متابعات وتغطيات

موعد آخر مع الذاكرة والذكرى الملتقى الدولي حول أصدقاء الثورة الجزائرية

سعدي بزيان/

 

تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون نظمت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق وفي إطار الاحتفال بالذكرى الستين لعيد الاستقلال وتحت شعار: تاريخ مجيد عهد جديد وبالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج تم تنظيم الملتقى الدولي حول الثورة الجزائرية موطن إشعاع للقيم الانسانية وجسر للصداقة بين الأمم تكريما لأصدقاء الثورة الجزائرية من مختلف الجنسيات في العالم الذين دعموا ثورتنا في معركة التحرير

 

كانت لي فرصة حضور هذا الملتقى الدولي بدعوة من وزارة المجاهدين تقديرا لما كتبته في هذا الموضوع وقد تم هذا الملتقى في فندق الأوراسي يومي 17/18 مايو 2022 وافتتحه رئيس الوزراء وبحضور وزير المجاهدين وشخصيات حكومية وإطارات سامية من الجيش الوطني ورجال الإعلام.
وكان لي الشرف أن أكون اول كاتب جزائري يصدر كتابا كاملا عن دعم الفرنسيين الأحرار ومعهم شخصيات بلجيكية وسويسرية وألمانية كما تحدثت عن شبكة فرانسيس جانسون لدعم اتحادية فرنسا لجبهة التحرير ومعه كوكبة من الرجال والنساء وظلت هذه الشبكة تعمل في سرية تامة في مختلف المجالات ولعل أبرزها نقل أموال اشتراكات عمالنا في فرنسا وبلجيكا وألمانيا وسويسرا إلى الحساب الخارجي بجبهة التحرير في سويسرا وعندما تم إلقاء القبض على هذه الشبكة في سنة 1960 بعد 3 سنوات من العمل المتواصل شمل إيواء مناضلي جبهة التحرير في فرنسا وتهريب آخرين خارج التراب الفرنسي، كلف المناضل المرحوم عربي داوود الذي كان رئيسا لاتحادية فرنسا لجبهة التحرير المناضل في سبيل القضايا العادلة هنري كوريال الشيوعي المصري البرجوازي من أصل يهودي الذي خلف وراءه في مصر ثروة وعيشا رغدا ووضع نفسه في خدمة الثورة الجزائرية وهو من استطاع وحرمه روزات نقل اموال جبهة التحرير من فرنسا إلى سويسرا بحكم خبرته في الأمور المالية، إذ اكتسب خبرة من والده الذي كان يدير مصرفا في القاهرة وعندما اعتقل هنري كوريال ووجد نفسه في سجن فران جنوب باريس وقد تبرع وهو في السجن بتدريس الاستعمار الفرنسي في الجزائر وللسجناء من المناضلين الجزائريين وقيل عنه أنه كان يصوم مع الصائمين من السجناء الجزائريين تقديرا لهم، ومن مأساة هذا الرجل أنه بعد انتهاء ثورة الجزائر حاول المساهمة بالتنسيق مع قادة الثورة الفلسطينية للعمل على إيجاد حل سليم للقضية الفلسطينة على أساس إقامة دول فلسطينية عاصمتها القدس ودفع بسبب هذا الموقف حياته إذ تم اغتياله في 1978 أمام مسكنه بالدائرة الخامسة من باريس بالقرب من مسجد باريس وقد قامت البلدية بوضع لوحة تذكارية أمام منزله تخليدا له، ولي صورة تذكارية امام اللوحة.
وتحت شعار الثورة الجزائرية موطن إشعاع للقيم الانسانية وجسر للصادقة بين الأمم وهو شعار يدعم خصوصية الثورة الجزائرية وجعلها موضوع استقطاب حيث آزرها أناس من مختلف الممل والديانات وحتى الملحدين وذلك بفضل بعدها الانساني الذي يسمو فوق كل الاعتبارات الدينية والوطنية والإقليمية.
بعد مرور 60 سنة على استقلال الجزائر ووجود آلاف من المؤرخين والباحثين في ثورة نوفمبر 1954 لا نجد كتابا واحدا لكاتب جزائري يؤرخ لهؤلاء الناس ويخلدهم، وهم جزء من ذاكرتنا الوطنية ونحن ولله الحمد خصصنا يوما وطنيا للذاكرة في 5 مايو من كل عام، وأعتقد أنه من حقي وأنا من المهتمين بالذاكرة منذ عدة سنوات وكتبت في هذا الموضوع أن اقول رأيي في الملتقى الدولي حول أصدقاء الثورة الجزائرية الذي انعقد مؤخرا في الجزائر
أولا:
أننا اهملنا الحديث عن فرنسيس جانسون اول مؤسس لشبكة تحم اسمه لدعم اتحادية فرنسا لجبهة التحرير ولم نذكر جاك شاربي صديق جانسون ومؤلف كتاب عن شبكته وكتابه صدرت له طبعتان طبعة في باريس وطبعة لدى مؤسسة الشهاب في الجزائر، ولم نتحدث عن هنري علاق الذي ألقي عليه القبض وعذب عذابا شديدا في حين قتل زميله في الحزب موريس أودان، وقد كتبت عنه دراسة في مجلة اول نوفمبر الصادرة عن الأمانة الوطنية للمجاهدين.

حضور الإخوة العرب كان محتشما
فمصر بثقلها كانت ممثلة من شريف شرين نبيل توفيق التي قدمت مداخلة بعنوان: الثورة الجزائرية وإذاعة صوت العرب ومن تونس حبيب حسين اللولب الذي قدم مداخلة بعنوان: شخصيات تونسية والثورة الجزائرية: حافظ إبراهيم وحسين التريكي والعابد بوحافة، والمنجي سليم سفراء للثورة في الخارج، وحسب سيرته الذاتية، فإن حبيب حسين له عدة أعمال لها صلة بالجزائر.
الطلبة الجزائريون بالبلاد التونسية 1876-1962
الدبلوماسية التونسية والثورة الجزائرية
التونسيون والثورة الجزائرية 1954-1962 في 3 أجزاء
ومع الأسف الشديد فإن هذه الكتب كان ينبغي أن توزع في الجزائر أو يعاد طبعها وترجمتها وإصدارها في الجزائر
وينبغي ان أشير إلى أن الدعم العربي للثورة الجزائرية ما زال مغيبا لولا بعض الجهود للدكتور سعدي عثمان حول الثورة الجزائرية في الشعر العربي.
وكتاب الدعم العربي للثورة الجزائرية الذي صدر عن منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 54 والذي كان عبارة عن مشورع برئاسة الأستاذ الدكتور عمار بن سلطان ومصطفى نويصر وصالح لميش وحاج موسى بن عمر اما عن دعم الشعب الليبي وحكومته فحدث ولا حرج وقد لخصه المجاهد المرحوم إبراهيم المشريقي في كتابه قصتي مع ثورة المليون شهيد والذي قدم له الكاتب المجاهد محمد الصالح الصديق الذي عاش وناضل في سبيل الدفاع عن ثورة الجزائر في المملكة الليبية وألف حولها وحول جهادها كتابا كاملا.
وكان إبراهيم المشيرقي أمة في رجل ورجلا في أمة وهب حياته وماله في سبيل نصرة الثورة الجزائرية بل وفي قضية الجزائر من نشأة الحركة الوطنية الجزائرية وكانت تربطه علاقات حميمة بمصالي والإبراهيمي وبن بلة ومحمد الصالح الصديق وكان فندقه مأوى لقادة الثورة ورحلاته كرجل أعمال كان بمثابة سفير غير معتمد للثورة الجزائرية في رحلاته عبر العالم.
وفي الأخير أتمنى أن تنشر أعمال هذا الملتقى الدولي حول الثورة الجزائرية ليعلم الشباب الجزائري حاليا ومستقبلا إلى أي مدى استطاعت الثورة الجزائرية أن تستقطب حولها احرار العالم من مختلف الجنسيات والديانات والعقائد فكان هؤلاء خير عون لنا في ساعة المحنة فمن الأسف أن الجيل الذي خاض معنا المعركة جله أو هو أول في حالة الشيخوخة ولا نملك إحصائيات حول عددهم هذا بالنسبة لفرنسا، وبلجيكا وألمانيا وسويرا فما بالك بالموزعين عبر القارات، وقد استطعت في كتابي فرنسيون احرار في ثورة نوفمبر 1954، أن أسلط الضوء على العديد من هؤلاء وخاصة في فرنسا، وقد قدم لنا جاك شاربي نماذج من شخصيات بلجيكية وألمانية وسويسرية ناصرت الثورة الجزائرية في حين لا نعرف شيئا عن دور أوروبا الشمالية في هذا المجال وخاصة السويد التي قدمت مساعدات للاجئين الجزائريين في تونس والمغرب وأذكر ذلك جيدا عندما كنت طالبا في تونس 1956-1957-1958 ووفقنا الله إلى ما فيه خير للوطن والمواطن.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com