوي والتعليمي والمتمثل في الفريق التربوي للمؤسسة الذي يسعى لتربية التلميذ المسلم المتمسك بهويته وصاحب رسالة قوية يزينها العلم السليم والخلق القويم.
ويضيف رئيس المكتب الولائي، برج بوعريريج، أن المؤسسة التربوية التي تحمل شعار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تسعى إلى ترسيخ قيم قل وجودها في هذا العصر قائلا: “من خلال هذه المدرسة نرفع شعار التربية قبل التعليم والتزود بالعلم وتجسيده عمليا، فعلم قليل مع عمل كثير، كما نهدف من خلال مدرسة التربية والتعليم تأمين المقومات الروحية والفكرية والجسدية والسلوكية للتلميذ”، وتابع الأستاذ التهامي بن ساعد حديثه أنّ مدرسة التربية والتعليم عبد الرحمن شيبان تساهم كذلك في الاعتناء والاهتمام بالمواهب الخاصة وذلك من خلال مراعاة الفوارق والقدرات الفردية لتلاميذ المدرسة.
وأشار الاستاذ بن ساعد إلى الظروف الاستثنائية خلال السنة الدراسية 2020م/2021م بأنَّ مدرسة التربية والتعليم عبد الرحمن شيبان قد طبقت البروتوكول الصحي الذي أعلنت عنه وزارة التربية والتعليم والذي كان نفسه البروتوكول المعمول به بالمؤسسة من تعقيم واحترام التباعد الجسدي، وضمان صحة الأساتذة، كما أشار إلى أن أقسام مدرسة التربية والتعليم عبد الرحمن شيبان لا يتجاوز عدد التلاميذ فيها عشرين تلميذا وهذا حتى في الظروف العادية.
وفي نفس السياق تسعى المدرسة إلى توفير كل الوسائل لضمان نجاح الموسم الدراسي من أقسام نموذجية مميزة ومخابر ومكتبة ومساحات للترفيه والتسلية، وقاعة للصلاة وأخرى للرياضة البدنية، وقاعة خاصة بالإعلام الآلي، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى التي توفرها المدرسة للمتمدرسين كالإطعام وتأمين النقل والفحص الطبي والرعاية النفسية.
في نفس السياق ذكر الأستاذموسى صالحي مدير المرحلة الابتدائية أن مدرسة التربية والتعليم عبد الرحمن شيبان الوحيدة التي استكملت كل المناهج الدراسية ، قائلا: “في مدرسة عبد الرحمان شيبان جسدنا برنامجا تكميليا للعام الفارط لاستكمال الموسم الدراسي السابق وبداية الموسم الجديد في مدة قدرت بأربعين يوما، ونسبة تقديم الدروس للموسم الجديد كانت مئة بالمائة”
وأضاف أنّ الفريق التربوي والتعليمي بمجمع عبد الرحمن شيبان التابع لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين اجتهد في تجسيد الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا، قبل أن يُصدر البروتوكول الصحي من وزارة التربية والتعليم مما ساهم في إنجاح الموسم الدراسي 2020م2021م.
كما أشار، إلى أن مؤسسة التربية والتعليم تساهم في تكوين الأساتذة حيث تم تكوينهم شهرا كاملا خلال الصائفة الماضية وذلك تحضيرا للموسم الدراسي 2020م/2021م، مؤكداً أنّ الفريق التربوي والتعليمي في المدرسة أغلبهم من الشباب المتحصلين على شهادة الدكتوراه وعلى شهادة الماستر كأدنى مستوى.
وقال الأستاذ موسى صالحي. أنّه بالإضافة إلى البرنامج الرسمي فإنّ مدرسة التربية والتعليم عبد الرحمن شيبان جسدت برنامجها التكميلي، وذلك من خلال تخصيص ورشات لتعليم اللغات الأجنبية كاللغة الفرنسية واللغة الانجليزية لصالح الأقسام التحضيرية إلى غاية السنة الخامسة، بالإضافة إلى برنامج خاص للتعليم القرآني، وورشة خاصة بالحساب الذهني «السوروبان»، ناهيك عن الأنشطة الترفيهية كالرحلات والمسرح.
في السياق ذاتية تحدث الأستاذ عبد الكريم طالبي. مدير المرحلة المتوسطة عن تقييم السنة الدراسية 2021/2022 الذي ذكر أنه أنّ المرحلة استقبلت حوالي 89 تلميذا، أغلبهم متفوقون ما بين ملاحظة امتياز وتهنئة ولوحة شرف، أما الذين أخفقوا (معدلات أقل من 10) فهم قليلون جدا، وأضاف الأستاذ أن العمل الذي نريده في هذه المؤسسة فهو عمل قائم على الرسالية والبناء، فالهدف الأسمى هو تخريج جيل من أبناء الجزائر مرتبط بثقافته الأصيلة ومبادئ دينه الحنيف، ومواكب للعصر ومتطلباته، وقال الأستاذ طالبي أنّ الهيكل الإداري في المؤسسة سطّر استراتيجية واضحة وهي جعل أولياء الأمور جزءاً من العملية التعليمية، وهذا كان ملموساً أثناء جائحة كورونة، حيث تمّ التواصل اليومي مع التلاميذ عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، واستطعنا أن ننهي البرنامج في الوقت المحدد.
بعد جلسات حوارية مع إدارة المدرسة قمنا بزيارة لأقسام الطورين الإبتدائي والمتوسط، وتابعنا سير العملية التعليمية من خلال العلاقة بين التلاميذ ومدرسيهم، ولاحظنا الجو المفعم بالحيوية والنشاط، حيث لا يزيد عدد الأطفال في القسم الواحد عن 10 تلاميذ، وهو ما يجعل المعلم في تواصل مستمر وفعّال مع تلاميذه، وهي حقيقة تعليمية ملاحظة كثيراً في التعليم الخاص عكس التعليم العام الذي يفتقد لهذه الخصوصية، وإلى جانب التعليم الذي يخضع لهذه الخصوصية، تقوم المدرسة بتقديم جملة من النشاطات الثقافية والرياضية تدفع التلاميذ إلى التحفيز والمزيد من الارتباط بالمؤسسة، وهو ما لاحظناه جلياً في الأقسام التي وقفنا فيها على سير العملية التعليمية.
بعد صلاة الظهر التي تقام في المدرسة ويشهدها جميع التلاميذ ذكوراً وإناثاً، اتجهنا بمعية فضيلة الشيخ تهامي بن ساعد إلى مطعم المدرسة، وتناولنا الغداء مع التلاميذ، زرنا بعض المرافق الثقافية والرياضية داخل المؤسسة وشاركنا التلاميذ بعضها، فكان يوماً بالغ الأهمية بالنسبة لنا، وبالنسبة لتلاميذ المؤسسة الذين قابلونا بفرح شديد وتجاوبوا معنا تجاوبا رائعاً، فشكراً لهذه المؤسسة وللقائمين عليها على إتاحة الفرصة لنا للإطلاع المباشر على سير العملية التربوية والتعليمية، وفي آخر اليوم قفلنا راجعين إلى العاصمة مقر جريدتنا لننقل لقرائنا الكرام تفاصيل هذه التجربة .