في رحاب الإعلام بجامعة مسيلة وصفحات التاريخ ببوسعادة
باريس/سعدي بزيان/
لم يكن في برنامجي بعد عودتي من رحلتي لبني ورثيلان لإحياء ذكرى المناضل والداعية الشيخ الفضيل الورتيلاني رحمه، القيام بأية رحلة خارج العاصمة إلا بعد نهاية شهر رمضان المعظم إلا أن الزميل والإعلامي الكبير محمد يعقوبي أبى إلا أن أرافقه في رحلة إلى جامعة بوضياف في مسيلة رفقة د. عبد العزيز بوباكير الصحافي والأستاذ الجامعي وذلك لحضور ندوة إعلامية أو اللقاء الإعلامي الذي نظمه مدير المخبر في جامعة بوضياف في قاعة عبد المجيد علاهم بحضور رئيس الجامعة وعميد الكلية ومدير المخبر الصديق د. محمد دحماني مع قامات إعلامية والحديث عن تجربتهم الإعلامية لطلبة كلية الإعلام في جامعة محمد بوضياف
وكانت فرصة قيمة لطلبة كلية الإعلام الاستماع إلى تجارب إعلامية لإعلاميين لهم مشوار طويل مع الكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية وقد استمع طلبة كلية الإعلام مطولا فعلا للإعلامي ومدير جريدة ومجلة الحوار الأستاذ محمد يعقوبي وحديثه عن تجربته الإعلامية الطويلة كرئيس تحرير بجريدة الشروق ورحلته الإعلامية مع جريدة الحوار ومجلة الحوار فطال وصال في الحديث عن تجربته الإعلامية التي ما تزال متواصلة ثم تلاه د. بوباكير عبد العزيز الإعلامي والأستاذ الجامعي وكاتب سير القادة والمسؤولين وهو من حرر الجزء الأول والثالث من مذكرات الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وشاركت في المداخلة الإعلامية وهيبة عماري في هذا اللقاء بمداخلة وكان آخر المتحدثين في هذا اللقاء هو صاحب هذه الصفحات: سعدي بزيان الذي تحدث إلى الطلبة عن بداية تجربته الإعلامية في جريدة الشعب وهو أقدم إعلامي جزائري في الصحافة المعربة وقد لقبه زملاؤه الإعلاميون بـ «عميد الصحافيين الجزائريين في المهجر وقد أشرت إلى ضرورة التخصص الإعلامي في الجزائر وهو مجال مع الأسف مفقود تماما رغم مرور 60 سنة من الاستقلال وهو موضوع لم يتطرق إليه زملائي ومن خلال مسيرتي الإعلامية الطويلة لاحظت تقصيرا كبيرا من طرف الإعلاميين في الإعلام الجزائري عموما في حين نجد أن إخواننا الإعلاميين العرب يتوفرون على متخصصين في عدة مجالات وقد انفرد بالتخصص في الهجرة والإسلام في الغرب، وله كتب في هذا المجال بالإضافة إلى عدة دراسات ومحاضرات ومشاركة في برامج حول الإسلام في الغرب، وبرامج حول الذاكرة خاصة ما يتعلق بدور الطبقة العاملة الجزائرية في المهجر في الحركة الوطنية وثورة نوفمبر 1954، المهم كان اللقاء الإعلامي في جامعة بوضياف ناجحا وتم تكريم كاتب هذه السطور تقديرا لمساهمته في إنجاح اللقاء الإعلامي الذي تم انعقاده في جامعة محمد بوضياف
إلى بوسعادة وقضاء ليلة في أجمل فنادقها وزيارة منزل الحاج ناصر الدين ديني ومتحفه وجولة ثقافية في المدينة
بعد انتهاء اللقاء توجهت صحبة الزميل د. بوباكير عبد العزيز إلى بوسعادة حيث قضينا ليلة في فندق الجزائر وهو امتداد لفندق الجزائر في الجزائر العاصمة، وكانت لنا فرصة القيام بزيارة منزل ومتحف إتيان ديني 1861-1924 برفقة دليل المتحف، وقد استمتعنا بمشاهدة لوحاته الرائعة التي استوحاها من بيئة صحراوية وبالخصوص في بوسعادة التي استولت على قلبه فآثر العيش والبقاء فيها بل أوصى بدفنه فيها وكان له ما أراد ولعل من غرائب الصدف ان يصدر مؤخرا كتاب حياة إتيان ديني في باريس بقلم صديقنا د. الطيب بودربالة وهو دكتور في الآداب والعلوم الانسانية من جامعة السوربون الثالثة وباللغة العربية في سلسلة 100 كتاب وكتاب، ضمن مشورع ثقافي عربي بمشاركة 60 كاتبا ومفكرا عربيا و40 كاتبا فرنسيا وبدعم من معهد العالم العربي بباريس وجائزة الملك فيصل السعودية .
د. بودربالة يقدم لنا لمحة عن سيرة ومسيرة إتيان ديني، ولد في باريس من عائلة كاثوليكية تمتهن المحاماة وتلقى تعليمه الثانوية بثانوية هنري الرابع الشهيرة بباريس وحصل على البكالوريا 1879 والتحق بمدرسة الفنون الجميلة بباريس 1881 قام بأول رحلة إلى الجزائر 1884 ثم توالت رحلاته فانبهر بالجنوب الجزائري والصحراء بالخصوص، فخلدها في روائع إبداعاته الفنية والأدبية استقر سنة 1904 بمدينة وبسعادة بالحي العربي وخلدها في روائعه العالمية بفضل الخطيب سليمان بن ابراهيم الذي ادمجه في العمق الحضاري الجزائري، وأديا فريضة الحج معا.
اعتنق الإسلام سنة 1913، وسمى نفسه ناصر الدين ديني وقد كرس حياته بعد ذلك للدفاع عن الإسلام والمسلمين بالريشة والقلم في مواجهة غلاة الإستعمار والاستشراق ودافع دفاعا مستميتا عن المجندين الجزائريين الذين طالهم الظلم الاستعماري خلال الحرب العالمية الأولى وقدم إليهم سنة 1918 كتابه حول السيرة النبوية الشريفة باللغة الفرنسية حياة محمد رسول الله وقد خلد رحلته إلى الحج سنة 1929 بكتابه الحج إلى بيت الله الحرام.
توفي في باريس في 12 جانفي 1930 خلال مراسيم تأبينية مهيبة حضرها آلاف من الناس وللعلم فإنه كذلك قد حضر افتتاح جامع باريس في 15 جويلية 1926 وكان من المساعدين على بنائه، فإتيان ديني كما وصفه صديقنا بودربالة مبدع متعدد المواهب والقدرات فهو رسام وأديب ومفكر وسياسي وأنتربولوجي في الوقت ذاته.
إتيان ديني مدين بكل شيء إلى صديقه سليمان بن براهيم باعمر الذي وضعته العناية الإلهية في طريقه وقد تعرف على صديقه سليمان سنة 1888 ومن أراد التعرف أكثر على هذه العلاقة فعليه بقراءة كتاب د. الطيب بودربالة ولو أنه غير متوفر في السوق ولا في المكتبات فهو موجود في مكتبة معهد العالم العربي في باريس.